صفات الشيعة – الشيخ الصدوق
10 ساعات مضت
كلامكم نور
10 زيارة
حدثني محمد بن الحسن، قال حدثنا علي بن حسان الواسطي، عن عمه عبد الرحمان بن كثير الهاشمي عن جعفر بن محمد عن أبيه (عليه السلام) قال قام من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) يقال له همام – وكان عابدا فقال له يا أمير المؤمنين صف لي المتقين حتى كأني انظر إليهم فتثاقل أمير المؤمنين
(١٨)
صلوات الله عليه في جوابه ثم قال (عليه السلام) ويحك يا همام اتق وأحسن فان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون
فقال همام يا أمير المؤمنين أسألك بالذي أكرمك وبما خصك به وحباك وفضلك بما أنالك وأعطاك لما وصفتهم لي فقام أمير المؤمنين صلوات الله عليه قائما على قدميه فحمد الله وأثنى عليه وصلى على وآله وسلم ثم قال
أما بعد فان الله عز وجل خلق الخلق حيث خلقهم غنيا عن طاعتهم آمنا من معصيتهم لأنه لا تضره معصية من عصاه منهم ولا تنفعه طاعة إطاعة وقسم بينهم معايشهم، ووضعهم من الدنيا مواضعهم وإنما اهبط الله آدم وحواء من الجنة عقوبة لما صنعا حيث نهاهما فخالفاه وأمرهما فعصياه،
فالمتقون فيها أهل الفضائل منطقهم الصواب،
وملبسهم الاقتصاد،
ومشيهم التواضع:
خضعوا لله بالطاعة فبهتوا غاضين أبصارهم عما حرم الله عليهم،
واقفين اسماعهم على العلم النافع لهم، نزلت
(١٩)
أنفسهم منهم في البلاء كالذي نزلت بهم في الرخاء رضا منهم عن الله بالقضاء
ولولا الآجال التي كتب الله عليهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقا إلى الثواب،
وخوفا من العقاب،
عظم الخالق في أنفسهم،
وصغر ما دونه في أعينهم فهم والجنة كمن قدر آها فهم منعمون،
وهم والنار كمن قدر آها فهم فيها معذبون،
قلوبهم محزونة،
وشرورهم مأمونة وأجسادهم نحيفة وحوائجهم خفيفة،
وأنفسهم عفيفة ومؤنتهم من عظيمه،
صبروا أياما قليلة قصارا أعقبتهم راحة طويلة بتجارة مربحة يسرها لهم رب كريم،
ارادتهم الدنيا ولم يريدوها وطلبتهم فأعجزوها،
أما الليل فصافون أقدامهم،
تالين لاجزاء القرآن يرتلونه ترتيلا،
يحزنون به أنفسهم ويستبشرون به وتهيج أحزانهم بكاء على ذنوبهم ووجع
(٢٠)
كلوم جوانحهم،
وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها بمسامع قلوبهم وأبصارهم فاقشعرت منها جلودهم،
ووجلت منها قلوبهم، وظنوا أن صهيل جهنم وزفيرها وشهيقها في أصول آذانهم وإذا مروا بأية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا، وتطلعت أنفسهم إليها شوقا،
فظنوا أنها نصب أعينهم،
جاثين على أوساطهم يمجدون جبارا عظيما مفترشين جباههم وأكفهم وأطراف أقدامهم وركبهم تجرى دموعهم على خدودهم يجأرون إلى الله في فكاك رقابهم واما النهار فحلماء علماء بررة أتقياء قد براهم الخوف (برى القداح – خ ل) فهم أمثال القداح،
ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى وبالقوم من مرض،
أو يقول قد خولطوا فقد خالط القوم أمر عظيم،
إذا فكروا في عظمة الله وشدة سلطانه مع يخالطهم من ذكر الموت وأهوال القيامة فزع ذلك قلوبهم و
(٢١)
2025-05-02