اذا عرفت الآن فضيلة حضور القلب وخواصّه عقلا ونقلا وفهمت الاضرار الكبيرة في تركه فلا يكفي العلم وحده بل يجعل الحجة عليك أتمّ ، فشمّر عن ذيل الهمّة وكن في صدد تحصيل ما علمته وأخرج علمك إلى مرحلة العمل كي تستفيد منه وتربح فتفكر قليلا في أن قبول الصلاة شرط لقبول سائر الاعمال بحسب أحاديث أهل بيت العصمة عليهم السلام
الذين هم معادن الوحي وإنّ أقوالهم وعلومهم من الوحي الالهي والكشف المحمّدي صلى الله عليه وآله وسلم وان الصلاة إذا لم تكن مقبولة فلا ينظر إلى سائر الاعمال أصلا وإن قبول الصلاة بإقبال القلب فلو لم تكن الصلاة مشتملة عليه فهي ساقطة من درجة الاعتبار ولا تليق بمحضر الحق تعالى ولا تقبل كما علم ذلك من الاحاديث السابقة فمفتاح خزينة الأعمال وباب أبواب جميع السعادات حضور القلب فيه يفتح باب السعادة للإنسان ومن دونه تسقط جميع العبادات من درجة الاعتبار .
فالآن تفكّر قليلا بنظر الاعتبار وانظر بعين البصيرة أهمية المقام وعظمة الموقف وقم بالامر بجدّ تامّ فإن مفتاح باب السعادة وأبواب الجنة ومفتاح باب الشقاوة جهنم لفي جيبك في هذه الدنيا فتستطيع أن تفتح أبواب الجنة والسعادة لنفسك وتستطيع أن تكون على خلاف ذلك فزمام الأمر بيدك ولله الحجة البالغة قد
{ 89 }
هدى سبيل السعادة والشقاوة وأعطى التوفيقات الظاهرية والباطنية فما منه تعالى ومن أوليائه فقد تمّ وانمّا الآن فرصتنا في الإقدام فإنهم الهادون إلى الطريق ونحن السائرون فيه إنهم قضوا ما عليهم على الوجه الاحسن ولم يتركوا لنا عذرا ولم يقصّروا ولو لمحة فانتبه أنت أيضاً من نومك واطْوِ طريق السعادة واستفد من عمرك وقوّتك فإن الوقت إذا انقضى وفاتك العمر الحاضر و الشباب الموجود
وفقدت كنز القدرة والقوة فلا ينجبر أبدا فإن كنت الآن في عهد الشباب فلا تؤخر أمرك إلى الشيب فإن للشيب مصائب لا يعلمها إلا الشيب وأنت في غفلة عنها ، ان الاصلاح في حال الشيب والضعف لمن الامور الصعبة جدا ، وان كنت شايبا فلا تدع بقية العمر تفوت منك فإنك مادمت في هذا العالم فلك طريق إلى السعادة ولك منها باب مفتوح فلا سمح الله إذا أغلق هذا الباب وانسدّ هذا الطريق فيخرج زمام الاختيار من يدك ولا يبقى لك نصيب سوى الحسرة والندامة والأسف على ما مضى من أمرك .