فالقلب أيضاً في أول الأمر طفل ما انفتح لسانه بالكلام ولابدّ له من التعليم وأن تلقّن له الأذكار والأوراد فإذا انفتح لسان القلب يكون تابعا له وترتفع مشقة الذكر وتعب التعليم وملالة الذكر ، وهذا الأدب بالنسبة إلى المبتدئين ضروري .
وليعلم أن من أسرار تكرار الأذكار والأدعية ودوام الذكر والعبادة انفتاح لسان القلب فيكون ذاكراً وداعياً وعابداً وما دام لم يلاحظ الأدب المذكور لا ينفتح لسان القلب ، وقد أشير إلى هذا المعنى في
{ 67 }
الأحاديث الشريفة كما في الكافي الشريف عن الصادق عليه السلام أن عليّاً عليه السلام قال في ضمن بيان بعض آداب القراءة : ” ولكن اقرعوا به قلوبكم القاسية ولا يكن همّ أحدكم لآخر السورة ” . وفيه أيضاً أن أبا عبد الله الصادق عليه السلام قال لأبي أسامة : ” يا أبا أسامة أوعوا قلوبكم ذكر الله واحذروا النكت “.
وقد كان أولياء الله يلاحظون هذا الأدب حتى الكمّل منهم كما في الحديث أن مولانا جعفر بن محمد الصادق عليه السلام كان في صلاته فغشي عليه فلمّا أفاق سئل عن سببه فقال : مازلت أردد هذه الآية على قلبي حتى سمعتها من المتكلم بها فلم يثبت جسمي لمعاينة قدرته. ( والرواية على ما ذكرها العارف الفقيه جمال العارفين السيد بن طاووس (( *- ابن طاووس يطلق غالباً على رضي الدين ابي القاسم على بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحسيني السيد الأجل الاورع الازهد قدوة العرفين الذي ما اتفقت كلمة الأصحاب على اختلاف مشاربهم وطريقتهم على صدور الكرامات عن أحد ممّن تقدمه أو تأخّر عنه غيره . قال العلامة في إجازته الكبيرة : وكان رضي الدين علي صاحب كرامات حكى لي بعضها وروى لي والدي رحمة الله عليه البعض الآخر ( انتهى ) .
قال المحدث النوري في المستدرك ، ويظهر في مواضع من كتبه خصوصا ( كشف المحجة ) : ” ان باب لقائه الإمام الحجة عليه السلام كان مفتوحا ” . وقال رحمه الله :” وكان رحمة الله من عضماء المعظِّمين لشعائر الله تعالى لا يذكر في أحد تصانيفه الاسم المبارك ” الله ” الاّ يعقبه بقوله جلّ جلاله ” . توفي رحمه الله يوم الاثنين خامس ذي العقدة سنة 664 ( خسد ) )) – في كتابه ( فلاح السائل ) : فقد روي ” إن مولانا جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام كان يتلو القرآن في صلاة فغشي عليه فلما أفاق سئل ما الذي أوجب ما انتهت حالتك إليه ؟ فقال عليه السلام ( ما معناه ) : ما زلت أكرر آيات القرآن حتى بلغت إلى حال كأنني سمعتها مشافهة ممّن أنزلها على المكاشفة والعيان فلم تقم القوة البشرية بمكاشفة الجلالة الإلهية ” . ثم يقول العرف المذكور : وإياك يا من لا تعرف حقيقة ذلك أن تستبعده أو يجعل لك الشيطان في تجويز الذي رويناه عندك شكا بل كن مصدقا ، أما سمعت الله يقول ” فلمّا تجلى ربّه للجبل جعله دكّاً وخرّ موسى صعقاً ” ( الاعراف 143 ) ( انتهى ) )