الشهيد والشهادة – الشهداء درجات ومراتب
23 أبريل,2024
الشهداء صناع الحياة
287 زيارة
كما أن الإيمان درجات، وأصحاب الجنة درجات، وأهل النار درجات، كذلك التضحية بالأموال درجات، والتضحية بالأنفس درجات، والشهادة التي هي أم التضحيات، وأشرف الطاعات، وأهم العبادات، وأفضل الدرجات، وأقصى غاية الجود… هي الأخرى منازل ودرجات متفاوتة.
فالذي يبحث عن الشهادة فيستشهد، ليس كالذي تبحث الشهادة عنه، فينال منازل الشهداء. كلاهما شهادة في الإسلام، ما دامت في سبيل اللَّه تعالى، حيث تنتظرهم جنة الخلد، والحور العين، ولكن لا يستويان عند اللَّه تعالى في منازلهم.
هذا المعنى أشار إليه سماحة القائد دام ظله:
“… فشهداء هرمزكان (بلدة في إيران)، فضلاً عن أنهم أعزاء علينا كسائر شهداء البلاد، فإن لهم منقبة أخرى حيث أن الكثيرين منهم استشهدوا في البحر، وإن شهداء البحر في رواياتنا لهم أجر مضاعف.
ولعلَّ السبب في ذلك هو أن كل شهيد يخاطر بروحه ويعرض نفسه للهلاك ابتغاء وجه اللَّه. فليست أهمية الشهادة في التضحية بالنفس، بل إن أهميتها تنبع من أن الشهيد يعرض نفسه للخطر، أي أن فعله هو الذي تترتب عليه قيمة الشهادة، فكلما كانت الساحة التي يقدم فيها الشهيد على الموت أشد خوفاً وأكثر خطراً كلّما تسامت منزلة الشهيد وارتفع قدر الشهادة.
ولنفرض مثلاً أن مقاتلاً يتحصّن في أحد الخنادق فتأتيه رصاصة فيموت شهيداً، فهو شهيد بالتأكيد وبلا شك، ولكنه أحياناً يدخل مرحلة أشد خطراً كالقتال في البحر، فتكون الشهادة حينئذ أجلّ قدراً ومنزلة، لماذا؟ لأنه ابتاع خطر البحر بنفسه، وإن مشاهدة هيبة البحر العظيمة والذهاب للقاء اللَّه، ولا سيما في تلك الليالي الموحشة، وأحياناً في شدّة البرد أو شدّة الحر، مع تكالب قوّات العدو، كلها من الأمور التي تعلو بمنزلة الشهيد وتضاعف أجره…” قال اللَّه تعالى:
“ولكلٍّ درجات مما عملوا، وليوفيهم أعمالهم، وهم لا يظلمون””2.
وعن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم انه قال:
“خير الناس، رجل حبس نفسه في سبيل اللَّه، يجاهد أعداءه، يلتمس الموت أو القتل في مصافه”3.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم:
“غزوة في البحر، خيرٌ من عشر غزوات في البر، ومن أجاز في البحر فكأنما أجاز الأودية كلّها، والمائد فيه، كالمتشحط في دمه”4.
2- الأحقاف:19.
3- مستدرك الوسائل، ميرزا حسين نوري الطبرسي، ج2، ص244.
4- موسوعة الشهيد، مكي قاسم البغدادي، ج1، ص359.
ويضيف القائد دام ظله:
“… في صدر الإسلام استشهد الكثيرون، وكلهم شهداء طبعاً، استشهدوا في ميادين الحرب، وإلى جانب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولهم منزلتهم الرفيعة عند اللَّه تعالى. وكانوا يدفنون من غير غُسل ولا كفن، لكن حمزة سيد الشهداء كان له وضع آخر وكذا الحال بالنسبة لعمار بن ياسر ومالك الأشتر في عهد أمير المؤمنين عليه السلام.
وما أريد قوله هو أن الشهداء وإن كانوا بأجمعهم أعزاء وكبار، وأنهم أقدموا على هذا العمل الكبير وهو بذل النفس في سبيل أهداف الإسلام وقيمه واستقلال الدولة، إلا أن مراتبهم في الوقت نفسه متفاوتة…”.
يقول رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم بشأن أفضل الشهداء:
“أفضل الشهداء الذين يقاتلون في الصف الأول، فلا يلفتون وجوههم، حتى يقتلوا، أولئك يتلبَّطون في الغُرف العُلى من الجنّة…”5.
والإمام علي عليه السلام يشير إلى اختلاف فضل الشهداء, في كتابه إلى معاوية:
“ألا ترى غير مخبر لك، ولكن بنعمة اللَّه أحدِّث أن قوماً استشهدوا في سبيل اللَّه تعالى من المهاجرين
5- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، مج5، ص2013، ح9811، الناشر دار الحديث، ط2001 1.
والأنصار، ولكلِّ فضلٌ، حتى إذا استشهد شهيدنا6 قيل: سيدا لشهداء وخصه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بسبعين تكبيرة عند صلاته عليه”7.
2024-04-23