الرئيسية / الاسلام والحياة / شرح نهج البلاغة – ابن أبي الحديد – ج ١

شرح نهج البلاغة – ابن أبي الحديد – ج ١

وكان شيخنا أبو القاسم البلخي إذا ذكر عنده عبد الله بن الزبير، يقول: لا خير فيه.
وقال مرة: لا يعجبني صلاته وصومه، وليسا بنافعين له مع قول رسول الله صلى الله عليه وآله لعلى عليه السلام: ” لا يبغضك الا منافق “. وقال أبو عبد الله البصري رحمه الله لما سئل عنه: ما صح عندي انه تاب من يوم الجمل، ولكنه استكثر مما كان عليه.
فهذه هي المذاهب والأقوال، اما الاستدلال عليها فهو مذكور في الكتب الموضوعة لهذا الفن.

(١٠)

القول في نسب أمير المؤمنين علي عليه السلام وذكر لمع يسيرة من فضائله هو أبو الحسن علي بن أبي طالب – واسمه عبد مناف – بن عبد المطلب – واسمه شيبه – بن هاشم – واسمه عمرو – بن عبد مناف بن قصي. الغالب عليه من الكنية عليه السلام أبو الحسن. وكان ابنه الحسن عليه السلام يدعوه في حياه رسول الله صلى الله عليه وآله أبا الحسين، ويدعوه الحسين عليه السلام أبا الحسن، ويدعوان رسول الله صلى الله عليه وآله أباهما، فلما توفى النبي صلى الله عليه وآله (1) دعواه بأبيهما.
وكناه رسول الله صلى الله عليه وآله أبا تراب، وجده نائما في تراب، قد سقط عنه رداؤه، أصاب التراب جسده، فجاء حتى جلس عند رأسه، وأيقظه، وجعل يمسح التراب عن ظهره ويقول له: اجلس، إنما أنت أبو تراب (2). فكانت من أحب كناه إليه صلوات الله عليه، وكان يفرح إذا دعى بها، وكانت ترغب (3) بنو أمية خطباءها
(١) ساقطة من أ (٢) رواية الخبر كما في صحيح البخاري، في كتاب فضائل الصحابة 2: 300، بسنده عن عبد الله ابن مسلمة: ” أن رجلا جاء إلى سهل بن سعد، فقال: هذا فلان – لأمير المدينة – يدعو عليا عند المنبر، قال: فيقول ماذا؟ قال: يقول له: أبو تراب. فضحك، قال: والله ما سماه إلا النبي صلى الله عليه وسلم، وما كان له اسم أحب إليه منه. فاستطعمت الحديث سهلا، وقلت: يا أبا عباس، كيف؟
قال: دخل علي على فاطمة، ثم خرج فاضطجع في المسجد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أين ابن عمك؟
قالت: في المسجد، فخرج إليه فوجد رداءه قد سقط عن ظهره، وخلص التراب إلى ظهره، فجعل يمسح التراب عن ظهره فيقول: اجلس يا أبا تراب، مرتين “. ولهذا الخبر رواية أخرى ذكرها صاحب الرياض النضرة 2: 154 (3) ب: ” فدعت بنو أمية “.
(١١)

أن يسبوه بها على المنابر، وجعلوها نقيصة له ووصمة عليه، فكأنما كسوه بها الحلي والحلل، كما قال الحسن البصري رحمه الله.
وكان اسمه الأول الذي سمته به أمه حيدرة، باسم أبيها أسد بن هاشم – والحيدرة:
الأسد – فغير أبوه اسمه، وسماه عليا.
وقيل: ان حيدره اسم كانت قريش تسميه به. والقول الأول أصح، يدل عليه خبره (1) يوم برز إليه مرحب، وارتجز عليه فقال:
* انا الذي سمتني أمي مرحبا (2) * فأجابه عليه السلام رجزا:
* انا الذي سمتني أمي حيدره (3) * ورجزهما معا مشهور منقول لا حاجه لنا الان إلى ذكره.
وتزعم الشيعة انه خوطب في حياه رسول الله صلى الله عليه وآله بأمير المؤمنين، خاطبه بذلك جلة المهاجرين والأنصار، ولم يثبت ذلك في اخبار المحدثين، الا انهم قد رووا ما يعطى هذا المعنى، وان لم يكن اللفظ بعينه، وهو قول رسول الله صلى الله عليه وآله له:
” أنت يعسوب الدين والمال يعسوب الظلمة “، وفي رواية أخرى: ” هذا يعسوب المؤمنين،
(١) الخبر رواه مسلم مفصلا بسنده عن إياس بن سلمة عن أبيه، في كتاب الجهاد والسير ص 1433 – 1441، في غزوة خيبر (2) رواية مسلم:
قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب إذا الحروب أقبلت تلهب (3) بقيته، كما رواه مسلم: كليث غاب كريه المنظره أوفيهم بالصاع كيل السندرة والسندرة: مكيال واسع.
(١٢)

شاهد أيضاً

علوم القرآن محاضرات القاها حجة الاسلام السيد محمد باقر الحكيم

نزول القرآن الكريم نزول القرآن عن طريق الوحي : تلقى النبي (ص) القرآن الكريم عن ...