محاسبة النفس – الشيخ إبراهيم الكفعمي
يومين مضت
طرائف الحكم
15 زيارة
ويتذكر فارط زلاته، وبالمحاسبة يستطيع الشخص الذي يريد أن يصل إلى أمنيته الشاقة المصعد والمرتقى أن يبقى له رجاء للوصول إليها أو الحوم حولها.
فالمحاسبة لها دور فعال وأساسي في تربية الروح وتصفية القلب، وفضلها لا يكاد ينكره ذو لب، وقد وردت عدة أحاديث عن النبي وآله عليهم السلام في فضلها والتأكيد عليها.
فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه بعث بسرية، فلما رجعوا قال:
مرحبا بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر.
قيل: يا رسول الله وما الجهاد الأكبر؟
قال: جهاد النفس (١).
وعن علي عليه السلام في وصيته عند وفاته، وهي طويلة وفيها:
والله الله في الجهاد للأنفس فهي أعدى العدو، فإنه قال الله تبارك وتعالى:
﴿إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي﴾ (2)، وإن أول المعاصي تصديق النفس والركون إلى الهوى (3).
وعن الباقر عليه السلام أنه قال في وصيته لجابر الجعفي – رضوان الله عليه -:
… إن المؤمن معني بمجاهدة نفسه ليغلبها على هواها، فمرة يقيم أودها ويخالف هواها في محبة الله، ومرة تصرعه نفسه فيتبع هواها، فينعشه الله فينتعش ويقيل الله عثرته فيتذكر، ويفزع إلى التوبة والمخافة فيزداد بصيرة ومعرفة لما زيد فيه من الخوف….، ولا فضلية كالجهاد ولا جهاد كمجاهدة الهوى… (4).
(١) الكافي ٥: ١٢ حديث ٣، معاني الأخبار: ١٦٠، وفيه: وقال عليه السلام:
أفضل الجهاد من جاهد نفسه.
(٢) يوسف ١٢: ٥٣.
(٣) دعائم الاسلام ٢: ٣٥٢ حديث ١٢٩٧.
(٤) تحف العقول: ٢٨٤.
(١٠)
وعن أبي حمزة الثمالي – رضوان الله عليه – أنه قال: كان علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام يقول:
ابن آدم، إنك لا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك، وما كانت المحاسبة لها من همك، وما كان الخوف لك شعارا والحزن لك دثارا، إنك ميت ومبعوث وموقوف بين يدي الله عز وجل، فأعد جوابا (1).
وعن علي عليه السلام أنه قال:
النفس مجبولة على سوء الأدب، والعبد مأمور بملازمة حسن الأدب، والنفس تجري بطبعها في ميدان المخالفة، والعبد يجهد بردها عن سوء المطالبة، فمتى أطلق عنانها فهو شريك في فسادها، ومن أعان نفسه في هوى نفسه فقد أشرك نفسه في قتل نفسه (2).
وروي أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجل اسمه مجاشع، فقال: يا رسول كيف الطريق إلى معرفة الحق؟ فقال عليه السلام:
معرفة النفس.
فقال: يا رسول الله كيف الطريق إلى موافقة الحق؟ قال:
سخط النفس.
فقال: يا رسول الله فكيف الطريق إلى وصل الحق؟ قال:
هجر النفس.
فقال: يا رسول الله فكيف الطريق إلى طاعة الحق؟ قال:
عصيان النفس.
فقال: يا رسول الله فكيف الطريق إلى ذكر الحق؟ قال:
نسيان النفس.
(١) أمالي المفيد: ١١٠.
(٢) مشكاة الأنوار: ٢٤٧.
(١١)
فقال: يا رسول الله فكيف الطريق إلى قرب الحق؟ قال:
التباعد عن النفس.
فقال: يا رسول الله فكيف الطريق إلى أنس الحق؟ قال:
الوحشة من النفس.
فقال: يا رسول الله كيف الطريق إلى ذلك؟ فقال:
الاستعانة بالحق على النفس (1).
وعن الصادق عليه السلام أنه قال:
من ملك نفسه إذا رغب وإذا رهب وإذا اشتهى وإذا غضب، حرم الله جسده على النار (2).
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:
سيأتي على الناس زمان لا ينال الملك فيه إلا بالقتل والتجبر، ولا الغنى إلا بالغصب والبخل، ولا المحبة إلا باستخراج الدين واتباع الهوى، فمن أدرك ذلك الزمان فصبر على الفقر وهو يقدر على الغنى، وصبر على البغضة وهو يقدر على المحبة، وصبر على الذل وهو يقدر على العز، آتاه الله ثواب خمسين صديقا ممن صدق بي (3).
وعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام أنه قال:
إن قدرتم أن لا تعرفوا فافعلوا، وما عليك إن لم يثن الناس عليك، وما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت محمودا عند الله تبارك وتعالى! إن أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول: لا خير في الدنيا إلا لأحد رجلين: رجل يزداد فيها كل يوم إحسانا، ورجل يتدارك منيته بالتوبة، وأني له بالتوبة؟ فوالله أن لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل الله عز وجل منه عملا إلا بولايتنا أهل البيت، ألا ومن عرف
(١) عوالي اللآلي ١: ٢٤٦ حديث ١.
(٢) ثواب الأعمال: ١٩٢.
(٣) الكافي ٢: ٩١ حديث 12.
(١٢)
2025-01-06