الشيخ إبراهيم بن علي بن الحسن بن صالح بن إسماعيل العاملي الكفعمي
مولدا اللويزي محتدا الجبعي أبا الحارثي نسبا التقي لقبا الامامي مذهبا كذا
ذكر نفسه في كتاب الدروس الذي عندي بخط يده
وهو العالم الكامل المعروف بالكفعمي .
قال في نفح الطيب : الكفعمي نسبة إلى ” كفر عما ” قرية من قرى أعمال
صفد ، كما تقول في النسبة إلى بنى عبد الدار ” عبدري ” والى حصن كيفا
” حصكفي ” . انتهى .
وعن خط الشيخ البهائي محمد بن الحسن بن عبد الصمد الحارثي العاملي :
ان الكف على لغة جبل عامل بمعنى القرية ، وعيما اسم لقرية هناك ، وأصلها
كف عيما ، والنسبة إليها كفعيماوي ، فحذف ما حذف لشدة الامتزاج وكثرة
الاستعمال فصار كفعمي . انتهى .
والتحقيق أن كفر بالسريانية بمعنى القرية ، ومنه كفر ثوثي وكفر عاقب ،
وأكثر من تلكم بها أهل الشام لسبق السرياني في سوريا ، فهي قرى تنسب إلى
رجال ذلك العصر القديم 1 ) . وأما كفر عما هل هي من قرى صفد أو من قرى
عاملة فلا أتحققه ولم يبلغني في قرى البلاد كفر عما ( 2 .
وقبر الكفعمي رحمه الله في قرية جبثيث من قرى جبل عامل ، ظاهر يزار
إلى الان . وحدثني بعض الأجلة الثقات أن قبره كان مخفيا وظفر ( به ) في المائة
الحادية عشر ، وله حكاية غريبة مشهورة . وأيضا قد روى هذه الحكاية سيدنا آية الله
العلامة السيد صدر الدين العاملي عن بعض الثقات من أهل البلاد 1 ) .
وكان هذا الشيخ واسع الاطلاع ، ذكره في الأصل 2 ) ولم يذكر طول باعه
في الأدب وسرعة بداهته في الشعر والنثر .
قال في رياض العلماء عند ذكره : له يد طولى في أنواع العلوم ، سيما
العربية والأدب ، جامع حافل كثير التتبع ( في الكتب ) ، وكان عنده كتب كثيرة
جدا ، وأكثرها من الكتب الغريبة اللطيفة المعتبرة . وسماعي أنه قدس سره ورد
المشهد الغروي وأقام به وطالع في كتب الخزانة الغروية ، ومن تلك الكتب
ألف كتبه الكثيرة في أنواع العلوم ، ومن تلك الكتب مؤلفاته وتصانيفه 3 ) ،
فان له ” بديعية ” و ” شرحها ” تدل على كماله في الأدب .
وله مصنفات غير ما ذكر في الامل : كتاب ” المقصد الأسنى في شرح الأسماء
الحسنى ” ، ورسالة في ” محاسبة النفس ” ، وكتاب ” نهاية الإرب في أمثال
العرب ” في مجلدين قيل لم ير مثله في معناه ، وكتاب ” قراضة النظير في التفسير “
وهو تلخيص مجمع البيان ، وكتاب ” صفو الصفات في شرح دعاء السمات “
وكتاب ” فروق اللغة ” وهو كتاب جليل في موضوعه يدل على تبحره في علم
اللغة ، وكتاب ” المنتقى في العوذ والرقى ” ، وكتاب ” الحديقة الناضرة ” ،
وكتاب ” نور حدفة البديع ونور حديقة الربيع ” في شرح بعض قصائد العرب
المشهورة ، وكتاب ” النخبة ” ، وكتاب ” فرج الكرب وفرح القلب ” في علم
الأدب بأقسامه عشرين ألف بيت ، و ” الرسالة الواضحة في شرح سورة الفاتحة “
وكتاب ” العين المبصرة ” ، وكتاب ” الكوكب الدري ” ، ورسالة في ” تاريخ
وفيات العلماء ” ، وكتاب ” ملحقات الدروع الواقية ” ، وكتاب ” مجمع الغرائب “
وكتاب ” لمع البرق ” ينقل عنه المولى محمد مؤمن في كتاب ” مطلع السعدين “
وكتاب ” مشكاة الأنوار ” ، وله ” مجموع الغرائب ” وكتاب ” اللفظ الوجيز
في قراءة الكتاب العزيز ” .
وله مجموعة كبيرة كثيرة الفوائد مشتملة على مؤلفات عديدة اتمام كتابة
بعضها سنة ثمان وأربعين وثمانمائة وتاريخ بعضها سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة ،
وفيها عدة كتب من مؤلفاته أيضا ، منها كتاب ” اختصار الغريبين ” للهروي ،
وكتاب ” اختصار مقرب اللغة ” ، ” اختصار كتاب غريب القرآن ” لمحمد بن
عزيز السجستاني ، وكتاب ” اختصار جوامع الجامع ” للطبرسي ، و ” اختصار
كتاب علي بن إبراهيم القمي ” ، و ” اختصار زبدة البيان مختصر ( مجمع )
البيان للطبرسي ” للشيخ زين الدين البياضي ، و ” اختصار علل الشرائع “
و ” اختصار المجازات النبوية ” للسيد الرضي ، و ” اختصار كتاب الحدود
والحقائق ” في تفسير الألفاظ المتداولة في الشرع وتعريفها ، وله كتاب ” حياة
الأرواح ومشكاة الصباح ” وهو على ثمان وسبعين بابا في اللطائف والاخبار
والآثار فرغ منه سنة أربع وخمسين وثمانمائة ، وله كتاب ” التلخيص ” في المسائل
العويصة من الفقه ، وله ” مختصر نزهة الألباء في طبقات الأدباء ” ، وله كتاب
” اختصار لسان الحاضر والنديم ” 1 ) .
وله شعر كثير وقصائد طوال وأراجيز جيدة ، منها قصيدة رأيتها في مدح
أمير المؤمنين عليه السلام تبلغ مائة وتسعين بيتا أنشدها عند قبره الشريف لما
زاره يذكر فيها يوم الغدير ، ومنها أرجوزة في مائة وثلاثين بيتا في الأيام المستحب
صومها ، وختم بديعته بخطبة فيها تحريره في مدح سيد البرية تورياتها في السور
القرآنية ، شفعها بقصيدة على سور القرآن في مدح سيد ولد عدنان ، وأوردهما
الفاضل المغربي احمد في نفح الطيب في صفحة تسعين وثلاثمائة من الجزء
الرابع ، وذكر له بعد ذلك نظما في أسماء الكتب ، وهو قوله :
يا طريق النجاة بحر فلاح * أنت دفع الهموم والأحزان
أنت أس التوحيد عدة داع * ثم روح الاحياء فلك المعاني
نهج حق ونثر در نبيه * ورياض الآداب ذكرى البيان
فائق رائع مسرة راض * منتهى السؤل جامع للأماني
نزهة عدة ظرائف لطف * روضة منهج جنان الجنان
فصحاح الألفاظ فيه تلقى * وشذور العقود والمرجان
وهو قوت القلوب نهج جنان * وكنوز النجاح والبرهان
فناسب بين أسماء الكتب وقصده غير ذلك .
ومنها رسالته إلى قاضي القضاة ابن القرقوري يخرج منها قصيدة :
” يقبل الأرض وينهي ( سلام ) عبد لكم ( محب ) وعلى الألفة منكب
( لو بدا ) للناظرين ( عشر ) معشار ( شوقه ) وغرامه ( لطبق ) ذلك ( ما بين آفاق )
السماوات السبع ( والأرض ) لشدة هيامه ( تراه ) حقا ( لكم ) حانيا ( بالأمن )
والسرور ( والسعد ) والحبور ( داعيا ) لا جرم ( وهذا ) الثناء المتوالي و ( الدعاء )
للمقام العالي ( لا شك من لازم الفرض ) ملكك الله تعالى أزمة البسط والقبض ،
( وأنجاك ) ربي من المصاعب ( في ) دينك و ( دنياك ) وأنقذك ( من ) شر ( كل )
صغير ( شدة ) وكبيرها ( وأرضاك ) ، وجعلك أمينا ( في ) الأرض إلى ( يوم
القيامة ) والنشور ( والعرض كما أنت ) أمن ( لي ) من المخاوف و ( عون )
في كل شدة ( وغوث ) ملجأ ( وعدة ) ، وأنجحت آمالي ( ووفرت ) باخدامك
( لي مالي ) ، وأحسنت قرضي ( ووفرت ) باجلالك ( لي عرضي . وينهي )
المملوك ( إلى ) سيده ( قاضي القضاة ) وكافي الكفاة ( بأن ) المتولي الأمين
( ذا ) الفخر المبين ( علي بن ) المرحوم ( فخر الدين ) قوله ( في أمركم )
العالي ( مرضي ) وفعله مقتضى ( ومدحكم ) عليه ( فرض ) واجب ( يراه ) أبدا
( لسانه ) ويذكر المناقب ( وحبكم ) له واختياركم ( إياه ) دال بأنه أمير حكيم
( شاهده ) حقا ( يقضي ) بجعله على خزائن الأرض انه حفيظ عليم ، ( حديث )
مدح ( سواكم ) ليس من مدائحه و ( لا يمر ) أبدا ( بقلبه ) وجوارحه ، ( وان
مر ) في خاطره ( لا يحلو ) قاطعا ( وحكمكم ) عليه شرعا ومرسومكم ( يمضي )
وأمركم يقضي ( يتيه ) سرورا ( به ) رؤساء الشام و ( من في القبيبات ) من
الأنام ( عزة ) وعلوا ( لخدمته ) الشريف ( إياك ) ولأنه ( يا قاضي ) قضاة الدين
و ( الأرض ) لا يريد سواك ، ( فان يك ) الخادم المذكور ( في ) بعض ( أفعاله )
غافلا ( أو ) في ( مقاله ) غير كامل و ( عصاكم ) في بعض الامر ( فعين العفو )
والستر ( عن ذنبه ) لا جرم ( تغضي ) وهو بتوبته إليه يفضي . ( وسلام ) الله
( عليكم ) ورحمته لديكم ( كلما ) نطق ( ناطق ) أو ( ذر ) في المشارق ( شارق )
وما دارت الأفلاك ( وسبحت ) بلغاتها ( الأملاك في ) فسيح ( الطول ) ورحب
( العرض ) دوما ما بين السماء والأرض ” .
وهذه أبيات القصيدة المتولدة من هذه الرسالة التي كتبتها بالحمرة :
سلام محب لو بدا عشر شوقه * لطبق ما بين السماوات والأرض
تراه لكم بالأمن والسعد داعيا * وهذا الدعا لا شك من لازم الفرض
وأنجاك في دنياك من كل شدة * وأرضاك في يوم القيامة والعرض
كما أنت لي عون وغوث وعدة * ووفرت لي مالي ووفرت لي عرضي
وينهي إلى قاضي القضاة بأن ذا * علي بن فخر الدين في أمركم مرضي
ومدحكم فرض يراه لسانه * وحبك إياه شاهده يقضي
حديث سواكم لا يمر بقلبه * وان مر لا يحلو وحكمكم يمضي
يتيه به من في القبيبات عزة * لخدمته إياك يا قاضي الأرض
فان يك في أفعاله أو مقاله * عصاكم فيعين العين العفو عن ذنبه تغضي
سلام عليكم كلما ذر شارق * وسبحت الأملاك في الطول والعرض
ومن الأسف أني لم أعثر إلى اليوم على تاريخ تولد هذا الفاضل ولا على
تاريخ وفاته ، غير أنه فرغ من تأليف كتابه المعروف بالمصباح خمس وتسعين
وثمانمائة ، وفرغ من نسخ كتاب الدروس للشهيد وهو عندي بخطه وعليه قراءته
وبعض حواشيه خمسين وثمانمائة ، ولا أظنه ينقص عن الثلاثين عند فراغه من
الدروس ، فيكون يوم فراغه من المصباح في حدود الخمس وسبعين ( 1 . وكيف
كان فهو من علماء القرن التاسع ، ووفاته اما في آخر هذا القرن أو أوائل القرن
العاشر كما قال في كشف الظنون عند ذكر كتاب ” نور حدقة البديع ونور حديقة
الربيع ” أنه توفي سنة 905 خمس وتسعمائة . والله أعلم .
وكان معاصرا للشيخ زين الدين البياضي صاحب ” الصراط المستقيم ” .
بل في الرياض كان من تلامذته ويروي عنه وعن والده وعن جماعة عديدة .
رضي الله عنه وعنهم .
وقال في الرياض في الثناء على الكفعمي : العالم الكامل الفقيه المعروف
بالكفعمي ، من أجلاء علماء الأصحاب ، كان عصره متصلا بزمن خروج الغازي
في سبيل الله الشاه إسماعيل الماضي الصفوي ، ويروي الكفعمي ” ره ” عن
جماعة عديدة منهم والده ، وله عفى الله عنه يد طولى في أنواع العلوم . إلى
آخر ما مر من كلامه 2 ) .