الرئيسية / شخصيات اسلامية / العلماء ورثة الانبياء

العلماء ورثة الانبياء

41 – حبيب بن أوس أبو تمام الطائي العاملي الشامي الشاعر المشهور . كان شيعيا فاضلا أديبا منشئا ، له كتب منها : ديوان الحماسة ،
وديوان شعره ، وكتاب مختار شعر القبائل ، وكتاب فحول الشعراء ،
والاختيارات من شعر الشعراء ، وغير ذلك .
وذكره العلامة في الخلاصة فقال : كان إماميا ، وله شعر في أهل البيت
عليهم السلام ، وذكر أحمد بن الحسين أنه رأى نسخة عتيقة قال : لعلها
كتبت في أيامه أو قريبا منها ، فيها قصيدة يذكر فيها الأئمة عليهم السلام
حتى انتهى إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام ، لأنه توفي في أيامه ، وقال
الجاحظ في كتاب الحيوان : وحدثني أبو تمام [ الطائي ] ( 1 ) وكان من
رؤساء الرافضة – انتهى كلام العلامة ( 2 )
ونحوه كلام النجاشي وزاد له كتاب الحماسة ، وكتاب مختار شعر
القبائل ، أخبرنا أبو أحمد عبد السلام بن الحسين ( 3 ) البصري – انتهى ( 4 ) .

 

 
وقال صاحب كتاب طبقات الأدباء : أبو تمام حبيب بن أوس
الطائي الشاعر ، شامي الأصل كان بمصر في حداثته يسقي الماء في المسجد
الجامع ، ثم جالس الأدباء فأخذ منهم وتعلم ، وكان فهما فطنا ، وكان
يحب الشعر فلم يزل يعانيه حتى قال الشعر وأجاده ، وسار شعره وشاع
ذكره ، وبلغ المعتصم خبره فحمله إليه [ وهو بسر من رأى ] ( 1 ) فعمل
أبو تمام قصائد وأجازه المعتصم وقدمه على شعراء وقته ، وقدم بغداد فجالس
بها الأدباء وعاشر العلماء [ وكان موصوفا بالظرف وحسن الأخلاق وكرم
النفس ، وقد روى عنه أحمد بن طاهر وغيره أخبارا مسندة ] ( 2 ) ، وهو
حبيب بن أوس بن الحارث بن قيس . . . مات سنة 231 ورثاه الحسن ( 3 )
ابن وهب ( 4 ) فقال :

 

 
فجع القريض بخاتم الشعراء * وغدير روضتها حبيب الطائي –
ماتا معا فتجاورا في حفرة * وكذاك كانا قبل في الاحياء
ورثاه محمد بن عبد الملك وهو حينئذ وزير فقال :
نبأ أتى من أعظم الانباء * لما ألم مقلقل الأحشاء
قال حبيب قد ثوى فأجبتهم * ناشدتكم لا تجعلوه الطائي
– انتهى ) ( 5 ) .

 

 
وقد قال جماعة من العلماء : إنه أشعر الشعراء ومن تلامذته البحتري
وتبعهما المتنبي وسلك طريقتهما ، وقد أكثر في شعره من الحكم والآداب ،
وديوانه في غاية الحسن ، وبعضهم فضل البحتري عليه ، وقال ابن الرومي :
وأرى البحتري يسرق ما قاله ابن أوس في المدح والتشبيب ، كل بيت له
تجود معناه فمعناه لابن أوس حبيب ، ومن شعره قوله :
وما هو إلا الوحي أوحد مرهف * تميل ظباه اخدعي كل مائل –
فهذا دواء الداء من كل عالم * وهذا دواء الداء من كل جاهل ( 1 )
وقوله من قصيدة :

 

 
السيف أصدق أنباء من الكتب * في حده الحد بين الجد واللعب
بيض الصحائف ( 2 ) لا سود الصحائف في * متونهن جلاء الشك والريب
والعلم في شهب الا رماح لامعة * بين الخميسين لا في السبعة الشهب
إن الحمامين من بيض ومن سمر ( 3 ) * دلو الحياتين من ماء ومن عشب
إن الأسود أسود الغاب همتها * يوم الكريهة في المسلوب لا السلب ( 4 )
وقوله من أخرى :
إذ المرء لم يستخلص الحزم نفسه ( 5 ) * فذروته للنائبات ( 6 ) وغاربه
أعاذ لنا ما أحسن الليل مركبا * وأحسن منه في المهمات راكبه ( 7 )
وقوله من أخرى :

 

 
وقد يكهم السيف المسمى منية * وقد يرجع المرء المظفر ( 1 ) خائبا
فآفة ذا أن لا يصادف مضربا ( 2 ) * وآفة ذا أن لا يصادف ضاربا ( 3 )
وقوله من أخرى :
جرى حاتم في حلبة منه لو جرى * بها القطر شأوا قيل أيهما القطر
فتى ذخر الدنيا أناس ولم يزل * لها ذاخر فانظر لمن بقي الذخر ( 4 )
وقوله من أخرى :

 

 
ينال الفتى من عيشة وهو جاهل * ويكدي الفتى في عيشة ( 5 ) وهو عالم
ولو كانت الأرزاق تأتي على الحجى ( 6 ) * هلكن إذا من جهلهن البهائم
فلم يجتمع شرق وغرب لقاصد * ولا المجد في كف الفتى والدراهم ( 7 )
[ ونقل ابن شهرآشوب في المناقب من شعر أبي تمام :

 
ربي الله والأمين نبيي * صفوة الله والوصي إمامي –
ثم سبطا محمد تالياه * وعلي وباقر العلم حامى –
والتقي الزكي جعفر الطيب * مأوى المعتر والمعتام ( 1 )
ثم موسى ثم الرضا علم الفضل * الذي طال سائر الاعلام
والصفي محمد بن علي * والمعرى من كل سوء وذام –
والزكي الامام مع نجله القائم * مولى الأنام نور الظلام
[ أبرزت منه رأفة الله بالناس * لترك الظلام بدر التمام
فرع صدق نما إلى الرتبة القصوى * وفرع النبي لا شك نامي
فهو ماض على البديهة بالفيصل * من رأى هزبري همام
عالم بالأمور غارت فلم تنجم * وماذا يكون في الانجام ] ( 2 )
هؤلاء الأولى أقام بهم حجته * ذو الجلال والاكرام ] ( 3 )
وذكر المسعودي في مروج الذهب جملة من أحوال أبي تمام ومدحه
وقال : وقد رثته الشعراء بعد وفاته ، منهم الحسن بن وهب ، وذكر له
أبياتا منها قوله :

 

 

 
فإن تسأل بما في القبر منى ( 4 ) * حبيبا كان يدعى لي حبيبا
لبيبا شاعرا فطنا أديبا * أصيل الرأي في الجلي أريبا
أبا تمام الطائي إنا * لقينا بعدك العجب العجيبا
وأبدى الدهر أقبح صفحتيه * ووجها كالحا جهما قطوبا ( 5 )
وقال ابن خلكان : أبو تمام حبيب بن أوس بن الحارث بن قيس . .

 

 
وذكر نسبه إلى يعرب بن قحطان ( 1 ) ثم قال : الشاعر المشهور ، كان
واحد عصره في فصاحة لفظه ( 2 ) ونصاعة شعره وحسن أسلوبه ، له كتاب
الحماسة التي دلت على غزارة فضله [ واتقان معرفته بحسن اختياره ] ( 3 )
وله مجموع آخر سماه فحول الشعراء ، وكان له من المحفوظات مالا يلحقه
فيه غيره ، قيل إنه كان يحفظ أربعة عشر الف أرجوزة للعرب غير القصائد
والمقاطيع ، ومدح الخلفاء وجاب البلاد . . .

 

 
إلى أن قال : ولم يزل شعره غير مرتب حتى جمعه أبو بكر الصولي
ورتبه على حروف المعجم ، ثم جمعه علي بن حمزة الأصفهاني ولم يرتبه
على الحروف وجمعه على الأنواع . [ ولد بجاسم ، وهي قرية من بلد
الجيدور من أعمال دمشق ، توفي سنة 231 ] ( 4 ) .
ثم ذكر رثاء الحسن بن وهب ومحمد بن عبد الملك الزيات إياه .

شاهد أيضاً

قصيدة تلقى قبل أذان الصبح في حضرة الإمام الحسين عليه السلام في شهر رمضان المبارك

  أشرب الماءَ وعجّل قبل َأن يأتي الصباح  أشربَ الماءَ هنيئا أنهُ ماءٌ مباح أشربَ ...