الرئيسية / الاسلام والحياة / على عليه السلام من الولادة للشهادة – الاستاذ سالم الصباغ

على عليه السلام من الولادة للشهادة – الاستاذ سالم الصباغ

على عليه السلام من الولادة للشهادة 
المحطة الأولى 
على عليه السلام وليد الكعبة وعلاقته بإقامة الصلاة ؟
ولد ( على ) عليه السلام فى الكعبة المشرفة ولم يولد أحد قبله ولا أحد بعده نال هذا الشرف ، بل أن الكعبة المشرفة تشرفت بمولده عليه السلام ، وكما ولد فى الكعبة وإستقبل الحياة من قلبها ، فإنه ودع الحياة شهيداَ ذاكراَ الكعبة على لسانه وهو يتمتم ( فزت ورب الكعبة ) … وبين الولادة والشهادة رحلة طويلة ، ومحطات كثيرة ، نحاول أن نقرأ فيها بين السطور مغزى هذه الولادة فى بيت الله الحرام … ونحاول الإجابة على السؤال التالى :

ما هى العلاقة بين :
ذرية إبراهيم (ع ) ـ البيت الحرام ـ الإمامة ـ إقامة الصلاة …………. ؟
………………………………………………………………………………..
إذا أردنا أن نفهم الإشارات والرسائل التى تبعثها هذه الولادة الميمونة لأمير المؤمنيين على عليه السلام ، علينا أن نقرأ القصة فى كتاب الله عز وجل وهى تشرح لنا العلاقة بين :

ــ ذرية إبراهيم عليه السلام 
ــ بيت الله الحرام
ــ الإمامة
ــ إقامة الصلاة

 

0

ولنبدأ من سورة إبراهيم ( عليه السلام ) ومن قوله عز وجل :

(رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ )

هذه بداية القصة لهذه العلاقة :

1 ـ أما ( ذرية إبراهيم (ع ) فنقرأها فى قوله تعالى : ( رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي )
2 ـ أما الكعبة المشرفة … فنقرأها فى قوله تعالى :
( عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ )
والمعروف أن ذرية إبراهيم (ع ) المرتبطة بالوادى غير ذى زرع عند بيت الله المحرم هم ( محمد وأل محمد ) صلوات الله عليه وأله ، وهم ذرية السيدة هاجر عليها السلام من سيدنا إسماعيل ( ع ) ، عندما إمتثل إبراهيم ( ع ) للأمر الألهى وترك هاجر فى هذا الوادى الذى يخلوا من الزرع وبالتالى يخلوا من الماء ، أى يخلوا من أسباب الحياة ..!!
3 ـ أما علاقة هذا ( بالإمامة ) … فنقرأها فى قوله تعالى :

وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ(124). سورة البقرة
فهذه الأية توضح العلاقة بين ( ذرية إبراهيم ( ع ) وبين ( الإمامة ) …وهذه العلاقة هى أن الأمامة التى نالها إبراهيم ( ع ) بعد الإبتلاءات العديدة هى مستمرة فى ذريته أو فى عقبه كما فى قوله تعالى :
وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ 
أى فى عقب إبراهيم عليه السلام ، فكلمة التوحيد باقية فى عقب إبرهيم عليه السلام بصفتهم الورثة للكتاب ، وبصفته الأئمة فى هذه الأمة ..

والسؤال هنا :
ماهى العلاقة بين ( الإمام ) من أهل البيت عليهم السلام ، وبين إقامة الصلاة ؟ وذلك فى قوله تعالى :
((رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ )
فالأية الشريفة توضح أن الهدف بإسكان ذرية إبراهيم عليه السلام عند البيت الحرام هو ( إقامتهم الصلاة ) …والأية الشريفة تتحدث عن المفردات الأتية :
ذريتى ـ البيت الحرام ـ إقامة الصلاة 
والمعروف أنه رغم أن الكعبة البيت الحرام هى قبلة المسلمين فى صلاتهم ، وهى مركز طوافهم فى حجهم ، وهى مذكورة فى الأية الكريمة مع ذرية إبراهيم (ع ) ومع ذلك قالت الأية الكريمة :

(فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ) …أى إلى ( ذرية إبراهيم ) … أى إلى ( محمد وأل محمد ) صلوات الله عليهم …ولم يقل تهوى ( إليه ) أى إلى البيت الحرام …
إذا فالمقصود بالتوجه إليهم ، والحوم حولهم ، أو الحوم حومهم ، هم أهل البيت عليهم السلام وعظيمهم ( على ) عليه السلام … بصفتهم أئمة هذه الأمة ، والكلمة الباقية فى عقب إبراهيم عليه السلام ، وورثة الكتاب ، وأنه كما أنه لا صلاة دون توجه للكعبة المشرفه ، فلا إقامة كاملة للصلاة بحدودها ، وأدابها الباطنية الكاملة ، وبالخشوع والحضور والإطمئنان والعروج إلى الله إلا من إمام معصوم عصمة تامة ظاهرة وباطنة ، وبالتالى لا تكون الصلاة كاملة وتامة من المسلمين إلا بولاية الإمام المعصوم من أهل البيت ( ع ) وبالإئتمام به ومعرفته ، وبيعته ، وركوب سفينتهم ، والإهتداء بهديهم …

 

0

وهنا نستطيع أن نفهم قول الرسول صلوات الله عليه وأله :

( من مات وليس فى عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ) ( صحيح مسلم )

هذا هو الإمام المعصوم والمصطفى من أهل بيت النبوة هو الذى ينطبق عليه هذا الحديث الشريف ،، وليس كما فهمه الأخرون بأنه الذى يختاره الناس بالشورى ، أو بالتغلب بالقوة ، أو بالوراثة الملكية ، والذى وصل الحال أن يدعيها أمثال داعش والنصرة والقاعدة ، ومن قبلهم العثمانية ، والعباسية ، والأموية ، والتى كانت نتيجتها أنهار من الدماء تسيل على مدار العصور والشهور … وتشويه لصورة الإسلام ، وتقديمه فى صورة لا تليق بالرسالة الخاتمة ، ومنذ صدر الإسلام حتى الأن ..!! بل الأن ، كما نرى بأعيننا ، تم لصقه بالإرهاب والتطرف والقتل والتمثيل بالجثث والدماء والعصبية ، والجاهلية ، والتخلف ….

وكذلك أستطيع أن أفهم الأن معنا قولنا فى زيارة المعصومين عليهم السلام :

( أشهد أنكم أقمتم الصلاة )

وإرتباطها بقوله تعالى :

( ربنا ليقيموا الصلاة )

وكنت أتساءل عندما كنت أقرأ فى الزيارة الشريفة عبارة ( وأقمتم الصلاة ) فأقول لماذا مدحهم الله عز وجل بإقامة الصلاة ، مع أن ملايين المسلمين يقيمون الصلاة … الحقيقة أنهم ـ أى الناس ـ لا يقيمون الصلاة بل يؤدون شكلها ، كما قال الرسول صلوات الله عليه وأله :

( صلوا كما رأيتمونى إصلى )

أى الصورة ، أم الصلاة الحقيقية ، بخشوعها وأدابها الباطنية ، والعروج بها ، فهى لاتكون بكاملها إلا من المعصوم أو من يقترب منه ، وحسب المعرفة والقرب والإتباع من الأمة تكون الصلاة صلة ، تامة ، كاملة ..وهذه أكبر نعمة من نعم الولاية لمحمد وأل محمد عليه السلام ، ولا تتعجب فحتى النجاة فى يوم القيامة لا تكون إلا بإتباعهم عند المرور على الصراط ، يقول تعالى :

( يوم ندعوا كل إناس بإمامهم )

هذه هى الإمامة التى أرادها الله للأمة ، هى هداية ورحمة ونجاة من النار .. هى إقامة حقيقية وكاملة وتامة للصلاة ، هى عبور على الصراط ، هى الوسيلة فى الدنيا ، وهى الشفاعة فى الأخرة .
فزت ورب الكعبة
ـــــــــ
ولذلك عندما يستشهد أمير المؤمنين على عليه السلام مقتولاَ بالسيف وهو واقف فى المحراب يصلى ، طاعة للأمر الألهى فى حق الذرية الطاهرة : ( ربنا ليقيموا الصلاة ) …تحقق يقينه بأن يلقى الله وهو فى حالة عروج ملكوتى ، منفذا للأمر الألهى : ( ربنا ليقيموا الصلاة ) ،، فقال قولته الخالدة :
(فزت ورب الكعبة )
فجعل الله أفئدة من الناس تهوى إليه

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...