الرئيسية / المرأة في الإسلام / الطفل بين الوراثة والتربية

الطفل بين الوراثة والتربية

فليس صيام رمضان – وهو من أهم الفرائض الاسلامية – إلا مظهرا من مظاهر الاجتناب عن المفطرات بنية التقرب إلى الله تعالى، ولقد أوجب الله الصيام على الأمم السالفة ، وعلى الأمة الاسلامية كي يتمرن الناس في هذا الشهر على الحصول على ملكة التقوى.
(… كتب عليكم الصيام، كما كتب على الذين من قبلكم، لعلكم تتقون) وبهذا الصدد نورد بعض الروايات المروية عن أئمة أهل البيت عليهم السلام:
1 – عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: «فيما ناجى الله عز وجل به موسى، ما تقرب إلي المتقربون بمثل الورع عن محارمي…» (1) فلا يوجد عامل يقرب المتطهرين إلى الله مثل الاجتناب عن المعاصي.
2 – وعن علي (ع): «اجتناب السيئات أولى من اكتساب الحسنات» (2).
3 – وعن الإمام علي بن الحسين (ع): «من اجتنب ما حرم الله عليه، فهو من أعبد الناس» (2).
4 – عن النبي صلى الله عليه وآله: «لرد المؤمن حراما يعدل عند الله سبعين حجة مبرورة» (3).
5 – عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع): «غض الطرف عن محارم الله أفضل عبادة» (4).
6 – ولقد سبق أن نقلنا جواب النبي (ص) على سؤال علي (ع) حين سأله عن أفضل الأعمال في شهر رمضان فقال: «الورع عن محارم الله» (5).
(1) الكافي لثقة الاسلام الكليني ج 2 / 80.
(2) غرر الحكم ودرر الكلم للآمدي ص 57.
(3) مستدرك الوسائل للنوري ج 2 / 302.
(4) المصدر السابق.
(5) المصدر السابق.
(١٣)

انهيار المجتمع:
إن أغلب المآسي التي تصيب الفرد أو المجتمع ناشئة من التلوث بالذنب والمعصية.
والأمم التي انهارت انهيارا تاما، ولم يبق منها في التاريخ إلا اسمها، كان السبب في ذلك عدم مبالاتها بالنسبة إلى الذنوب وهذا ما يؤكد عليه القرآن غير مرة:
«كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم» (1).
«أهلكناهم إنهم كانوا مجرمين» (2).
«فأهلكناهم بذنوبهم» (3).
إن المآسي المختلفة التي تعلق بأذيالنا – شيوخا وشبابا – وليدة التلوث بأنواع الذنوب واللامبالاة في ارتكاب المعاصي والمحرمات. كما أن المريض الذي يخالف أوامر الطبيب ويترك الحمية يبتلى ويجازى بأنواع المصائب والمشاكل الدنيوية والأخروية.
1 – «ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا» (4) 2 – «لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم» (5) 3 – «ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم» (6) ما هو الذنب:
الذنب عبارة عن مخالفة القوانين الآلهية، واتباع الأهواء والرغبات التي تلح عليها النفس، من دون رادع أو مانع. وكقاعدة أولية وأصل ثابت يجب
(١) سورة الأنفال: ٥٤.
(٢) سورة الدخان: ٣٧.
(٣) سورة النساء: ٦.
(٤) سورة الروم: ٤١.
(٥) سورة البقرة: ١١٤.
(٦) سورة المائدة: ٣٣.
(١٤)

أن نقول: إنه مع غض النظر عن التعاليم الدينية، فليس بإمكاننا متابعة الشهوة والرغبات النفسانية، وإطلاق العنان للإرادة النفسية بحرية كاملة. فهناك الموانع العديدة والحواجز القوية التي لا يمكننا أن نخترقها. وعلى سبيل المثال نشير إلى بعض الموانع بنماذج واضحة وأمثلة ساذجة يصادفها كل الأفراد في حياتهم اليومية.
جزاء التخلف عن القوانين:
(1) حمامة جاثمة على سطح عمارة ذات أربعة طوابق من شارع وأنت واقف على سطح تلك العمارة أيضا… الحمامة تحاول الطيران إلى الجانب الآخر من الشارع لتنزل على سطح عمارة مقابلة، ففي لحظة واحدة تحرك الحمامة جناحيها تطير… وترغب أنت في ملاحقتها والطيران مثلها، إلا أن رغبتك هذه تصطدم بمشكلة كبيرة، هي أنك لا تملك وسائل الطيران، ولا القدرة على مقاومة جاذبية الأرض، فالقانون الطبيعي يمنعك من هذا التصميم. فإن لم تعتن إلى منع الطبيعة إياك عن الطيران وأردت أن تثور على قانون الطبيعة، فبمجرد أن ترمي بنفسك من سطح هذه العمارة إلى جهة العمارة الأخرى – وقبل أن تبتعد من هذه العمارة بمقدار متر واحد – فإن جاذبية الأرض تسحبك إليها بأتم الخشونة والقوة وتريك جزاء تخلفك هذا… وتطرحك على الأرض في الوقت الذي يتحطم فيه رأسك ويتلاشى مخك، وتنهي بحياتك وهي تنطق بلسان فصيح يعبر عن القانون الكوني العام: هذا جزاء المذنب والمتخلف عن السنن الكونية.
يتساوى جميع الناس في هذا الأمر: المؤمن والكافر، الصائم والمفطر، الشيوعي والرأسمالي. فالعقلاء لأجل أن لا يتخلفوا عن قوانين الطبيعة تنزلون ستين درجة من سلالم العمارة، ثم يصعدون في سلالم العمارة المقابلة حتى يصلوا إلى سطحها، فيثبتون – عمليا – إطاعتهم للقانون الكوني العام.
والطفل يرغب في القيام بالفعاليات والحركات الحرة بفطرته يحب أن

(١٥)

شاهد أيضاً

الكبائر من الذنوب

عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا) (1). فقوله تعالى: عدوانا وظلما، ...