وحال بينهم الليل فهرب الضحاك وأصحابه ورجع حجر ومن معه (1).
4 – في عام 40 ه، أرسل معاوية بن أبي سفيان بن أبي أرطأة في ثلاثة آلاف من المقاتلة إلى الحجاز حتى قدموا المدينة، وعامل علي على المدينة يومئذ أبو أيوب الأنصاري، ففر منهم أبو أيوب، وأتى بسر المدينة فصعد المنبر وقال: يا أهل المدينة، والله لولا ما عهد إلي معاوية ما تركت بها محتلما إلا قتلته. ثم مضى بسر إلى اليمن وكان عليها عبيد الله بن عباس عاملا لعلي، فلما بلغه مسيره فر إلى الكوفة حتى أتى عليا، واستخلف عبد الله بن عبد المدان الحارثي على اليمن، فأتاه بسر فقتله وقتل ابنه، ولقي بسر ثقل عبيد الله بن عباس وفيه ابنان له صغيران فذبحهما، وقد قال بعض الناس إنه وجد ابني عبيد الله بن عباس عند رجل من بني كنانة من أهل البادية، فلما أراد قتلهما قال الكناني: علام تقتل هذين ولا ذنب لهما؟ فإن كنت قاتلهما فاقتلني، قال: افعل، فبدأ بالكناني فقتله ثم قتلهما، وقتل في مسيره ذلك جماعة كثيرة من شيعة علي باليمن. ولما أرسل علي جارية بن قداحة في طلبه هرب ” (2).
تلك هي لمحات من أهداف الدولة الأموية وملامحها وأساليبها في الوصول إلى هذه الأهداف. لا فارق بين معاوية وصدام حسين وهتلر. الغاية عند كل هؤلاء، تبرر الوسيلة، بل ونزعم أن ابن آكلة الأكباد، على قرب بالنبوة، أشد وزرا من صدام حسين الذي قتل
(1) تاريخ الأمم والملوك لابن جرير الطبري، 4 / 104.
(2) المصدر نفسه، 4 / 107.
(٢٢)
النساء واستخدم السلام الكيماوي في قتل الأبرياء، فصدام حسن لم ير رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولا سمع منه ولا ادعى له بعض المؤرخين أنه كان كاتبا للوحي، إلى آخر هذه الادعاءات التي يمزح فيها الحق بالباطل.
2 – خطاب قيادة الأمة الشرعية: ” وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين لله) على الجانب الآخر كان معسكر الحق، القيادة الشرعية للأمة الإسلامية قيادة أهل البيت، ورمزها يومئذ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، (عليهم السلام)، يجاهد للحفاظ على الإسلام نقيا صافيا.
وكان هذا هو الهدف الحقيقي الذي تهون من أجله كل التضحيات كان الإمام علي (ع) ومن حوله كوكبة المؤمنين الخلص من أصحاب النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
روى ابن أبي الحديد، في شرح نهج البلاغة، نقلا عن ” كتاب صفين ” لنصر بن مزاحم: ” خطب علي، (عليه السلام)، في صفين، فحمد الله وأثنى عليه، وقال، أما بعد، فإن الخيلاء من التجبر، وأن النخوة من التكبر، وأن الشيطان عدو حاضر، يعدكم الباطل. إلا أن المسلم أخو المسلم فلا تنابذوا ولا تجادلوا، إلا أن شرائع الدين واحدة، وسبله قاصدة، من أخذ بها الحق، ومن فارقها محق، ومن تركها مرق، ليس المسلم بالخائن إذا ائتمن، ولا بالمخلف إذا وعد، ولا بالكذب إذا نطق. نحن أهل بين الرحمة، وقولنا الصدق، وفعلنا
(٢٣)