القرآن المجيد لكي يفهمنا بقاء الروح يقول (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أمواتاً بل أحياء ولكن لا تشعرون). [البقرة: 154]
ففي الحقيقة هي أن الروح عند الموت كأنها نزلت من مركب البدن وبتعبير الإمام الصادق (ع) أنها كالطير الذي يتحرر من قفصه ويبقى القفص تحت التراب أما كيف حال ذلك الطير؟
تراز كنكره عرش ميزنند صغير نداء… سخت كه در اين دامكه جه افتاده است.
الروح باقية ببقاء الله
علي (ع) يقول “رحم الله امرأً عرف نفسه” عرف بأنه ليس حيواناً وحقيقته شيء آخر والنفس باقية ببقاء الله وهذا الجسم خادم ومسخر لها. الفعاليات التي أعطاها الله للنفس هي مظهر الفاعلية والقدرة الإلهية، القدرة الإلهية ظاهرة في هذا البدن فكيف تنفذ إرادة النفس في هذا البدن فكذلك الله أيضاً “يا من نفذ في كل شيء أمره”.
جسم العالم مخلوق من قبل الله
جسمك هذا مع أنه ليس مخلوقاً لك ومع ذلك تجد لإرادتك هذا النفوذ فيه فكيف بجسم العالم الذي هو مخلوق لله أيضاً. كيف نفوذ أمره الله فيه؟ ففي مقابل إرادة الذات المقدسة، الأحدية تكون الاطاعة التكوينية في ذرات وجود العالم أكثر، فالمعدوم يصبح موجوداً والموجود معدوماً والمتصل يصير منفصلاً والمنفصل متصلاً.
الادراكات أثر الروح في البدن
لأجل أن تتضح أكثر فاعلية وفعالية الروح بالنسبة للبدن نوضح مسألة تغاير الروح والبدن ببيانات متعددة ونقصد بذلك أن الروح غير البدن.
قلت بأن معرفة الشيء تكون بمعرفة آثار ذلك الشيء فالعين والأذن لا تستطيع إدراك الروح المجردة ولكن يمكن أن ندرك ذلك من آثارها.
الادراكات من آثار الروح على البدن فعندما تصطدم قدمك بحجر اثناء السير أو تصيب قدمك شوكة فستعلم بذلك فوراً وهكذا كل حادثة تقع ستدركها الروح في الحال وهذا نموذج لعلم الروح بما يجري على البدن، وكما أنك تعلم بالحوادث التي تصيب بدنك فكذلك الله الخالق للروح والبدن يعلم بصورة أكمل وأتم ولا يخفى عليه أن شيء يجري في جسم العالم.
في كل زاوية من زوايا هذا العالم لا تقع أية حادثة إلا بإذنه ومشيئته.
الحافظة دليل على تجرد النفس
الروح ليست مادية انظروا إلى جهاز الحافظة والذي يحتفظ بكل ما رآه الشخص أو سمعه وأحسه من أول عمره وكذلك كل كلام نطق به. إذا أراد أحد أن يحسب الكلمات التي قالها لحد الآن وما رآه وسمعه ولمسه وذاقه بالتأكيد سيكون رقما خيالياً. إذا أردت أن تكتب ما تكلمت به لمدة ساعة واحدة فكم سيكون؟ أما إذا أردت أن تكتب كل ما قلته وسمعته وتسجله على الورق فكم يلزمك من الألواح وأي مكان يتسع لها. واقعاً شيء محير!
لا تزاحم بين المدركات
ولكن ما هذه النفس الناطقة التي تجتمع فيها كل هذه الادراكات بدون تزاحم. لو سألت أحداً من هذا الشخص الذي رأيته في اليوم السابق فسوف ترجع إلى مسؤول الاسناد والخزانة وتريد منه التحقيق والبحث وتشتغل الحافظة لتعثر أخيراً على ما تريد.
وطبيعي أن قوة الحافظة غير متساوية عند الجميع فالنسيان يختلف باختلاف حافظة الأفراد فعند البعض كثير والبعض الآخر قليل.