9 نوفمبر,2020 شخصيات أسلامية, صوتي ومرئي متنوع 985 زيارة
وهكذا كان . . فقد تم ( اللقاء الاَول ) في الطريق على ما ينقله المؤرخون ، ويمكن أن يكون الاِمام الجواد عليه السلام هو الذي سعى لاَن يلتقيه المأمون في هذا المكان . فلسان الرواية يقول : اجتاز ـ المأمون ـ بطرف البلد ، وثمّ صبيان يلعبون ، ومحمد الجواد عليه السلام واقف عندهم . . فالاِمام عليه السلام ليس من شأنه الوقوف على قارعة الطريق أو التفرج على ملاعب الصبيان لقضاء الوقت ، ولا عُرف عن الاَئمة أنهم كانوا يلعبون ويلهون في الطرقات مع أقرانهم في أيام طفولتهم ، فهم أجلّ وأسمى من أن يصرفوا أوقاتهم في اللعب أو اللهو؛ لاَنّ الاِمام عليه السلام متعين عليه هداية الاُمّة وبنائها فكرياً واجتماعياً ، وقيادتها نحو إرساء قواعد الشريعة بما يحقق حكومة الله في الاَرض .
فالاِمام عليه السلام لا يلهو ولا يلعب (1) قط منذ طفولته ، فقد روي عن علي بن حسان الواسطي أنّه كان ممن خرج مع الجماعة (2) ، وهم ثمانون عالماً
قال علي بن حسان : حملت معي إليه عليه السلام من الآلة التي للصبيان ، بعضها من فضة ، وقلت : أُتحف مولاي أبا جعفر بها . فلما تفرّق الناس عنه بعد جواب الجميع قام فمضى إلى صريّا واتّبعته ، فلقيت موفقاً ، فقلت : استأذن لي على أبي جعفر ، فدخلتُ فسلّمت ، فردّ عليَّ السلام وفي وجهه كراهة ، ولم يأمرني بالجلوس ، فدنوت منه وفرّغت ما كان في كمي بين يديه ، فنظر إليَّ نظر مغضب ، ثم رمى يميناً وشمالاً ، ثم قال : « ما لهذا خلقني الله ، ما أنا واللعب ؟! » فاستعفيته ، فعفا عني ، فأخذتها وخرجت (1) .
إذن ، يبدو أن الاِمام أبا جعفر عليه السلام استغل فرصة خروج المأمون ومروره بالقرب من منازلهم ، فوقف بإزاء صبيان يلعبون في الطريق؛ ليتم هنالك اللقاء . . وخبر هذا اللقاء ينقله لنا ابن شهر آشوب ، وابن الصباغ المالكي ، والمحدّث الشيخ عباس القمي ، وغيرهم . ونحن ننقل نصّ رواية ابن شهرآشوب حيث قال : اجتاز المأمون بابن الرضا عليه السلام وهو بين صبيان يلعبون ، فهربوا سواه ، فقال : عليّ به ، فقال له : مالك ما هربت في جملة الصبيان ؟ قال عليه السلام : « مالي ذنب فأفرّ ، ولا الطريق ضيّق فأوسعه عليك ، تمرّ من حيث شئت ، فقال : من تكون ؟
قال : أنا محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب عليهم السلام .
فقال : ما تعرف من العلوم ؟ قال : سلني عن أخبار السموات » . فودّعه
فقال : ما عندك من أخبار السموات ؟
فقال : « نعم يا أمير المؤمنين ، حدثني أبي ، عن آبائه ، عن النبي ، عن جبرئيل ، عن ربِّ العالمين ، أنّه قال : بين السماء والهواء بحر عجاج يتلاطم به الاَمواج ، فيه حيّات خضر البطون ، رقط الظهور ، ويصيدها الملوك بالبزاة الشهب يمتحن بها العلماء » .
فقال : صدقت ، وصدق آباؤك ، وصدق جدّك ، وصدق ربك . فأركبه ثم زوّجه أُمّ الفضل (1) .
بعد ذلك اللقاء والحوار الحاسمين أدرك المأمون عظمة هذا الصبي ، وبُعد شأوه . . فاصطحبه معه إلى قصوره حيث الرفاه ونعومة العيش وطراوة الحياة باستبرقها وجواريها وقيانها . . لكن الخليفة علم أن الصبي لا تستهويه فخامة الخدمة ، وأبّهة الملوك كثيراً ، ولم يسترع انتباهه الجمال الفاتن لحظة . . فقرر ـ وفي مناورة سياسية حاذقة ـ اصطياد ثلاثة في رمية واحدة ، ورميته هي أن يزوجه من ابنته الجميلة الصغيرة ( زينب ) المكناة بأم الفضل،
أولاً : أنه سيصرف الاِمام الصبي اليافع إلى ملاذ الحياة ، وتنتشي نفسه بقرب النساء ، وسوف يشغفن قلبه شيئاً فشيئاً فيصبو إليهنّ .
وثانياً : أراد أن يجعل من ابنته وخدمها رقيباً دائمياً على كلِّ حركة للاِمام ، وعلى من يتصل به من الشيعة ، ثم إنه أسكنه بالقرب منه كي يحدّ من اتصال الناس به؛ لاَنّ القصور الملكية لا يتيسر لكلِّ أحد أن يدخلها ، ولا دخولها بالاَمر اليسير .
والهدف الاَخير الذي حاول إصابته هو أن يجعل من نفسه قريباً من البيت العلوي ، فهو عمّ ولدهم الاِمام الجواد عليه السلام اليوم ، والاَب الاَكبر ( جدٌّ ) لصبيهم غداً الذي هو ابن رسول الله ، وهذا مكسب سياسي واجتماعي مهم جداً . وفيما لو أصابت رمياته الثلاث هذه فسوف يكمّ أفواه الطالبيين ، ويقطع أي قيام أو تحرك لهم ، وهو العالم المتيقن بأنهم أحق بالخلافة من أي إنسان على هذه الاَرض .
وبناءً على تحقيق هذه الاَغراض وغيرها مما كان يدور في رأس المأمون ، خطى خطوته الاُولى وقرر من جانب واحد أن يتم الزواج والاقتران مهما يكن من أمر ، ورغم كل المعترضين ، ولا موافق لهذا الزواج سواه .
ثم يأتي دور المعتصم الذي لم يكن أرأف بالاِمام خاصة ، والعلويين عامّة من أخيه المأمون ، فقد احتال هو الآخر على الاِمام الجواد عليه السلام للوقيعة به ، وإيجاد مبرّر لسجنه ثم قتله ، بأن اتهمه بجمع السلاح ، وأنّه يريد الثورة
عند مطالعة تاريخ الاِمام الجواد عليه السلام تشعر أن أحداثه مقتضبة يشوبها الغموض في العديد من جنباته ومنعطفاته الحساسة ، كما يراودك إحساس بأن هناك أموراً وأحداثاً قد خفيت من صفحة التاريخ ، أو أنّها أخفيت تعمداً وحسداً وحقداً طوراً ، وخوفاً من سياط السلطان وبطشه طوراً آخر .
أحدها هو حدث زواج الاِمام ، وهو المنعطف المهم والخطير بالنسبة للبيتين العلوي والعباسي ، لم يؤرَّخ بدقة وتفصيل بحيث يقف القارئ ـ من خلال مطالعته ـ على حقائق هذه المرحلة المهمة من حياة الاِمام المباركة أو على الاَقل أن يلمّ ببعض تلك الحقائق التي بقيت خفية حبيسة الكتمان؛ لاَنّ الحياة القصيرة للاِمام أبي جعفر عليه السلام لم تكن طبيعية أبداً في مختلف مقاطعها الزمنية .
وعلى أي حال ، فمن خلال استقراء مراجع ومصادر ترجمة الاِمام الجواد عليه السلام الخاصة والعامّة نستظهر أن الزواج تمّ على ثلاث مراحل ( التسمية ، عقد القران ، الزواج ) ، وكل واحدة تمت في فترة زمنية متباعدة نسبياً عن الاُخرى .
ففي عام ( 201 هـ ) وفي مراسم تنصيب الاِمام الرضا عليه السلام لولاية العهد ـ في رمضان ـ وتكريماً للاِمام ظاهرياً ، فقد عقد له المأمون على ابنته ، وقيل : اخته أم حبيبة في نفس تلك الليلة ، وسمّى ابنته الصغيرة الاُخرى لاَبي جعفر أيضاً زيادة في التكريم والاجلال؛ لكنّه كان يضمر وراء هذا الزواج دوافع سياسية واجتماعية عديدة .
أما عقد القران الفخم والمجلّل والذي تحدّث عنه أغلب الرواة والمؤرخين على أنّه حدث الزواج ، فقد كان في عام ( 205 هـ ) بعد قدوم الاِمام من المدينة إلى بغداد للمرة الاُولى ، وكان يومها ابن تسع سنين ونصف السنة أو نحوها ، واستمر الحفل ليومين . صرف خلاله المأمون على ابنته ملايين الدراهم وزعها بدراً وإقطاعات وجواهراً وثياباً على قواده ووزرائه وحاشيته ومدعوّيه (1) .
أما عن حدث الزواج الذي لم يكن اختيارياً ، بل يظهر من القرائن أنّ الاِمام الجواد عليه السلام كان مجبراً على القدوم إلى بغداد ثانية مع زوجه أم الفضل؛ للدخول بها بأمر من أبيها ، رغم استعدادات المأمون الهائلة للخروج إلى حرب الروم .
وفعلاً فقد كانت طلائع جيشه قد خرجت أمامه تغذ الخطى نحو بلاد الروم ، ويتبعها المأمون صاعداً مع دجلة بكتائبه الخاصة حتى إذا عسكر بتكريت ، قدم عليه الاِمام الجواد عليه السلام في صفر من عام ( 215 هـ ) والتقاه بها،
كما أن قرائن أخرى تشير إلى أن هناك مشكلة زوجية كانت قائمة بين الاِمام وزوجه أم الفضل ، كان المأمون ـ على ما يبدو ـ قد وعد ابنته الشابة المراهقة على حلّها؛ لكثرة ما كانت تكتب من رسائل إلى أبيها شارحة فيها حظها العاثر (2) ، وتفضيل الجواري والسراري عليها ، بل وكانت تدعو على أبيها على هذا الزواج غير الموفّق (3) ؛ لاَنّها حسب الظاهر لم تكن تصلح لاَن تكون حليلة للاِمام عليه السلام وأُمّاً لاَولاده ، وهي كذلك بالفعل .
فقد لمس البيت المأموني الوضع الكئيب لابنتهم ، وأصبح الاَمر يقلقهم كثيراً ، بل إنّ المأمون ما زوّج ابنته من أبي جعفر عليه السلام إلاّ ليستولدها منه ، ويكون جدّاً لاَحد أبناء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مما يقوّي مركزه السياسي في الحكم ، كما صرّح هو بذلك حين أفصح عن أحد الدواعي التي دفعته إلى هذا التزويج ، وهو السياسي المحنّك الذي ينظر إلى مدىً أبعد مما ينظره غيره ، فقال : ( إنّي أحببت أن أكون جدّاً لامرئ ولَدَه رسول الله ، وعليّ بن أبي طالب ) (4) ؛ ولهذا السبب وحده كان هذا الاستدعاء المفاجئ والعاجل ،
وهنا نشير إلى ما أورده محمد بن جرير بن رستم الطبري الاِمامي في ( دلائل الاِمامة ) بقوله : ( ومكث أبو جعفر مستخفياً بالاِمامة ، فلما صار له ست عشرة سنة ، وجه المأمون من حمله إليه ، وأنزله بالقرب من داره ، وعزم على تزويجه ابنته . . ) (1) .
ويبدو أن في عبارة الطبري بعض الارتباك والتصحيف ، حيث نقل المسعودي رواية قدوم وفد علماء بغداد إلى المدينة وسؤالهم الجواد عليه السلام ، وكان مع الوفد علي بن حسان الواسطي المعروف بالاَعمش (2) الذي حمل معه تحفاً وبعض اللعب الفضية مما كان يلهو به صبية بغداد في ذلك الوقت ، ظنّاً منه أن أبا جعفر عليه السلام سوف يُسرُّ بها؛ لكنّ الاِمام عليه السلام نهره بغضب ، وبدا على وجهه عدم الارتياح ، لمّا وضعها أمامه ، وردّ عليه بما قدّمناه في الحديث آنفاً .
ثم في نهاية الخبر ذكر المسعودي عبارة علي بن حسّان بقوله : وخرجت ومعي تلك الآلات . وبقي أبو جعفر عليه السلام مستخفياً بالاِمامة إلى أن صارت سنّه عشر سنين . إلى هنا ينتهي خبر الواسطي في إثبات الوصية ، ثم أتبعه المسعودي برواية إخبار الجواد عليه السلام جاريتهم بمضي والده في
فإنّك ترى هنا أن عبارة المسعودي : إلى أن صارت سنّه عشر سنين . أصبحت عند الطبري في الدلائل : صار له ست عشرة سنة . هذا ما أردنا الاشارة إليه ، فلاحظ .
وعقد القران الذي تميّز بحدث المناظرة المهم والخطير ، ولعلّه يُعد من أهم أحداث حياة الاِمام الجواد عليه السلام ؛ لكثرة من كان قد حضر في ذلك المجلس من عامة الناس وخاصتهم ، فقد تناقله المحدثون والمؤرخون بما رافقه من حوادث اُخرى بشيء من التفصيل .
فالحدث أورده علي بن الحسين المسعودي (1) ، والشيخ المفيد (2) كلّ بسنده عن الريان بن شبيب ، قال : لمّا أراد المأمون أن يزوّج ابنته أم الفضل أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام بلغ ذلك العباسيين فغلُظ عليهم واستكبروه ، وخافوا أن ينتهي الاَمر معه إلى ما انتهى مع الرضا عليه السلام ، فخاضوا في ذلك .
واجتمع منهم أهل بيته الاَدنون منه ، فقالوا له : ننشدك الله يا أمير المؤمنين أن تقيم على هذا الاَمر الذي قد عزمت عليه من تزويج ابن الرضا ، فإنّا نخاف أن يخرج به عنّا أمر قد ملّكناه الله ، ويُنزع منا عزٌّ قد ألبَسَناه الله ، وقد عرفت ما بيننا وبين هؤلاء القوم ، آل أبي طالب ، قديماً وحديثاً ، وما كان عليه الخلفاء الراشدون قبلك من تبعيدهم والتصغير بهم ، وقد كنا في وهلة من عملك مع الرضا ما عملت ، حتى كفانا الله المهم من ذلك ، فالله الله أن
فقال لهم المأمون : أمّا ما بينكم وبين آل أبي طالب فأنتم السببُ فيه ، ولو أنصفتُم القوم لكان أولى بكم ، وأمّا ما كان يفعلُه من كان قبلي بهم فقد كان قاطعاً للرحم ، أعوذ بالله من ذلك ، ووالله ما ندمتُ على ما كان منّي من استخلاف الرضا ، ولقد سألتُه أن يقوم بالاَمر وانزعُهُ عن نفسي فأبى ، وكان أمرُ الله قدراً مقدُوراً ، وأمّا أبو جعفر محمد بن عليّ فقد اخترتُه لتبريزه على كافّة أهل الفضل في العلم والفضل مع صغر سنِّه ، والاَعجوبة فيه بذلك ، وأنا أرجو أن يظهر للناس ما قد عرفتُه منه فيعلموا أن الرأي مارأيتُ فيه .
فقالوا : إنّ هذا الصبيَّ وإن راقكَ منه هديه ، فإنّه صبيٌّ لا معرفة له ولا فقه ، فأمهله ليتأدَّب ويتفَقَّه في الدين ، ثم اصنع ما تراه بعد ذلك .
فقال لهم : ويحكم إنّني أعرفُ بهذا الفتى منكم ، وإن هذا من أهل بيت علمُهم من الله وموادِّه وإلهامه ، لم يزل آباؤه أغنياء في علم الدين والاَدب عن الرعايا الناقصة عن حدِّ الكمال ، فان شئتم فامتحنوا أبا جعفر بما يتبيَّنُ لكم به ما وصفتُ من حاله .
قالوا له : قد رضينا لك يا أمير المؤمنين ولاَنفُسنا بامتحانه ، فخلّ بيننا وبينه لننصب من يسأله بحضرتك عن شيء من فقه الشريعة ، فإن أصاب في الجواب عنه ، لم يكن لنا اعتراض في أمره ، وظهر للخاصة والعامّة سديد رأي أمير المؤمنين ، وإن عجز عن ذلك فقد كُفينا الخطبَ في معناه .
فقال لهم المأمون : شأنكم وذاك متى أردتُم . فخرجوا من عنده وأجمع رأيهُم على مسألة يحيى بن أكثم ، وهو يومئذٍ قاضي القضاة على أن يسأله
واجتمعوا في اليوم الذي اتفقوا عليه ، وحضر معهم يحيى بن أكثم ، وأمر المأمون أن يفرشَ لاَبي جعفر عليه السلام دَستٌ (1) ، وتُجعَل له فيه مِسوَرَتان (2) ، ففُعِلَ ذلك ، وخرج أبو جعفر عليه السلام وهو يومئذٍ ابنُ تسع سنين وأشهر ، فجلسَ بين المسورَتَين ، وجلس يحيى بن أكثم بين يديه ، وقام الناس في مراتبهم والمأمون جالسٌ في دستٍ مُتَّصلٍ بدستِ أبي جعفر عليه السلام .
فقال يحيى بن أكثم للمأمون : يأذنُ لي أمير المؤمنين أن أسأل أبا جعفر ؟ فقال له المأمونُ : استأذنه في ذلك ، فأقبل عليه يحيى بن أكثم فقال : أتأذن لي ـ جعلت فداك ـ في مسألةٍ ؟ فقال له أبو جعفر عليه السلام : « سَلْ إن شئت » قال يحيى : ما تقولُ ـ جُعِلتُ فداك ـ في مُحرمٍ قتَلَ صيداً ؟
فقال له أبو جعفر عليه السلام : « قَتَلَه في حِلٍّ أو حَرَم ؟ عالماً كان المُحرم أم جاهلاً ؟ قَتَلَه عَمداً أو خطأً ؟ حُرّاً كان المُحرِم أم عبداً ؟ صغيراً كان أم كبيراً ؟ مُبتدئاً بالقتل أم مُعيداً ؟ من ذواتِ الطير كان الصيد أم من غيرها ؟ من صغار الصيد كان أم كبارها ؟ مُصِرّاً على ما فعل أو نادماً ؟ في الليل كان قتلهُ للصيد أم نهاراً ؟ مُحرماً كان بالعُمرةِ إذ قتله أو بالحج كان مُحرماً ؟ » .
فتحيّر يحيى بن أكثم وبانَ في وجهه العجزُ والانقطاعُ ولجلج حتى عرفَ جماعةُ أهلِ المجلس أمرَه ، فقال المأمون : الحمدُ لله على هذه النعمة والتوفيق لي في الرأي ، ثم نظر إلى أهل بيته وقال لهم : أعرفتم الآن ما كُنتُم
ثم أقبل على أبي جعفر عليه السلام فقال له : أتخُطب يا أبا جعفر ؟ قال : « نعم ياأمير المؤمنين » فقال له المأمون : أخطب ، جُعلت فداك لنفسك ، فقد رضيتك لنفسي وأنا مُزَوِّجُكَ أم الفضل ابنتي وإن رغم قومٌ لذلك .
فقال أبو جعفر عليه السلام : « الحمدُ لله إقراراً بنعمته ، ولا إله إلاّ الله إخلاصاً لوحدانيته ، وصلّى الله على محمدٍ سيِّدِ بريَّته والاَصفياء من عترته .
أما بعدُ : فقد كان من فضل الله على الاَنام أن أغناهُم بالحلال عن الحرام ، فقال سُبحانه : ( وأنكِحُوا الاَيامى مِنكُم والصَّالحينَ مِنْ عِبادِكُم وإمائِكُم إنْ يَكُونُوا فُقراءَ يُغنِهمُ الله مِنْ فضلِهِ والله واسِعٌ عليمٌ ) (1) . ثم إنَّ محمد بن علي بن موسى يَخطُبُ أم الفضلِ بنتَ عبدالله المأمون ، وقد بَذَلَ لها من الصداق مهر جدَّته فاطمة بنت محمد عليهما السلام وهو خمسمائة درهم جياد ، فهل زوَّجته يا أمير المؤمنين بها على هذا الصداق المذكور ؟ » .
قال المأمون : نعم ، قد زوَّجتُك أبا جعفر أم الفضل ابنتي على هذا الصداق المذكور ، فهل قَبِلتَ النكاحَ ؟ قال أبو جعفر عليه السلام : « قد قَبِلتُ ذلك ورَضِيتُ به » . فأمر المأمون أن يقعد الناس على مراتبهم في الخاصة والعامّة .
قال الريان : ولم نلبث أن سمعنا أصواتاً تُشبه أصوات الملاحين في محاوراتهم ، فإذا الخدم يجرُّون سفينةً مصنوعةً من فِضَّةٍ مشدودة بالحبال من الاِبريسم على عجلٍ مملوءةً من الغالية (2) ، فأمر المأمون أن تُخضبَ الموضوع: فضح الابعاد المختلفة لجرائم النظام نداء المخاطب: المسلمون في ايران والعالم التاريخ: 12 ارديبهشت ...
الولاية الاخبارية موقع اخباري وثقافي لمن يسلك الطريق الی الله