الرئيسية / شخصيات أسلامية / مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين عليه السلام 11

مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين عليه السلام 11

فصل (الصفات الإلهية) وذلك لأن الصفات الإلهية (٧) الحي وهو إمام الأئمة والعليم، والمريد والقادر والمتكلم والجواد والمقسط، ولهذه الأسماء مظاهر فمظهر ركن الحياة إسرافيل، ومظهر ركن العلم جبرئيل، ومظهر ركن الإرادة ميكائيل، ومظهر ركن القدرة عزرائيل، ولهذه الأصول سبع مظاهر كوكبية تسمى النيرات السبع، وكل كوكب منها خدم لاسم من هذه الأسماء، فمظهر تجلي الحياة الشمس، ومظهر تجلي العلم المشتري، ومظهر تجلي القدرة المريخ، ومظهر تجلي الإرادة الزهرة، ومظهر تجلي الكلام القمر، ومظهر تجلي الأقساط عطارد، ومظهر تجلي الجود زحل، والأسماء هي المؤثرة فيما تحتها من العوالم لكن بواسطة هذه المظاهر كما تقتضيه الحكمة الأزلية من ترتيب الأسباب على المسببات، وإليه الإشارة بقوله: ﴿وأوحى في كل سماء أمرها﴾ (1).
فصل (الأنبياء مظاهر أسماء الله) وكذلك الأنبياء فإنهم مظاهر أسماء الله فمن كان منهم مظهر اسم كلي، كانت شريعته كلية، وجميع الأسماء ترجع إلى الاسم الجامع الذي هو الله، وجميع الرسل والأنبياء ترجع إلى هذه الأسماء السبعة:
آدم وإدريس وإبراهيم ويوسف وموسى وهارون وعيسى عليهم السلام ومرجع هذه السبعة إلى الاسم الجامع الواحد وهو محمد صلى الله عليه وآله قادم مظهر الاسم الناطق وللخالق فيه أثر تام، ومحله فلك القمر وهو بيت العزة، وفيه جوامع الكلم الطيب.
(وإدريس) مظهر الاسم الحي وفلكه الشمس التي هي منبع الحياة الحيوانية والنباتية، ومن ثم أعطي العلم بأسرار المعادن والنبات.
(وإبراهيم) مظهر الاسم الجواد وللإله فيه أثر تام وفلكه زحل وهو أول من أطعم الضيف.
(ويوسف) مظهر الاسم المريد وللجميل فيه آثر عظيم وفلكه فلك الزهرة.


(١) فصلت: ١٢.

(٤٥)

وموسى) مظهر الاسم القادر وللقوي وللشديد فيه أثر، وفلكه فلك المريخ.
(وهارون) مظهر الاسم العليم والآمر والناهي وفلكه فلك المشترى.
(وعيسى) مظهر الاسم المقسط وللحكيم فيه أثر ولذلك أبرأ الأكمه والأبرص وأحيى الموتى وفلكه فلك العطارد.
ومحمد صلى الله عليه وآله له جملة هذه الأفلاك أو الأسماء والأعداد، وهو مظهر الاسم الجامع وفلكه قاب قوسين أو أدنى، وهو جامع الأسرار، ومظهر الأنوار، وجامع الكلم فهو كل الكل وجملة الجمال وخلاصة الأكوان، وخاصة الرحمن وهو كما قيل:
فما أعجز الأفكار عن كنه وصفه وما أقصر التفسير عن كل معناه وعدد اسم محمد صلى الله عليه وآله (132) لأنه م ح م د وفيه ميم مدغمة واسمه أمين، واشتقاق لفظ الأمين من الأمن، وعدده خطا لا رسما (92) وهو عدد يشير إلى اسمه م ل ك وأمان أم ان وهو (92) كما قيل:
لاسم خير الرسل فضل * عند ذي الفضل متين فهو في الخط أمان * وهو في اللفظ أمين

(٤٦)

فصل (معنى الأحد والواحد) أحد وواحد ووحدانية، فالأحد اسم الذات مع سلب تعدد الصفات، والواحد اسم الذات مع إثبات تعدد الصفات، والوحدانية صفة الواحد، والواحد صفة الأحد، صلى الأحد على الواحد، الواحد سر لأحد الواحد، صفة الأحد الواحد نور الأحد الواحد، ظاهر الأحد الواحد أول العدد الأحد، باطن الواحد الأحد، معنى الواحد الفائض عن حقيقة الأحد هو معنى الموجودات، الأحد ذو الجلال، الواحد هو العقل الفعال، جل الأحد الحق في أحديته التي لا تحد تعالى الواحد المطلق في وحدانيته، التي لا تعد تقدس الصمد في صمدانيته التي ليس لها قبل ولا بعد، جل المعبود الحق في ألوهيته التي كلها ملك ومملوك وعبد.

(٥٣)

فصل (أول الخلق نور محمد وعلي) ظهر الواحد عن الأحد، وفاض عن الواحد سائر العدد، وذاك كما ظهر الخط عن النقطة، والسطح عن الخط، والجسم عنهم، والحروف عن النقطة، والكلام عن الحروف، والمعاني عن الكلام، والكل من واحد، منه المبدأ وإليه المعاد، بدؤها منك وعودها إليك، فالنقطة الواحدة هي حقيقة الموجودات، ومبدأ الكائنات، وقطب الدائرات، وعالم الغيب والشهادة، وظاهرها النبوة، وباطنها الولاية، وهما نور واحد في الظاهر والباطن، ولكن الولاية من النبوة وعنها لأنهما الاسمين الأيملين اللذين جمعا فاجتمعا، ولا يصلحان إلا معا، يسميان فيفرقان محمد وعلي، ويوصفان فيجتمعان نبي وولي، وتمامهما في تمام أحدهما، تمام الولي من النبي، لأن القمر يستمد من الشمس، فإذا كمل صار بدرا فإذا غابت الشمس كان الحكم للبدر (1).


(١) قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (يا عمر ابن الخطاب أتدري من أنا؟ أنا الذي خلق الله أول كل شئ نوري، فسجد له فبقي في سجوده سبعمائة عام، فأول كل شئ سجد له نوري ولا فخر. يا عمر أتدري من أنا؟ أما الذي خلق الله العرش من نوري والكرسي من نوري واللوح والقلم من نوري، والشمس والقمر من نوري، ونور الأبصار من نوري والعقل الذي في رؤوس الخلائق من نوري، ونور المعرفة في قلوب المؤمنين من نوري ولا فخر) (شرح الشمائل المحمدية: ١ /، ٤٩، ولوامع أنوار الكواكب الدري: ١ / ١٣) وفي حديث مستفيض: (كنت أول الأنبياء (الناس) في الخلق وآخرهم في البعث) (كنز العمال: ١١ / ٤٥٢ ح ٣٢ ١ ٢ ٦، والجامع الصغير: ٢ / ١٦٢، والطبقات الكبرى: ١. / ١١٩، والفردوس بمأثور الخطاب: ٣ / ٢٨٢ ح ٤٨٥٠، والوفا بأحوال المصطفى: ٣٦١، وينابيع المودة ١ / ٢٢٠ و ١٨، والخصائص الكبرى: ١ / ٣ الباب الأول) وقال أمير المؤمنين علي عليه السلام: (كنت وليا وآدم بين الماء والطين) (جامع الأسرار: ٣٨٢ – ٤٦٠ ح ٧٦٣ – ٩٢٧، والإنسان الكامل: ٧٧، والمراقبات: ٢٥٩) وأخرج المسعودي وسبط ابن الجوزي بسند أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال بعد حمد الله: (لما أراد الله أن ينشئ المخلوقات ويبدع الموجودات أقام الخلائق في صوره قبل دخول الأرض ورفع السماوات، ثم أفاض نورا من نور عزه فلمع قبسا من ضيائه وسطع. ثم اجتمع في تلك الصورة وفيها هيئة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم فقال له تعالى: أنت المختار وعندك مستودع الأنوار وأنت المصطفى المنتجب الرضا المنتجب المرتضى، من أجلك أضع البطحاء وأرفع السماء وأجري الماء وأجعل الثواب والعقاب والجنة والنار، وأنصب أهل بيتك علما للهداية، وأودع أسرارهم من سري بحيث لا يشكل عليهم دقيق، ولا يغيب عنهم خفي، وأجعلهم حجتي على بريتي والمنبهين على قدري والمطلعين على أسرار خزائني..

ثم بين لآدم حقيقة ذلك النور ومكنون ذلك السر، فلما حانت أيامه أودعه شيئا، ولم يزل ينتقل من الأصلاب الناظرة إلى الأرحام الطاهرة إلى أن وصل إلى عبد المطلب ثم إلى عبد الله، ثم إلى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فدعا الناس ظاهرا وباطنا وندبهم سرا وعلانية واستدعى الفهوم إلى القيام بحقوق ذلك السر اللطيف وندب العقول إلى الإجابة لذلك المعنى المودع في الذر قبل النسل، فمن وافقه قبس من لمحات ذلك النور واهتدى إلى السر وانتهى إلى العهد المودع في باطن الأمر وغامض العلم ومن غمرته الغفلة وشغلته المحنة استحق البعد.

ثم لم يزل ذلك النور ينتقل فينا ويتشعشع في غرايزنا، فنحن أنوار السماوات والأرض وسفن النجاة، وفينا مكنون العلم وإلينا مصير الأمور وبمهدينا تقطع الحجج، فهو خاتم الأئمة ومنقذ الأمة . منتهى النور وغامض السرد، فليهن من استمسك بعروتنا وحشر على محبتنا) (تذكر الخواص:
١٢١ – ١٢٢ – الباب السادس – المختار من كلام علي – خطبة في مدح النبي والأمة، ومروج الذهب: ١ / ١٧ ذكر المبدأ وشأن الخليفة، ونزهة المجالس: ٢ / ٩٦ مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم مختصرا) وقال ص: (إن الله خلقني وخلق عليا وفاطمة والحسن والحسين قبل أن يخلق آدم عليه السلام حين لا سماء مبنية، ولا ولا أرض مدحية، ولا ظلمة ولا نور، ولا شمس ولا قمر ولا جنة ولا نار) فقال العباس: كيف كان بدء خلقكم يا رسول الله؟

فقال: (يا عم لما أراد الله أن يخلقنا تكلم بكلمة خلق منها نورا، ثم تكلم بكلمة أخرى فخلق منها روحا، ثم مزج النور بالروح، فخلقني وخلق عليا وفاطمة والحسن والحسين، فكنا نسبحه حين لا تسبيح، ونقدسه حين لا تقديس، فلما أراد الله تعالى أن ينشئ خلقه فتق نوري فخلق منه العرش، فالعرش من نوري، ونوري من نور الله، ونوري أفضل من العرش.

ثم فتق نور أخي علي فخلق منه الملائكة، فالملائكة من نور علي ونور على من نور الله وعلي أفضل من الملائكة. ثم فتق نور ابنتي فخلق منه السماوات والأرض، فالسماوات والأرض من نور ابنتي فاطمة، ونور ابنتي فاطمة من نور الله، وابنتي فاطمة أفضل من السماوات والأرض.
ثم فتق نور ولدي الحسن فخلق منه الشمس والقمر فالشمس والقمر من نور ولدي الحسن ونور الحسن من نور الله، والحسن أفضل من الشمس والقمر.

ثم فتق نور ولدي الحسين فخلق منه الجنة والحور العين، فالجنة والحور العين من نور ولدي الحسين، ونور ولدي الحسين من نور الله، وولدي الحسين، أفضل من الجنة وحور العين) (بحار الأنوار: ١٥ / ١٠ – ١١ باب بدء خلق النبي ح ١١.).

إلى أن قال: (فتكلم الله بكلمة فخلق منها روحا… ثم نورا فأزهرت المشارق والمغارب فهي فاطمة) (الأنوار النعمانية: ١ / ١٧ – ١٨ مع تفاوت عما في بحار الأنوار ليس بيسير رواه عن ابن مسعود).
وعن الإمام علي عليه السلام: (ألا إني عبد الله وأخو رسوله وصديقه الأول قد صدقته وآدم بين الروح والجسد، ثم إني صديقه الأول في أمتكم حقا، فنحن الأولون ونحن الآخرون) (بحار الأنوار: ١٥ / ١٥ ح ١٩.).

وعن أبي جعفر عليه السلام قال: (يا جابر كان الله ولا شئ غيره، لا معلوم ولا مجهول، فأول ما ابتدأ من خلقه أن خلق محمدا صلى الله عليه وآله وخلقنا أهل البيت معه من نور عظمته، فأوقفنا أظلة خضراء بين يديه حيث لا سماء ولا أرض ولا مكان ولا ليل ولا نهار ولا شمس ولا قمر) (بحار الأنوار: ١٥ / ٢٣ ح ٤١).

وعن الإمام الصادق عليه السلام: (إن الله كان إذ لا كان، فخلق الكان والمكان وخلق نور الأنوار الذي نورت منه الأنوار، وأجرى فيه من نوره الذي نورت منه الأنوار، وهو النور الذي خلق منه محمدا وعليا، فلم يزالا نورين أولين إذ لا شئ كون قبلهما) (بحار الأنوار: ١٥ / ٢٤ ح ٤٦.).
وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: (كان الله ولا شئ معه، فأول ما خلق نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله قبل خلق الماء والعرش والكرسي والسماوات والأرض واللوح والقلم والجنة والنار والملائكة وآدم وحواء) (بحار الأنوار: ١٥ / ٢٧ – ٢٨ ح ٤٨.).

* أقول: ذكر المجلسي في بحاره والجزائري في الأنوار وغيرهما عدة روايات أخرى في أنهم أول الخلق اقتصرنا على ما يكفي لإقناع الناصبي فضلا عن غيره (بحار الأنوار: ١٥ / 2 إلى 50 ح 2 إلى 48 باب بدء خلق النبي من كتاب تاريخ نبينا صلى الله عليه وآله، وإرشاد القلوب: 2 / 4 40 – 405 و 415 – 416 – 421، والأنوار النعمانية: 14 – 15 – 17 – 18 – 22)

(٥٥)

شاهد أيضاً

برنامج لعلكم تتقون الحلقة (2)

برنامج لعلكم تتقون الحلقة (2) إقرأ المزيد الامام الخامنئي يهنئ بفوز المنتخب الايراني للمصارعة الرومانية ...