38 ) أوّل الدين معرفته…
يقول الإمام أمير المؤمنين علي(ع) في الخطبة الأولى من نهج البلاغة:
(أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له..).
بالتفكّر تتكامل المعرفة الفطرية:
بداية الدين الإلهي وأوّل دعوات الأنبياء ومناهج المذاهب الإلهية معرفة الله تعالى. أوّل نقلة فكرية للإنسان يجب أنّ تتم في ما يتعلق بالله فتتكامل المعرفة الفطرية الإجمالية لتجد طريقها إلى المعرفة التفصيلية.
ومعنى أن يتوصّل الإنسان إلى معرفة الله هو أن يعرف أنّ لهذا العالم صانعاً فالعالم حادث ولكل حادثٍ محدث. هذا القدر من العلم هو من المعرفة الفطرية وكل إنسان يدرك في قرارة نفسه هذا الأمر فما من شيءٍ يوجد من دون علّة أو سبب. إن الطفل عندما يبلغ مرحلة الشعور إذا ما وضع أحد من ورائه شيئاً أمامه فإنه قبل أن يمد يده إلى ذلك الشيء ينظر أوّلاً إلى خلفه ليرى من الذي أتى بهذا الشيء؟
فالشيء الذي لم يكن موجوداً من قبل في هذا المكان ثم وجد، لا بد أنه يحتاج لموجد لأن (الإيجاد) حادث.
إنه يدرك، وفقاً لفطرته أنّ عالم الوجود هذا الذي ترونه له محدث لأن (المصنوع) حادث إذاً فيحتاج إلى خالق.
ينظر إلى بدنه فيشاهد النظام والحكمة في كل أجزائه عندها يستيقن أنّ خالقاً عالماً، قادراً قد أوجده. هذه المعرفة الإجمالية، التي هي فطرته، يجب تنميتها عن طريق التدبّر في الآيات والتفكّر في الآثار ويجب تقويتها لتبلغ مرحلة التصديق… مرحلة اليقين والإذعان القلبيين… لتصل إلى حدٍ لا يشوبها شكّ بعده.