الرئيسية / من / طرائف الحكم / زاد المبلغ في عاشوراء الجزء الأول

زاد المبلغ في عاشوراء الجزء الأول

3

الموعظة السادسة: العبّاس بن عليّ عطاء وإيثار
لأخيه الحسين بنفسه. إذ أبى أن يذوق الماء، وقد كان واقفا في لجّته وكَبِدُه تتلظّى من العطش، لأنّ الإمام الحسين (عليه السلام) وعياله عطاشى لم يذوقوا قطرة منه منذ أيام.

مواقف أبي الفضل العبّاس

لقد كان لأبي الفضل العبّاس مواقف عديدة في كربلاء تكشف عن إيمانه وثباته، ورسوخ عقيدته، وهذه المواقف العديدة هي مبادئ أسياسيّة في حياة الإنسان الجهاديّة، إذا وقف بين يدي الأعداء واعظًا ومحاربًا، ومن جملة تلك المواقف:

1. الثبات حتّى الشهادة

ثبت أبو الفضل العبّاس وإخوته في ساحات الجهاد أيّما موقف مع الإمام الحسين(عليه السلام)، فهم من الذين جاءهم الأمان لترك الإمام الحسين (عليه السلام) وحده، وكان هذا من أساليب عمر بن سعد لتفتيت جيش الإمام الحسين (عليه السلام)، إلّا أنّه فشل في ذلك، فإيمان أصحاب الإمام وثباتهم يفوق تصوّر ابن سعد، وفي محاولة منه، فقد أرسل شمرًا لإعطاء الأمان للعبّاس وإخوته، حتّى وقف على أصحاب الحسين (عليه السلام)، فقال: أين بنو أختنا[1]؟ فخرج إليه العبّاس وجعفر وعثمان بنو عليّ بن أبي طالب (عليهم السلام)، فقالوا: «ما تريد؟» فقال: أنتم يا بني أختي آمنون، فقالت له الفتية: «لعنك الله ولعن أمانك، أتؤمّننا وابن رسول الله لا أمان له؟!»[2].

[1] وذلك لأنّ أمّ البنين بنت حزام أمّ عبّاس وعثمان وجعفر وعبد الله كانت كلابيّة وشمر ابن ذي الجوشن كلابيّ ولذا أخذ من ابن زياد أمانا لبنيها.

[2] الشيخ المفيد، الإرشاد، ج2، ص89.

52

41
الموعظة الثامنة: الحوراء زينب (عليها السلام) بعد كربلاء إلى الشهادة
2. الطاعة والولاء لقيادة الإمام الحسين (عليه السلام)

ففي اليوم التاسع من المحرّم جاء رسول عمر بن سعد إلى الإمام الحسين (عليه السلام)، فنهض العبّاس، وقال: «يا أخي أتاك القوم»، فنهض الإمام الحسين (عليه السلام)، ثمّ قال: «يا عبّاس، اركب -بنفسي أنت يا أخي- حتّى تلقاهم وتقول لهم: ما لكم وما بدا لكم؟ وتسألهم عمّا جاء بهم». فأتاهم العبّاس، فقال لهم العبّاس: «ما بدا لكم وما تريدون؟».

قالوا: جاء أمر الأمير أن نعرض عليكم أن تنزلوا على حكمه أو نناجزكم، قال: فلا تعجلوا حتّى أرجع إلى أبي عبد الله فأعرض عليه ما ذكرتم، فوقفوا وقالوا: اِلقَه فأعلمه، ثمّ لقنا بما يقول لك. فانصرف العبّاس راجعًا يركض إلى الحسين (عليه السلام) يخبره الخبر.

فقال الإمام الحسين (عليه السلام): «ارجع إليهم فإن استطعت أن تؤخّرهم إلى الغدوة وتدفعهم عنّا العشيّة، لعلّنا نصلّي لربّنا الليلة وندعوه ونستغفره، فهو يعلم أنّي قد أحبّ الصلاة له وتلاوة كتابه والدعاء والاستغفار».

فمضى العبّاس إلى القوم ورجع من عندهم ومعه رسول من قبل عمر بن سعد، يقول: إنّا قد أجّلناكم إلى غد، فإن استسلمتم سرّحناكم إلى أميرنا عبيد الله بن زياد، وإن أبيتم فلسنا تاركيكم، وانصرف[1].

[1] الشيخ المفيد، الإرشاد، ج2، ص90.

53

42
الموعظة السادسة: العبّاس بن عليّ عطاء وإيثار
الموعظة السابعة: الإمام المهديّ(عجل الله تعالى فرجه) الثائر للحسين(عليه السلام)

تعريف الناس بالإمام الحُجّة (عجل الله تعالى فرجه)، وبيان صفات أنصاره الثائرين معه.

محاور الموعظة

التعريف بالإمام المهديّ (عجل الله تعالى فرجه)
الثأر للإمام الحسين عنوان حركة الإمام المهديّ (عجل الله تعالى فرجه)
صفات الآخذين بالثأر

تصدير الموعظة

﴿بَقِيَّتُ ٱللَّهِ خَيرٞ لَّكُم إِن كُنتُم مُّؤمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيكُم بِحَفِيظٖ﴾[1].

[1] سورة هود، الآية 86.

54

43
الموعظة السابعة: الإمام المهديّ(عجل الله تعالى فرجه) الثائر للحسين(عليه السلام)
التعريف بالإمام المهديّ (عجل الله تعالى فرجه)

عن النبي (صلى الله عليه وآله): «لمّا أُسرِيَ بي، أوحى إليَّ ربّي -جلَّ جلاله-… فرفعتُ رأسي، فإذا أنا بأنوار عَليّ، وفاطمة، والحسن، والحسين، وعليّ بن الحسين، ومحمّد بن عليّ، وجعفر بن محمّد، وموسى بن جعفر، وعليّ بن موسى، ومحمّد بن عليّ، وعليّ بن محمّد، والحسن بن عليّ، والحُجّة بن الحسن القائم في وسطهم كأنّه كوكب دُرّيّ، قلتُ: يا ربّ، مَن هؤلاء؟ قال: هؤلاء الأئمّة، وهذا القائم الذي يحلّ حلالي ويحرِّم حرامي، وبه أنتقم مِن أعدائي»[1].

الثأر للإمام الحسين عنوان حركة الإمام المهديّ (عجل الله تعالى فرجه)

عن الإمام الصادق (عليه السلام) في قوله -تعالى- ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَٰتَلُونَ بِأَنَّهُم ظُلِمُواْ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصرِهِم لَقَدِيرٌ﴾[2]: «إنّ العامّة يقولون نزلَتْ في رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله) لمّا أخرجَتْه قريش مِن مكّة، وإنّما هي للقائم (عليه السلام) إذا خرج يطلب بِدم الحسين (عليه السلام)…»[3].

وعنه (عليه السلام): «لمّا كان مِن أمرِ الحسين (عليه السلام) ما كان، ضجَّت الملائكة إلى اللَّه بالبكاء، وقالت: يُفعل هذا بالحسين صفيِّك وابن نبيِّك؟ فأقام اللّه لهم ظلّ القائم (عليه السلام)، وقال: بهذا أنتقم لهذا»[4].

[1] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج42، ص422.

[2] سورة الحج، الآية 39.

[3] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج42، ص422.

[4] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج42، ص422.

55

44
الموعظة السابعة: الإمام المهديّ(عجل الله تعالى فرجه) الثائر للحسين(عليه السلام)
والثأر لا يقتصر على مَن شارك في قتل الإمام (عليه السلام) في التاريخ، بل يشمل المشاركين لهم من أهل الباطل كلّهم.

صفات الآخذين بالثأر

1. مُخلصون: عن الإمام الرضا (عليه السلام): «… ينتظرُ خروجَه المخلصون»[1].

2. عابدون: في وصفهم وَرَدَ: «رجالٌ لا ينامون الليل، لهم دويٌّ كدويّ النحل»[2].

3. ثابتون: وصفَهُم أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: «لا يخافون في اللَّه لومةَ لائم»[3].

4.5. متولّون أولياءه، متبرّئون من أعدائه: عن رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله): «طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي (عليه السلام) وهو مُقتدٍ به قبل قيامه، يتولّى وليَّه، ويتبرّأ مِن عدوّه»[4].

6. أقوياء: عن الإمام الصادق (عليه السلام): «ما يخرج إلّا في أُولي قوّة». وفي وصفهم قال: «إنّ قلبَ رجلٍ منهم أشدّ مِن زبر الحديد، لو مرّوا بالجبال الحديد لَتدكدكَتْ، لا يكفّون سيوفهم حتّى يرضى اللَّه -عزَّ وجلَّ-»[5].

7. مجهَّزون بالعتاد: عن الإمام الصادق (عليه السلام): «ليعدّنّ أحدكم لخروج القائم ولو سهمًا، فإنّ اللَّه -تعالى- إذا عَلِم ذلك مِن نيّته، رجوتُ

[1] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج15، ص703.

[2] المصدر نفسه، ج25، ص703.

[3] القزوينيّ، سنن ابن ماجة، ج2، ص1371.

[4] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج25، ص921.

[5] القاضي النعمان المغربيّ، شرح الأخبار، ج3، ص569.

56

45
الموعظة السابعة: الإمام المهديّ(عجل الله تعالى فرجه) الثائر للحسين(عليه السلام)
أن ينسأ في عمره حتّى يُدركه، فيكون من أعوانه وأنصاره»[1].

8. غاضبون: ذُكر عند أمير المؤمنين (عليه السلام) «جيش الغضب»، فقال: «أولئك قومٌ يأتون في آخر الزمان… أما -واللَّه- إنّي لأعرف أميرهم واسمه… ذلك رجلٌ مِن ذرّيّتي…»[2].

9. موحَّدون: عنه أيضًا (عليه السلام): «يُؤلّف اللَّه بين قلوبهم»[3].

10. منظَّمون: عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصفِهم: «الزيّ واحد، واللباس واحد، كأنّما آباؤهم أبٌ واحد»[4].

11. مُطيعون: يُكمل الإمام (عليه السلام) في وصفِهم بقوله: «يَكْفونه ما يريد منهم»[5].

12. مبتلون: عن الإمام الصادق (عليه السلام): «إنّ أصحاب طالوت ابتلوا بالنهر… وإنّ أصحاب القائم (عليه السلام) يُبتلون بمثل ذلك»[6].

13. فدائيّون: عنه أيضًا في وصفِه لهم: «يَقونه بأنفسهم في الحروب»[7].

14. طالبون للشهادة: عنه أيضًا (عليه السلام): «يَدعون بالشهادة، ويتمنّون أن يُقتلوا في سبيل اللَّه»[8].

[1] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج25، ص693.

[2] المصدر نفسه، ج25، ص742.

[3] الحاكم النيسابوريّ، المستدرك، ج4، ص554.

[4] المقدسيّ، عقد الدرر، ص95.

[5] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج25، ص703.

[6] النعمانيّ، الغيبة، ص331.

[7] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج52، ص308.

[8] المصدر نفسه، ج25، ص703.

57

46
الموعظة الثامنة: الحوراء زينب (عليها السلام) بعد كربلاء إلى الشهادة
الموعظة الثامنة: الحوراء زينب (عليها السلام) بعد كربلاء إلى الشهادة

تعرّف مواقف السيّدة زينب (عليها السلام) بعد كربلاء وقيادتها للثورة على الطغاة والظالمين.

محاور الموعظة

العقيلة زينب في سطور
عفّتها (عليها السلام)
عبادة زينب (عليها السلام)
القيادة الزينبيّة للثورة

تصدير الموعظة

السيّدة زينب (عليها السلام) ليزيد (لعنه الله): «فَكِدْ كَيْدَكَ، وَاسْعَ سَعْيَكَ، ونَاصِبْ جَهْدَكَ، فَوَاللهِ لاَ تَمْحُو ذِكْرَنَا، ولاَ تُمِيتُ وَحْيَنَا، وَلاَ تُدْركُ أَمَدَنَا، وَلاَ تَرْحَضُ عَنْكَ عَارَهَا…»[1].

[1] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج45، ص135.

58

47
الموعظة الثامنة: الحوراء زينب (عليها السلام) بعد كربلاء إلى الشهادة
من أعظم بطولات الحوراء زينب (عليها السلام) أنّ واقعة السبي والأسر لم تفرض عليها التكيّف مع الواقع كيفما كان، ولم يدفعها الخوف من إيثار السلامة والدّعة على المواجهة والتحدّي، ولم يمنعها انكسار السيف في كربلاء من مواجهة الانحراف بل بقي صوتها العالي شاهد صدق في محكمة التاريخ، على عظم الجريمة التي جرت في كربلاء، وعظيم المواجهة التي واجهت بها قوى الظلام، قائلة: فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا ولا تدرك أمدنا.

العقيلة زينب في سطور

ولدت السيّدة زينب (عليها السلام)، في الخامس من جمادى الأولى، في السنة الخامسة -أو السادسة- للهجرة، وقيل في غرّة شعبان في السنة السادسة. وتكنّى بأمّ كلثوم، وأمّ الحسن، وتلقّب: بالصدّيقة الصغرى، والعقيلة، وعقيلة بني هاشم، وعقيلة الطالبيّين.

عفّتها (عليها السلام)

حدّث يحيى المازنيّ، قال: كنت في جوار أمير المؤمنين في المدينة مدّة مديدة، وبالقرب من البيت الذي تسكنه زينب ابنته، فلا والله ما رأيت لها شخصًا ولا سمعت لها صوتًا، وكانت إذا أرادت الخروج لزيارة جدّها رسول الله (صلى الله عليه وآله) تخرج ليلًا والحسن عن يمينها والحسين عن شمالها وأمير المؤمنين (عليه السلام) أمامها، فإذا قربت من القبر الشريف سبقها أمير المؤمنين (عليه السلام) فأخمد ضوء القناديل، فسأله الحسن (عليه السلام) مرّة عن ذلك، فقال (عليه السلام): «أخشى أن ينظر أحد إلى شخص أختك زينب»[1].

[1] لجنة من علماء البحرين والقطيف، وفيّات الأئمّة(عليهم السلام)، ص436.

59

48
الموعظة الثامنة: الحوراء زينب (عليها السلام) بعد كربلاء إلى الشهادة
عبادة زينب (عليها السلام)

كانت تقضي لياليها عامّة بالتهجّد وتلاوة القرآن، قالت فاطمة بنت الحسين (عليها السلام): «وأمّا عمّتي زينب فإنّها لم تزل قائمة في تلك الليلة -أي العاشرة من المحرّم- في محرابها، تستغيث إلى ربّها، فما هدأت لنا عين ولا سكنت لنا رنّة. وفي رواية: أنّ الحسين (عليه السلام) لمّا ودّع أخته زينب وداعه الأخير، قال لها: يا أختاه لا تنسيني في نافلة الليل…»[1].

إيثارها (عليها السلام)

وروي عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) أنّه قال: «إنّ عمّتي زينب كانت تؤدّي صلواتها من الفرائض والنوافل عند سير القوم بنا من الكوفة إلى الشام من قيام، وفي بعض المنازل كانت تصلّي من جلوس فسألتها عن سبب ذلك فقالت: أصلّي من جلوس لشدّة الجوع والضعف منذ ثلاث ليال، لأنّها كانت تقسّم ما يصيبها من الطعام على الأطفال لأنّ القوم كانوا يدفعون لكلّ واحد منّا رغيفًا واحدًا من الخبز في اليوم والليلة»[2].

القيادة الزينبيّة للثورة

تحرَّك موكب سبايا أهل البيت (عليهم السلام) من كربلاء المقدّسة نحو مدينة الكوفة وهو يقطع الصحاري، في الحادي عشر من المحرّم

[1] لجنة من علماء البحرين والقطيف، وفيّات الأئمّة(عليهم السلام)، ص441.

[2] المصدر نفسه.

60

49
الموعظة الثامنة: الحوراء زينب (عليها السلام) بعد كربلاء إلى الشهادة
سنة 61 هـ، وقد حمل جيش عمر بن سعد السبايا على أحلاس أقتاب الجمال بغير وطاء ولا غطاء، وساقوهم كما يساق سبي الترك والروم في أشدّ المصائب، وتتقدّمهم الرؤوس على الرماح، حتّى دخل الركب الكوفة في اليوم الثاني عشر من المحرَّم سنة 61 هـ، واقتسمت القبائل الرؤوس بينها…

عظمة الصبر وتحمّل المصيبة في عين الله: حينما حدثت الفاجعة الكبرى بمقتل أخيها الحسين (عليه السلام) خرجت السيّدة زينب تعدو نحو ساحة المعركة، تبحث عن جسد أخيها الحسين بين القتلى غير عابئة بالأعداء المدجّجين بالسلاح، فلمّا وقفت على جثمان أخيها الحسين وضعت يدها تحت جسده الطاهر المقطّع ورفعته نحو السماء وهي تدعو الله، قائلة: «اللهمّ تقبّل منّا هذا القربان»[1].

ويلكم يا أهل الكوفة: لمّا دخل موكب السبايا الكوفة، توجّه نحو قصر الإمارة، مُخترقًا جموع أهل الكوفة المحتشدين في الشوارع وهم يبكون لما حلَّ بالبيت النبويّ الكريم، قال بشير بن خزيم الأسدي: ونظرت إلى زينب بنت عليّ يومئذٍ، ولم أرَ خفرة والله أنطق منها، كأنّها تفرع من لسان أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، وقد أومأت إلى الناس أن اسكتوا، فارتدّت الأنفاس، وسكنت الأجراس، ثمّ قالت: «الْحَمْدُ للهِ، وَالصَّلاَةُ عَلىَ جَدِّي مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الأَخْيَارِ، أمّا بَعْدُ: يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ، يَا أَهْلَ الْخَتْلِ والْغَدْرِ، أَتَبْكُونَ؟! فَلَا رَقَأَتِ

[1] السيّد ابن طاووس، اللهوف في قتلى الطفوف، ص84.

61

50
الموعظة الثامنة: الحوراء زينب (عليها السلام) بعد كربلاء إلى الشهادة
الدَّمْعَةُ، ولَا هَدَأَتِ الرَّنَّةُ، إِنَّمَا مَثَلُكُمْ كَمَثَلِ الَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا، تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ…َ أتَبْكُونَ وَتَنْتَحِبُونَ؟! إِيْ وَاللهِ فَابْكُوا كَثِيرًا، واضْحَكُوا قَلِيلًا، فَلَقَدْ ذَهَبْتُمْ بِعَارِهَا وَشَناَرِهَا… وَيْلَكُمْ يَا أَهلَ الْكُوفَةِ، أَتَدْرُونَ أَيَّ كَبِدٍ لِرَسُولِ اللهِ فَرَيْتُم؟! وَأيَّ كَرِيمَةٍ لَهُ أبْرَزتُمْ؟! وَأَيَّ دَم لَهُ سَفَكْتُمْ؟! وَأّيَّ حُرْمَةٍ لَهُ انتَهَكْتُمْ؟! لَقَدْ جِئْتُمْ بِهَا صَلعَاءَ عَنْقَاءَ سَوْدَاءَ فَقُمَاءَ… أَفَعَجِبْتُمْ أَنْ مَطَرَتِ السَّمَاءُ دَمًا، وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزىَ وَأَنْتُمْ لاَ تُنْصَرُونَ…»[1].

وخلاصة ما أرادت إيصاله إليهم:

إيضاح الصورة للرأي العامّ وإثارتهم على الأمويّين، وإظهار المصيبة الكبرى التي داهمت العالم الإسلاميّ بقتل ريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتحميل الكوفيّين مسؤوليّة هذه الجريمة النكراء.

شجاعة عليّ وثبات الحسين في مواجهة ابن زياد: لمّا سأل ابن مرجانة عنها، فقال: مَن هذه التي انحازت ناحية ومعها نساؤها؟ أعرضت عنه احتقارًا واستهانة به، وكرّر السؤال فلم تجبه، فأجابته إحدى السيّدات: هذه زينب بنت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقال لها: الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم، وأبطل أحدوثتكم.

فأجابته (عليها السلام) بشجاعة أبيها محتقرة له، قائلة: «الحمْدُ للهِ الَّذي أَكْرَمَنَا بِنَبِيِّهِ، وَطَهَّرَنَا مِنَ الرِّجْسِ تَطْهِيرًا، إِنَّمَا يَفْتَضِحُ الْفَاسِقُ وَيَكْذِبُ الْفَاجِرُ، وَهُوَ غَيْرُنَا يَابْنَ مَرْجَانَة»[2].

[1] السيّد محسن الأمين، لواعج الأشجان، ص201.

[2] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج45، ص116.

62

51
الموعظة الثامنة: الحوراء زينب (عليها السلام) بعد كربلاء إلى الشهادة
ما رأيت إلّا جميلًا: وكذلك عندما خاطبها مستهزئًا: كيف رأيت صنع الله بأخيك؟ فأجابته حفيدة الرسول بكلمات الظفر والنصر لها ولأخيها، قائلة: «ما رَأَيْتُ إِلّا جَمِيلًا، هؤُلاَءَ قَوْم كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْقَتَلَ، فَبَرَزُوا إِلى مَضَاجِعِهِمْ، وَسَيَجْمعُ اللهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ، فَتُحَاجُّ وَتُخَاصَمُ، فَانْظُرْ لِمَنِ الْفَلَجُ يَومَئِذٍ، ثَكَلَتْكَ أُمُّكَ يابْنَ مَرْجَانَةَ…»[1].

الدفاع عن الإمام والإمامة: وأدار ابن مرجانة بصره في بقيّة الأسرى من أهل البيت فوقع بصره على الإمام زين العابدين، وقد أنهكته العلّة، فسأله: مَن أنت؟ فقال (عليه السلام): عليّ بن الحسين… -بعد حوار مع الإمام- فالتفت إلى بعض جلّاديه، فقال له: خذ هذا الغلام واضرب عنقه، فانبرت العقيلة بشجاعة لا يرهبها سلطان، فاحتضنت ابن أخيها، وقالت لابن مرجانة: «يَابْنَ زِيَادٍ، إِنَّكَ لَمْ تُبْقِ مِنّا أَحَدًا، فَإنْ كنت عَزَمْتَ عَلى قَتْلِهِ فَاقْتُلْني مَعَهُ…»[2]. وبهر الطاغية وانخذل، وقال متعجّبًا: دعوه لها، عجبًا للرحم ودَّت أن تقتل معه.

أَمِنَ العدل يابن الطلقاء: (المواجهة مع رأس الظلم): لمّا وصلت قافلة السبايا إلى مجلس الطاغية يزيد بن معاوية في الشام… أظهر الطاغية فرحته الكبرى بإبادته لعترة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأخذ يهزّ أعطافه جذلان وراح يترنّم بالأبيات التي مطلعها:

لَيْتَ أَشْيَاخِي بِبَدرٍ شهدوا

جَزَعَ الْخَزْرَجِ مِـنْ وَقْعِ الأَسَلْ

[1] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج45، ص116.

[2] أحمد بن أعثم الكوفي، كتاب الفتوح، ج5، ص123.

63

52
الموعظة الثامنة: الحوراء زينب (عليها السلام) بعد كربلاء إلى الشهادة
ولمّا سمعت العقيلة هذه الأبيات ألقت خطبتها الشهيرة بفصاحة أبيها عليّ (عليه السلام)وشجاعته وقد ضمّنتها أعنف المواقف لفرعون عصره يزيد، وممّا قالته (عليها السلام): «الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلىَ مُحَمّدَ وآلِهِ أَجْمَعِيَن، صَدَقَ اللهُ كَذَلكَ يَقُولُ: ﴿ثُمَّ كَانَ عَٰقِبَةَ ٱلَّذِينَ أَسَٰـُٔواْ ٱلسُّوأَىٰ أَن كَذَّبُواْ بِ‍َٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ بِهَا يَستَهزِءُونَ﴾[1].

وَلَئِنْ جَرَّتْ عَلَيَّ الدَّوَاهِي مُخَاطَبَتَكَ، إِنِّي لأَسْتَصْغِرُ قَدْرَكَ، وَأَسْتَعْظِمُ تَقْرِيعَكَ، وَأَسْتَكْثِرُ تَوْبِيخَكَ، لَكِنِ الْعُيُونُ عَبْرىَ، وَالصُّدَورُ حَرّىَ. أَلاَ فَالعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ لِقَتْلِ حِزْبِ اللهِ النُّجبَاءِ بِحِزْبِ الشَّيْطَانِ الطُّلَقَاء.

أَمِنَ الْعَدْلِ يَابْنَ الطُّلَقَاءِ تَخْدِيرُكَ حَرَائِرَكَ وَإمَاءَكَ وَسوقَكَ بَنَاتِ رَسُولِ اللهِ سَبَايَا؟! قدْ هَتَكْتَ سُتورَهُنَّ، وَأَبْدَيْتَ وُجُوهَهُنَّ، تَحْدُو بِهِنَّ الأَعْدَاءُ مِنْ بَلَدِ إلى بلدٍ… وَيَتَصَفَّحُ وُجُوهَهُنَّ الْقَرِيبُ وَالبَعِيدُ…

اَللهُمَّ خُذْ بِحَقِّنَا، وَانتَقِمْ مِمَّنْ ظَلَمَنَا، وَاحْلُلْ غَضَبَكَ بِمَنْ سَفَكَ دِمَاءَنَا وَقَتَلَ حُمَاتَنَا. فَوَاللهِ مَا فَرَيْتَ إِلاَّ جِلْدَكَ، وَلا حَزَزْتَ إِلاَّ لَحْمَكَ، وَلَتَرِدَنَّ عَلى رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) بِمَا تَحَمَّلْتَ مِنْ سَفْكِ دِمَاءِ ذُرّيَّتِهِ، وَانْتَهكْتَ مِنْ حُرْمَتِهِ فِي عِتْرَتِهِ وَلُحْمَتِهِ…»[2].

[1] سورة الروم، الآية 10.

[2] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج45، ص134.

64

53
الموعظة التاسعة: مسلم بن عقيل سفير الحسين (عليه السلام)
الموعظة التاسعة: مسلم بن عقيل سفير الحسين (عليه السلام)

تعرّف شخصيّة مسلم بن عقيل، وأهمّ ما تمتاز به هذه الشخصيّة الفذّة من صفات قياديّة رائدة.

محاور الموعظة

نشأة مسلم
مسلم وأسرته
مسلم في حديث النبيّ (صلى الله عليه وآله)
مع عمّه أمير المؤمنين (عليه السلام)
مع سيّد الشهداء (عليه السلام)
من أهمّ مميّزات شخصيّته وموقفه

تصدير الموعظة

«سلام الله وسلام ملائكته المقرّبين وأنبيائه المرسلين وعباده الصالحين وجميع الشهداء والصدّيقين، والزاكيات الطيّبات فيما تغتدي وتروح عليك يا مسلم بن عقيل»[1].

[1] الشيخ المفيد، المزار، ص177.

65

54
الموعظة التاسعة: مسلم بن عقيل سفير الحسين (عليه السلام)
من الشخصيّات البارزة في النهضة الحسينيّة والتي احتلّت مكانة خاصّة عند الإمام الحسين (عليه السلام) مبعوثه وسفيره لأهل الكوفة مسلم بن عقيل بن أبي طالب (رضوان الله عليه). وإنّ التعرّف على جوانب من حياة هذه الشخصيّة وأهمّ ما كانت تمتاز به من صفات وخصائص له الدور الكبير في استفادة الدروس والعبر سواء على مستوى الفرد، أو على مستوى الأمّة ومستقبلها.

نشأة مسلم

نشأ مسلم في بيت والده عقيل بن أبي طالب (رضوان الله عليه)، ذلك الرجل الذي كان يحبّه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقاتل معه وشاركه في حروبه ضدّ المشركين جنبًا إلى جنب أخيه عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).

وبعد وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله) كان قد كُفَّ بصره ومع ذلك كان صلبًا في مواجهة الأعداء فأرسل إلى أخيه الإمام عليّ (عليه السلام) يخبره باستعداده لتوجيهاته في مواجهة الأمويّين، فأجابه الإمام (عليه السلام) برسالة يعذره فيها ويطيّب خاطره.

وكان عقيل عالمًا بأنساب قريش وأيّامها، ومن الطبيعيّ أن يكون عالمًا حينئذٍ بصاحب النسب الصحيح من غيره، ومحاسن القوم ومساوئهم، لذا كان بعضهم يبغضه لأنّه كان يعدّ مساوئَهم.

وفي هذا البيت المحاط بالمجد من جنباته: جدّ كأبي طالب المدافع الأوّل عن النبيّ (صلى الله عليه وآله)، وعمٌّ كأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، وأب صلب وحازم وشجاع كعقيل بن أبي طالب، نشأ مسلم

66

55
الموعظة التاسعة: مسلم بن عقيل سفير الحسين (عليه السلام)
نشأة الرجل الواعي، والعالم الخبير بأيّام العرب، والحروب والأجواء المحيطة في عصره.

مسلم وأسرته

اقترن مسلم برقيّة بنت الإمام عليّ (عليه السلام) وغيرها، وكان لديه أربعة أبناء أو خمسة على اختلاف بين المؤرّخين، قضى منهم اثنان بين يدي أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) في كربلاء، كما قضى ثلاثة من إخوته وآخرين من بني عقيل.

وعندما أعذرهم الإمام الحسين (عليه السلام) وأحلَّهم من بيعته بعد شهادة مسلم، فقال لهم: «حسبكم من القتل بمسلم اذهبوا فقد أذنت لكم». أبوا ذلك، وقالوا له: إذًا ما يقول الناس وما نقول لهم؟ إنّا تركنا شيخنا وسيّدنا وبني عمومتنا خير الأعمام ولم نرمِ معهم بسهم ولم نطعن برمح ولم نضرب بسيف ولا ندري ما صنعوا؟ لا والله لا نفعل ولكن نفديك بأنفسنا وأموالنا وأهلينا، نقاتل معك حتّى نرد موردك، فقبّح الله العيش بعدك!!

وكانت رقيّة زوجة مسلم مع أخيها الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء وقد شاهدت ما جرى على أخيها وأهل بيته وأصحابه وشاركتهم في تقديم التضحيات وسبيت فيمن سبي مع النساء.

ولوفاء هؤلاء فقد حفظ الإمام زين العابدين (عليه السلام) لهم ذلك، فكان يوليهم عناية خاصّة، ففي بعض الروايات أنّه (عليه السلام) كان يميل إلى ولد عقيل، فقيل له: ما بالك تميل إلى بني عمّك هؤلاء دون آل

67

56
الموعظة التاسعة: مسلم بن عقيل سفير الحسين (عليه السلام)
جعفر؟ فقال: «إنّي أذكر يومهم مع أبي عبد الله الحسين بن عليّ (عليهما السلام) فأرقّ لهم»[1].

مسلم في حديث النبيّ (صلى الله عليه وآله)

رُوي عن ابن عبّاس، أنّه قال: قال الإمام عليّ (عليه السلام) لرسول الله (صلى الله عليه وآله): «يا رسول الله، إنّك لتحبّ عقيلًا؟ قال: إي والله إنّي لأحبّه حبّين: حبًّا له، وحبًّا لحبّ أبي طالب له، وإنّ وَلَدَه لمقتول في محبّة ولدك، فتدمع عليه عيون المؤمنين، وتصلّي عليه الملائكة المقرّبون. ثمّ بكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتّى جرت دموعه على صدره، ثمّ قال: إلى الله أشكو ما تلقى عترتي من بعدي»[2].

مع عمّه أمير المؤمنين (عليه السلام)

في الفتوح لابن أعثم أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) جعل على ميمنته فيصفّين الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر ومسلم بن عقيل، وعلى الميسرة محمّد بن الحنفيّة ومحمّد بن أبيّ وهاشم بن عتبة المرقال[3].

قال العلّامة السيّد عبد الرزّاق المقرّم M: إنّ رجلًا يراه عمّه أمير المؤمنين (عليه السلام) جديرًا بقيادة الجيش يوم صفّين فيجعله على الميمنة في صفّ ولديه الإمامين السبطين (عليهما السلام) وابن أخيه عبد الله بن جعفر، ويجده سيّد الشهداء (عليه السلام) قابلًا لأهليّة الولاية على أعظم

[1] ابن قولويه، كامل الزيارات، ص214.

[2] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص191.

[3] أحمد بن أعثم الكوفي، الفتوح، ج3، ص29.

68

57
الموعظة العاشرة: الإخلاص في نهضة كربلاء
حاضرة في العراق «الكوفة» فيحبوه بالنيابة الخاصّة في الدينيّات والمدنيّات، لا بدّ وأن يكون أعظم رجل في العقل والدين والأخلاق حتّى لا يقع الغمز والطعن فيمن يمثّل موقف الإمامة[1].

مع سيّد الشهداء (عليه السلام)

قال الشيخ المفيد في معرض ذكره لرسائل أهل الكوفة إلى الإمام الحسين (عليه السلام): وتلاقت الرسل كلّها عنده، فقرأ الكتب وسأل الرسل عن الناس، ثمّ كتب مع هانئ بن هانئ وسعيد بن عبد الله وكانا آخر الرسل: «بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن عليّ إلى الملأ من المسلمين والمؤمنين. أمّا بعد: فإنّ هانئًا وسعيدًا قدما عليّ بكتبكم، وكانا آخر من قدم عليّ من رسلكم، وقد فهمت كلّ الذي اقتصصتم وذكرتم، ومقالة جلّكم: أنّه ليس علينا إمام فأقبل لعلّ الله أن يجمعنا بك على الهدى والحقّ. وإنّي باعث إليكم أخي وابن عمّي وثقتي من أهل بيتي، فإنّ كتب إليّ أنّه قد اجتمع رأي ملئكم وذوي الحجا والفضل منكم على مثل ما قدمت به رسلكم وقرأت في كتبكم، أقدم عليكم وشيكًا إن شاء الله. فلعمري ما الإمام إلّا الحكم بالكتاب، القائم بالقسط، الدائن بدين الحقّ، الحابس نفسه على ذات الله، والسلام»[2].

بهذه الكلمات الصغيرة في حجمها، الكبيرة في معناها، أوضح الإمام الحسين (عليه السلام) مكانة مسلم عنده، فهو أخوه وابن عمّه وثقته من أهل بيته…

[1] المقرّم، الشهيد مسلم بن عقيل، ص41.

[2] الشيخ المفيد، الإرشاد، ج2، ص38-39.

69

58
الموعظة التاسعة: مسلم بن عقيل سفير الحسين (عليه السلام)
من أهمّ مميّزات شخصيّته وموقفه

1. الجانب المعنويّ: جاء في زيارته: «السلام عليك أيها العبد الصالح».

2.الطاعة لله ورسوله والأئمّة (عليهم السلام): في زيارته أيضًا: «المطيع لله ولرسوله ولأمير المؤمنين والحسن والحسين (عليهم السلام)».

3. الشجاعة وتنفيذ المهمّة مع بقائه وحيدًا: وهذه صفة اكتسبها من عمّه أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي روي عنه قوله: «والله لو لقيتهم فردًا وهم ملأ الأرض ما باليت ولا استوحشت وإنّي من ضلالتهم التي هم فيها والهدى الذي نحن عليه لعلى ثقة وبيّنة ويقين وبصيرة وإنّي إلى لقاء ربّي لمشتاق ولحسن ثوابه لمنتظر»[1].

4. الصبر والثبات والتحمّل: حتّى النهاية والشهادة.

5. محبّته وعشقه ومواساته لسيّد الشهداء (عليه السلام): وهذا ما أشارت إليه الرواية عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) مخاطبًا لعقيل: «وإنّ ولده لمقتول في محبّة ولدك»[2]. وقد تجسّد هذا العشق والحبّ عندما دمعت عيناه وقد أخذ أسيرًا: فقيل له: إنّ من يطلب مثل الذي تطلب، إذا نزل به مثل الذي نزل بك لم يبك. قال: إنّي والله ما لنفسي بكيت، ولا لها من القتل أرثي، وإن كنت لم أحبّ لها طرفة عين تلفًا، ولكن أبكي لأهلي المقبلين إليّ، أبكي للحسين (عليه السلام) وآل الحسين. وكذلك مواساته للحسين (عليه السلام) في القتل عطشًا، وحمل رأسه إلى يزيد في الشام.

[1] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص452.

[2] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج22، ص288.

70

59
الموعظة التاسعة: مسلم بن عقيل سفير الحسين (عليه السلام)
بكتك دمًا يابن عمّ الحسين

مدامع شيعتك السافحه

ولا برِحت هاطلات العيون

تُحييِّك غاديةً رائحه

لأنّك لم تُروَ من شَربةٍ

ثناياك فيها غدت طائحه

71

شاهد أيضاً

في قلب التاريخ وقفة اليمن مع القدس وفلسطين، وحدة الأمة، وتحديات الخيانة والخنوع”

فتحي الذاري في قلب التاريخ، تتكرر المآسي التي تؤكد أن الأمة الإسلامية المستضعفة تعيش اليوم ...