(غسل النبي(ص)):
117 – وعن ابن عباس، قال:
لمَّا اجتمع القوم لغسل رسول الله(ص) وليس في البيت إلَّا أهله: عمُّهُ العباس بن عبدالمطلب، وعلي بن أبي طالب، والفضل بن عباس، وقُثَم بن عباس، وأُسامة بن زيد بن حارثة، وصالح مولاه. فلما اجتمعوا لغسله نادى من وراء الباب أوسُ بن خولي – الأنصاري ثم أحد بني عوف بن الخزرج، وكان بدريّاً – عليَّ بن أبي طالب، فقال: ياعلي، ننشدك الله وحظَّنا من رسول الله(ص).
قال: فقال له علي: ادخل، فدخل فحضر غسل رسول الله(ص)، ولم يَلِ من غسله شيئاً.
قال: فأسنده عليّ إلى صدره وعليه قميصه. وكان العباس والفضل وقثم يقلِّبونه مع عليّ، وكان أُسامة بن زيد وصالح مولاه، هما يصبَّان الماء. وجعل عليّ يغسله ولم يُر من رسول الله(ص) شيء مِمَّا يرى من الميت. وهو يقول: بأبي وأُمِّي، ما أطيبَكَ حياً وميتاً. حتى إذا فرغوا من غسل رسول الله(ص) – وكان يغسل بالماء والسدر – جففوه، ثم صُنعَ به مايصنع بالميت، ثم أُدرج في ثلاثة أثواب: ثوبين أبيضين وثوب حبرَة. قال: ثم دعا العباس رَجلينفقال: ليذهب أحدكما إلى أبي عبيدة بن الجراح، وكان أبو عبيدة يضَرح(131) لأهلمكة،وليذهب الآخر إلى أبي طلحة بن سهل الأنصاري، وكان أبو طلحة يلحَد لأهلالمدينة.
قال: ثم قال العباس لهما: حين سرَّحهما: اللهم خِر لرسولك. قال فذهبا فلم يجد صاحبُ أبي عبيدة أبا عُبيدة، ووجد صاحبُ أبي طلحة أبا طلحة، فلحِد لرسول الله(ص)(132).
118 – وعن ابن عباس قال:
لمَّا أخذنا في جهازه أمر أبي بالباب فغُلِّق دون الناس، فنادت الأنصار: نحنُ أخوالك، ومكاننا من الإسلام مكاننا، وهو ابن اُختنا، فنادت قريش: نحنُ عصبتهُ(133).
119 – وعن جابر بن عبد الله:
أنَّ كعب الأحبار قدم زمن عمر، فقال ونحنُ جلوس عند عمر: ياأمير المؤمنين، ماكان آخِر ماتَكلَّم به رسول الله(ص)؟ فقال عمر: سَل علياً. قال: أين هو؟ قال: هو هاهنا، فسألهُ، فقال علي: أسندتهُ إلى صدري، فوضعَ رأسهُ على منكبي فقال: «الصلاة الصلاة»، فقال كعب: كذلك آخر عهد الأنبياء وبه أُمروا وعليه يقضون.
قال: فمَن غَسَّلَهُ يأمير المؤمنين؟ قال: سَل علياً. فسألهُ، فقال: كنتُ أنا أغسلهُ، وكان عباس جالساً، وكان أُسامة وشقران يختلفان إليَّ بالماء(134).
120 – وعن أبي غطفان، قال:
سألتُ ابن عباس: أرأيتَ رسول الله(ص) توفي ورأسهُ في حجر أحد؟ قال: توفي وهو إلى صدر عليّ. قلتُ: فإنَّ عروة حدثني عن عائشة أنها قالت: توفي رسول الله(ص) بين سحري ونحري. فقال ابن عباس: أيعقل؟! والله لتوفي رسول الله(ص) وإنه لمُسندٌ إلى صدر عليّ، وهو الذي غسله، وأخي الفضل بن عباس، وأبى أبي أن يحضر، وقال: إنَّ رسولالله(ص) كان يأمرنا أن نستتر، فكان عند الستر(135).
قال علي عليه السلام:
أوصى النبي(ص) ألَّا يغسِّلهُ أحدٌ غيري، فإنه لا يرى عورتي(136) إلا طُمست عيناه. قال عليّ: فكان الفضل وأُسامة يناولاني الماء من وراء الستر، وهما معصوبا العين. قال علي: فما تناولتُ عُضواً إلَّا كأنما يقلَّبهُ معي ثلاثون رجلاً، حتى فرغتُ من غسله(137).
وعن علي رضي الله عنه، قال:
غسلتُ رسول الله(ص) فذهبتُ أنظر مايكونُ من الميت فلم أرَ شيئاً، وكان طيِّباً حياً وميتاً. وولي دفنه وإجنانه(138) دون الناس أربعة: علي بن أبي طالب، والعباس، والفضل بن العباس، وصالح مولى رسول الله(ص). واُلحِدَ لرسول الله(ص) لَحد ونُصبَ عليه اللبن نصباً(139).
121 – وعن محمد بن علي، أبي جعفر، قال:
إن رسول الله(ص) غسل ثلاثاً بماء وسِدر، وغسل من بئر يقال لها: بئر غَرْس، كانت لسعد بن خيثمة، وكان النبي(ص) يشرب منها.وولي غسل سفلته عليّ، والفضل محتضنه، والعباس يصبّ الماء إن شاء الله(140)، والفضل يقول: أرحني قطَعتَ وتيني، إنِّي لأجدُ شيئاً يتنزَّل. وكُفِّن في ثلاثة أثواب، ثوبين صحاريين(141) وبُرد حبرة(142).
122 – وعن علي، قال:
لمَّا وُضع رسول الله(ص) على السرير قال علي: لا يقوم عليه أحد، هو إمامكم حياً وميتاً، فكان يدخل الناس رَسَلاً رَسَلاً فيصلّون عليه صفاً صفاً ليس لهم إمام، ويُكَبرون وعليّ قائم حيال رسول الله(ص) يقول: «السلام عليك أيُّها النبي ورحمة الله وبركاته، اللهم إنَّا نشهدُ أن قد بلَّغ ماأُنزلَ إليه ونصح لاُمّته وجاهد في سبيل الله حتى أعزّ الله دينه، وتمّت كلمته، اللّهم فاجعلنا ممّن يتّبع ما أنزل الله إليه، وثبتنا بعده، واجمع بيننا وبينه»، فيقول الناس: آمين، حتى صلى عليه الرجال ثم النساء ثم الصبيان(143).
123 – وعن ابن عباس، قال:
كان الذين نزلوا في قبر رسول الله(ص): علي بن أبي طالب، والفضل بن عباس، وقُثَمبن العباس، وشقران مولى رسول الله(ص)، وقد قال أوس بن خوليّ لعلي بن أبي طالب: ياعلي أنشدك الله وحظَّنا من رسول الله(ص)، فقال له: انزل فنزل مع القوم فكانوا خمسة، وقد كان شقران حين وضع رسولالله(ص) فيحفرته أخذ قطيفة قد كان رسولالله(ص) يلبسها ويفترشها فدفنها معه في القبر. وقال: والله لا يلبسها أحد بعدك، فدُفنت مع رسولالله(ص)(144).