الرئيسية / المرأة في الإسلام / المرأة مع النبي (صلى الله عليه واله) في حياته وشريعته – الشهيدة بنت الهدى

المرأة مع النبي (صلى الله عليه واله) في حياته وشريعته – الشهيدة بنت الهدى

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) النساء / 21.
صدق الله العظيم.
إن الإسلام هو الدين الوحيد الذي أعطى المرأة حقوقا ومزايا لم يعطها من قبله ولا من بعده تشريع أو نظام أيا كان هذا التشريع أو النظام. فمهما بلغت معرفة المخلوق فهي ناقصة أمام علم الخالق الذي جعل الرجل والمرأة من نفس واحدة وميزهما بخصائص – لا تعد نقصا في جانب دون جانب – يترتب عليها واجبات والتزامات ليست من باب المفاضلة ولكنها من قبيل الشيء يتمم

(٥)

بعضه ويحتاج إليه، وفي ذلك حكمة من الله سبحانه وتعالى لإعمار هذا الكون، وإذا كان هناك مجال للتفضيل فقد بينه الإسلام في القرآن الكريم في كثير من آياته منها قوله تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) الحجرات / 13.
والسنة النبوية الشريفة خير دليل وأوضح برهان في معاملة الرجل للمرأة، والرسول الكريم الذي يتجسد فيه الإسلام هو القدوة الصالحة لنا جميعا حيث مارس الحياة مع المرأة زوجا وأبا وهو الذي يقول: ما أكرم النساء إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم.
ولا أريد أن أطيل في الكلام بل أترك للقارئ الكريم فرصة للاطلاع على ما كتبته الكاتبة الإسلامية الشهيدة السعيدة والسيدة الفاضلة آمنة الصدر بنت الهدى عن المرأة في حياة النبي وشريعته ليحكم بنفسه بأن الإسلام هو الذي أنصف المرأة ورفع مكانتها ويكشف زيف المتشدقين من أصحاب النوايا السيئة الذين يتباكون على حقوق المرأة متهمين الإسلام بشأنها ليغرروا بها

(٦)

ويجعلوها متعة وأداة عمل وآلة انتاج تحت شعارات العلم والتقدم ويجردوها من كل القيم والمثل التي ميزها بها الإسلام الحنيف.
فالله نسأل أن يسدد خطانا، ويوفقنا للسير على نهج النبي والأئمة عليهم السلام في كل مجالات حياتنا هو مولانا عليه توكلنا وإليه المصير.
الدار الإسلامية

(٧)

نساء في حياة النبي كان عصر الظلام، وإن كان لها عصر النور، وكان عصر الجهل، وإن كانت فيه أعرف ما تكون. كان عصر الوحشية البغيضة ولكنها كانت مثالا للإنسانية الكاملة. فهي عقيلة خيرة شباب عصره عبد الله بن عبد المطلب، ومن الذي ينكر عبد الله أو ينكر من فضله شيئا، وهو حلم عذارى قريش ومرمى آمال الفتيات، وقد تخيرها هي دون سواها لتكون له زوجا ولنسله أما، فمن أجدر من آمنة بنت وهب وهي المنحدرة من أعرق الأسر، والمتقلبة في أعز أحضان، أن تحتل هذه المكانة الفذة.
نعم كانت صاحبتنا هذه هي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب، وقد جلست إلى ظل شجرة وارفة الظلال لتستعيد ذكرى أيام عذاب وسويعات هناء وصفاء، وتنصت إلى صدى الزمن

(٩)

الفائت، وهو يتردد في أعماقها كأروع ما يكون الصدى، وتستمد من ذكرى حبيبها الغائب رصيدا من الشجاعة يساعدها على مر الفراق، فأنى لها الآن بذلك الزوج البار الذي فارقته مرغمة وفارقها مرغما أيضا، وما أحوجها إليه في أيامها هذه التي توشك أن تستقبل فيها قادما جديدا ووليدا عزيزا… ما أحوجها إلى ذلك الحبيب الغائب ليهدهدها بحنانه ويشاركها آمالها وأمانيها وينتظر معها ابنهما البكر، فها هي تكاد تستمع إلى دقات قلب جنينها الغالي وهي سعيدة لذلك لولا سحابة من ألم ظللت سعادتها لبعد الأب الحبيب ولكنها تعود لتقول عسى أن يكون اللقاء قريبا، وهي تأمل أن يصلها خبر قدوم الغائب المنتظر في غضون هذه الأيام.
فعبد الله كما لا تشك آمنة لحظة سوف لا يألو جهدا في الإسراع بالرجوع، وسوف يبذل كل محاولة ممكنة لإنجاز مهمته في أسرع وقت، وقد خلف وراءه في مكة زوجة عروسا تحمل له في أحشائها جنينا وتضم له في قلبها حبا وحنينا، ولهذا فلا تشك آمنة في رغبة زوجها بالأوبة السريعة وفي أنه لن يماطل في سفره ولن يتقاعد عن اللحوق بأهله سريعا مهما طاب له المقام في الخارج،

(١٠)

فهي لا تنسى أبدا ساعة إذ أقبل إليها مودعا، وقد أوشكت القافلة على المسير.
وهي لا تنسى أبدا أيضا تلك الخطوط العريضة الواضحة من الحب والعطف، وهي مرسومة على وجهه المشرق المضئ، ولا تنسى أبدا كيف أنه مكث معها، وكأنه لا يريد أن ينصرف، أو كأنه لا يتمكن من الانصراف حتى أنتزعه إخوته من أمامها انتزاعا، وهم يهونون عليه مدة البعد، ويمزحون معه ويتضاحكون وهي لا تنسى أيضا كيف أنه كان يلتفت نحوها، وهو سائر إلى حيث تنتظره العير.
وفي كل لفتة من لفتاته كانت تقرأ معنى من معاني الحب حين يلتهب، ويشد إنسانا إلى إنسان. كان زوجها المسافر يحس بأنه مخلف وراءه شيئا لم يسبق لغيره من المسافرين أن خلف مثله…
وكان يشعر أن آمنة وهي تحمل له جنينه الغالي، قد بدت لعينيه في تلك اللمحات داخل إطار من نور مقدس، ووسط هالة من الإشعاع السماوي، ولكنه كان مضطرا إلى السفر فسافر وهو على أمل لقاء قريب.

(١١)

شاهد أيضاً

آية الله العظمى جعفر السبحاني يدعو إلى مساعدة الشعب اللبناني

أدان آية الله جعفر السبحاني العدوان الصهيوني الاخير على لبنان ودعا إلى الإسراع في مساعدة ...