الرئيسية / الاسلام والحياة / ليالي بيشاور – 25 حوارات اسلامية و بحوث هادفة

ليالي بيشاور – 25 حوارات اسلامية و بحوث هادفة

أقسام الشرك:

إن الحاصل من الآيات القرآنية ، والأحاديث المروية ، والتحقيقات العلمية ، أن الشرك على قسمين ، وغيرهما فروع لهذين ، وهما :

الشرك الجلي ، أي : الظاهر ، والآخر الشرك الخفي ، أي المستتر .

الشرك الجلي:

أما الشرك الظاهري ، فهو عبارة عن : اتخاذ الإنسان شريكا لله عز وجل ، في الذات أو الصفات أو الأفعال أو العبادات .

أـ الشرك في الذات ، وهو أن يشرك مع الله سبحانه وتعالى في ذاته أو توحيده ، كالوثنية وهم المجوس ، اعتقدوا بمبدأين : النور والظلمة .

وكذلك النصارى … فقد اعتقدوا بالأقانيم الثلاثة : الأب والابن وروح القدس ، وقالوا : لكل واحد منهم قدرة وتأثيرا مستقلا عن القسمين الآخرين ، ومع هذا فهم جميعا يشكلون المبدأ الأول والوجود الواجب ، أي : الله ، فتعالى الله عما يقولون علوا كبيرا .

والله عز وجل رد هذه العقيدة الباطلة في سوره المائدة ، الآية 37 ، بقوله : ( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد ) وبعبارة أخرى فالنصارى يعتقدون : أن الألوهية مشتركة بين الأقانيم الثلاثة ، وهي : جمع اقنيم ـ بالسريانية ـ ومعناها بالعربية : الوجود وقد أثبت فلاسفة الإسلام بطلان هذه النظرية عقلا ، وأن الاتحاد لا يمكن سواء في ذات الله تبارك وتعالى أو في غير ذاته عز وجل .

ب ـ الشرك في الصفات … وهو : أن يعتقد بأن صفات الباري عز وجل ، كعلمه وحكمته وقدرته وحياته هي أشياء زائدة على ذاته سبحانه ، وهي أيضا قديمة كذاته جل وعلا ، فحينئذ يلزم تعدد القديم وهو شرك ، والقائلون بهذا هم الأشاعرة أصحاب أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري البصري ، وكثير من علمائكم التزموا بل اعتقدوا به وكتبوه في كتبهم ، مثل : ابن حزم وابن رشد وغيرهما ، وهذا هو شرك الصفات … لأنهم جعلوا لذات الباري جل وعلا قرناء في القدم والأزلية وجعلوا الذات مركبا . والحال أن ذات الباري سبحانه بسيط لا ذات أجزاء ، وصفاته عين ذاته .

ومثاله تقريبا للأذهان ـ ولا مناقشة في الأمثال ـ :

هل حلاوة السكر شيء غير السكر ؟

وهل دهنية السمن شيء غير السمن ؟

فالسكر ذاته حلو ، أي : كله .

والسمن ذاته دهن ، أي : كله .

وحيث لا يمكن التفريق بين السكر وحلاوته ، وبين السمن ودهنه ، كذلك صفات الله سبحانه ، فإنها عين ذاته ، بحيث لا يمكن التفريق بينها وبين ذاته عز وجل ، فكلمة : (( الله )) التي تطلق على ذات الربوبية مستجمعة لجميع صفاته ، فالله يعني : عالم ، حي ، قادر ، حكيم … إلى آخر صفاته الجلالية والجمالية والكمالية .

ج ـ الشرك في الأفعال … وهو الاعتقاد بأن لبعض الأشخاص أثرا استقلاليا في الأفعال الربوبية والتدابير الإلهية كالخلق والرزق أو يعتقدون أن لبعض الأشياء أثرا استقلاليا في الكون ، كالنجوم ، أو يعتقدون بأن الله عز وجل بعدما خلق الخلائق بقدرته ، وفوض تدبير الأمور وإدارة الكون إلى بعض الأشخاص ، كاعتقاد المفوضة ، وقد مرت روايات أئمة الشيعة في لعنهم وتكفيرهم ، وكاليهود الذين قال الله تعالى في ذمهم : ( وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء)(17).

دـ الشرك في العبادات … وهو أن الإنسان أثناء عبوديته يتوجه إلى غير الله سبحانه ، أو لم تكن نيته خالصة لله تعالى ، كأن يرائي أو يريد جلب انتباه الآخرين إلى نفسه أو ينذر لغير الله عز
وجل ..!!

فكل عمل تلزم فيه نية القربة إلى الله سبحانه ، ولكن العامل حين العمل إذا نواه لغير الله أو أشرك فيه مع الله غيره ، فهو شرك … والله عز وجل يمنع من ذلك في القرآن الكريم إذ يقول : ( فمن كان يرجو لقار ربه فليعمل صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا )(18).

الحافظ : استنادا إلى هذا الكلام الذي صدر منكم الآن فأنتم مشركون ، لأنكم قلتم : إن من نذر لغير الله فهو مشرك ، والشيعة ينذرون لأئمتهم وأبناء أئمتهم .

شاهد أيضاً

ليلة القدر .. بين اصلاح الماضي و رسم المستقبل

أشار العالم الديني و استاذ الاخلاق الزاهد الفقيد الراحل سماحة آية الله مجتبي طهراني ، ...