الرئيسية / الاسلام والحياة / ليالي بيشاور – 22 حوارات اسلامية و بحوث هادفة

ليالي بيشاور – 22 حوارات اسلامية و بحوث هادفة

الغلاة:

وهم أخس الفرق المنسوبة إلى التشيع ، وهم سبع فرق كلهم ملحدون : السّبئية ، المنصورية ، الغرابية ، البزيغية ، اليعقوبية ، الإسماعيلية ، الدرزية .

ولا مجال لشرح أحوالهم وعقائدهم ، وإنما أشرت إليهم وذكرتهم لأقول : نحن الشيعة الإمامية الإثنا عشرية نبرأ من هذه الطوائف والفرق والمذاهب الباطلة ونحكم عليهم بالكفر والنجاسة ، ووجوب الاجتناب عنهم .

هذا حكم أئمة أهل البيت عليهم السلام الذين نقتدي بهم ، وقد ذكرت لكم بعض الروايات عن أئمتنا عليهم السلام في حق أولئك الزنادقة الملحدين ـ في الليلة الماضية ـ .

ومع الأسف أن نرى كثيرا من أصحاب القلم لم يفرقوا بين الشيعة الإمامية الجعفرية وبين هذه الفرق المنتسبة للشيعة ، مع العلم أن عددنا يربو على أتباع هذه المذاهب الباطلة بأضعاف مضاعفة ، وهم نسبة ضئيلة جدا ، وعددنا نحن اليوم أكثر من مائة مليون ، وأصحابنا موجودون في كل بلاد العالم ، ونعلن براءتنا من هذه العقائد الفاسدة والمذاهب الباطلة التي تنسب إلى الشيعة .

خلاصة عقائدنا:

والآن أذكر لكم أصول عقائد الشيعة الإمامية الاثنى عشرية باختصار ، وأرجو أن لا تنسبوا إلينا غير ما أبينه لكم .

نعتقد : بوجود الله سبحانه وتعالى ، الواجب الوجود ، الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، ليس له شبيه ولا نظير ، ولا جسم ولا صورة ، لا يحل في جسم ، ولا يحدد بمكان ليس بعرض ولا جوهر ، بل هو خالق العرض والجوهر وخالق كل شيء ، منزه عن جميع الصفات التي تشبهه بالممكنات ، ليس له شريك في الخلق وهو الغني المطلق ، والكل محتاج إليه على الإطلاق.

أرسل رسله إلى الخلق واصطفاهم من الناس واختارهم فبعثهم إليهم بآياته وأحكامه ليعرفوه ويعبدوه ، فجاء كل رسول من عند الله سبحانه ما يقتضيه الحال ويحتاجه الناس ، وعدد الأنبياء كثير جدا إلا أن أصحاب الشرائع خمسة ، وهم أولو العزم :

1ـ نوح ، نجي الله 2ـ إبراهيم ، خليل الله 3ـ موسى ، كليم الله 4ـ عيسى ، روح الله 5ـ محمد ، حبيب الله ، صلوات الله وسلامه عليهم جميعا .

وإن سيدهم وخاتمهم هو : نبينا محمد المصطفى (ص) ، الذي جاء بالإسلام الحنيف وارتضاه الله تعالى لعباده دينا إلى يوم القيامة .

فحلال محمد (ص) حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام إلى يوم القيامة .

والناس مجزون بأعمالهم يوم الحساب ، فالدنيا مزرعة الآخرة ، فيحيي الله الخلائق بقدرته ، ويرد الأرواح إلى الأجساد ، ويحاسبهم على أقوالهم وأفعالهم ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) (4).

ونعتقد : بالقرآن الحكيم كتابا ، أنزله الله تبارك وتعالى على رسوله الكريم محمد (ص) ، وهو الذي بين أيدي المسلمين ، لم يحرف ولم يغير منه حتى حرف واحد ، فيجب علينا أن نلتزم به ونعمل بما فيه من الصلاة والصوم والزكاة والخمس والحج والجهاد في سبيل الله .

ونلتزم بكل ما أمر به الرب الجليل ، وبكل الواجبات والنوافل التي بلغها النبي (ص) ووصلتنا عن طريقه .

ونمتنع عن ارتكاب المعاصي ، صغيرة أو كبيرة ، كشرب الخمر ولعب القمار والزنا واللواط والربا وقتل النفس المحترمة والظلم والسرقة ، وغيرها مما نهى الله ورسوله عنها .

ونعتقد : أن الله عز وجل هو وحده يبعث الرسل وينزل عليهم الكتاب والشريعة ، ولا يحق لقوم أن يتخذوا لأنفسهم دينا ونبيا غير مبعوث من عند الله تعالى ، وكذلك هو وحده الذي ينتخب ويختار خلفاء رسوله بالنص ، والرسول يعرفهم للأمة.

وكما أن جميع الأنبياء عرفوا أوصياءهم وخلفاءهم لأممهم كذلك خاتم الأنبياء محمد (ص) لم يترك الأمة من غير هاد وبلا قائد مرشد من بعده ، بل نصب عليا وليا مرشدا ، وعلما هاديا ، وإماما لأمته ، وخليفة من بعده في نشر دينه وحفظ شريعته .

وقد نص النبي (ص) ـ كما في كتبكم أيضا ـ أن خلفاءه من بعده اثنا عشر ، عرفهم بأسمائهم وألقابهم ، أولهم سيد الأوصياء علي بن أبى طالب عليه السلام ، وبعده ابنه الحسن المجتبى ، ثم الحسين سيد الشهداء ثم علي بن الحسين زين العابدين ، ثم ابنه محمد باقر العلوم ، ثم ابنه جعفر الصادق ، ثم ابنه موسى الكاظم ، ثم ابنه علي الرضا ، ثم ابنه محمد التقي ، ثم ابنه علي النقي ، ثم ابنه الحسن العسكري ، ثم ابنه م ح م د المهدي ، وهو الحجة القائم المنتظر ، الذي غاب عن الأنظار ، وسوف يظهر فيملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا ، وقد تواترت الأخبار في كتبكم وعن طرقكم أيضا ، أن النبي (ص) أخبر بظهور المهدي صاحب الزمان ، وهو المصلح العالمي الذي ينتظره جميع أهل العالم ، ليمحو الظلم والجور ويقيم العدل والقسط على وجه البسيطة .

وبكلمة واحدة أقول : نحن نعتقد بجميع الأحكام الخمسة ـ من الحلال والحرام والمستحب والمكروه والمباح ـ التي أشار إليها القرآن الكريم ، أو جاءت في الروايات والأخبار الصحيحة المعتبرة التي وصلتنا عن النبي الأكرم (ص) وأهل بيته الطيبين الطاهرين .

وأنا أشكر الله ربي إذ وفقني لأعتقد بكل ذلك عن تحقيق ودراسة وعلم واستدلال ، لا عن تقليد الآباء والأمهات ، ولذا فإني أفتخر بهذا الدين والمذهب الذي أتمسك به ، وأعلن أني مستعد لأناقش على كل صغيرة وكبيرة من عقائدي ، وبحول الله وقوته أثبت حقانيتها .

( الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ) (5).

ارتفع صوت المؤذن لصلاة العشاء ، وبعد الفراغ من الصلاة شربوا الشاي وتناولوا شيئا من الحلوى ، ثم افتتح الحافظ كلامه قائلا :

نشكركم على التوضيح عن فرق الشيعة ، ولكن نرى في الأخبار والأدعية المروية في كتبكم وعبارات ظاهرها يدل على الكفر !

قلت : أرجو أن تذكروا عبارة واحدة من تلك العبارات حتى نعرف .

الحافظ : إني طالعت أخبارا كثيرة في كتبكم بهذا المعنى ولكن الذي أذكره الآن ويجول في خاطري ، عبارة ، في “تفسير الصافي “(6) للفيض الكاشاني الذي هو أحد كبار علمائكم فقد روى : أن الحسين شهيد الطف وقف يوما بين أصحابه فقال : أيها الناس ! إن الله تعالى جل ذكره ما خلق العباد إلا ليعرفوه ، فإذا عرفوه عبدوه ، وإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة من سواه .

قال رجل من أصحابه : بأبي أنت وأمي يا ابن رسول الله (ص) فما معرفة الله ؟

قال (ص) : معرفة أهل كل زمان إمامهم الذي تجب عليهم طاعته .

قلت : أولا: يجب أن ننظر إلى سند الرواية ، هل كان صحيحا أو موثقا ، قويا أو ضعيفا ، معتبرا أو مردودا .

ثم على فرض صحة السند فهو خبر واحد ، فلا يجوز الاستناد عليه والالتزام به ، فمثل هذا الخبر يلغى عندنا لمناقضته للآيات القرآنية والروايات الصريحة المروية عن أهل البيت عليهم السلام في التوحيد(7).

ومن أراد أن يعرف نظر الشيعة في التوحيد فليراجع خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في )نهج البلاغة) حول التوحيد وليراجع مناظرات أئمتنا عليهم السلام ومناقشاتهم مع الماديين والدهريين المنكرين لوجود الله عز وجل ، لتعرفوا كيف ردوا شبهاتهم ، وأثبتوا وجود الخالق وتوحيده على أحسن وجه .

راجعوا كتاب توحيد المفضل ، وتوحيد الصدوق ، وكتاب التوحيد من موسوعة ” بحار الأنوار” للعلامة المجلسي قدس الله أسرارهم .

وطالعوا بدقة كتاب النكت العقائدية ، والمقالات في المذاهب والمختارات ، وهما من تصانيف محمد بن محمد بن نعمان ، المعروف بالشيخ المفيد طاب ثراه ، وهو من أكبر علمائنا في القرن الرابع الهجري.

طالعوا بإمعان كتاب ) الاحتجاج ) للشيخ الجليل أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي رحمه الله .

راجعوا هذه الكتب القيمة حتى تعرفوا كلام أئمة الشيعة وعلمائهم في التوحيد .

ولكنكم لا تريدون معرفة الحقيقة والواقع ! وإنما تبحثون في كتبنا لتجدوا أخبارا متشابهة فتتحاملون بها علينا ، وتهرجون بها ضدنا .

أتبصر في العين مني القذى            وفي عينك الجذع لا تـــبصر

فكأنكم لم تطالعوا كتبكم وصحاحكم فتجدوا فيها الأخبار الخرافية والموهومات ، بل الكفريات التي تضحك الثكلى ويأباها العقل السليم ، فلو تقرأها بإمعان لما رفعت رأسك خجلا ، ولم تنظر في وجوه الحاضرين حياء !!

الحافظ : إن المضحك المخجل هو كلامكم في تخطئة الكتب العظيمة التي لم يصنف ولم يؤلف مثلها في الإسلام ، خصوصا صحيح البخاري وصحيح مسلم اللذان أجمع علماء الإسلام على صحتهما ، وأن الأحاديث المروية فيها صادرة عن النبي (ص) قطعا ، ولو أن أحدا أنكر الصحيحين أو خطّأ بعض الأحاديث المروية فيهما فإنه ينكر وينفي مذهب السنة والجماعة ، لأن مدار عقائد أهل السنة وفقههم بعد القرآن يكون على هذين الكتابين .

كما كتب ابن حجر المكي ، وهو من كبار علماء الإسلام وإمام الحرمين ، في كتابه “الصواعق المحرقة” : فصل في بيان كيفيتها ـ أي : كيفية خلافة أبي بكر ـ روى الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما اللذين هما أصح الكتب بعد القرآن ، بإجماع يعتد به : فلذلك من البديهي أن الأخبار المندرجة في الصحيحين كلها قطعية الصدور عن النبي (ص) ، لأن الأمة أجمعت على قبولهما ، وكل ما أجمعت الأمة على قبوله فهو مقطوع به ، فكل ما في الصحيحين مقطوع بصحته !!

على هذا ، كيف يتجرأ أحد أن يقول : توجد في الصحيحين خرافات وكفريات وموهومات ؟!

رد الإجماع المزعوم:

قلت : نحن نورد إشكالا علميا على الإجماع الذي تدعونه على صحة ما في الصحيحين وإسناد ما فيها إلى النبي (ص) ! فقد ناقش كثير من علمائكم روايات الصحيحين ورفضوا كثيرا منها ، أضف على أولئك جميع الشيعة ، وهم أكثر من مائة مليون مسلم في العالم .

فإن إجماعكم هذا مثل الإجماع الذي زعمتم في الخلافة بعد النبي (ص) !!

فإن كثيرا من علمائكم الكبار ، مثل : الدارقطني وابن حجر وشهاب الدين أحمد بن محمد القسطلاني في ( إرشاد الساري) والعلامة أبي الفضل جعفر بن ثعلب الشافعي في كتاب ( الامتناع في أحكام السماع ) والشيخ عبد القادر بن محمد القرشي الحنفي في ( الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية ) وشيخ الإسلام أبو زكريا النووي في شرح صحيح مسلم ، وشمس الدين العلقمي في ( الكوكب المنير في شرح الجامع الصغير ) وابن القيم في كتاب ( زاد المعاد في هدي خير العباد ) وأكثر علماء الحنفية انتقدوا كثيرا من الأحاديث المدرجة في الصحيحين وقالوا : إنها من الروايات الضعاف وهي غير صحيحة .

وبعض المحققين من علمائكم مثل كمال الدين جعفر بن ثعلب بالغ في بيان فضائح بعض الروايات من الصحيحين ، وأقام الأدلة العقلية والنقلية على خلافها .

فلسنا وحدنا المنتقدين لصحيحي مسلم والبخاري والقائلين بوجود الخرافات فيهما حتى تهرج ضدنا !

الحافظ : بينوا لنا من خرافات الصحيحين كما تزعمون حتى نترك التحكيم في ذلك للحاضرين .

قلت : أنا لا أحب أن أخوض في هذا البحث ، ولكن تلبية لطلبكم ، ولكي تعرفوا أني لا أتكلم إلا عن علم وإنصاف ، وعن وجدان وبرهان ، اذكر بعض تلك الروايات باختصار :

رؤية الله سبحانه عند أهل السنة:

إذا أردتم الاطلاع على الأخبار التي تتضمن الكفر في الحلول والاتحاد وتجسم الله سبحانه ورؤيته في الدنيا أو في الآخرة على اختلاف عقائدكم ، فراجعوا : صحيح البخاري ج 1 ، باب فضل السجود من كتاب الصلاة ، وج 4 باب الصراط من كتاب الرقاق ، وصحيح مسلم ج1 ، باب إثبات رؤية المؤمنين ربهم في الآخرة ، ومسند أحمد ج2 ص 275 ، وأنقل لكم نموذجين من تلك

شاهد أيضاً

ليلة القدر .. بين اصلاح الماضي و رسم المستقبل

أشار العالم الديني و استاذ الاخلاق الزاهد الفقيد الراحل سماحة آية الله مجتبي طهراني ، ...