الرئيسية / الاسلام والحياة / ليالي بيشاور – 46 حوارات اسلامية و بحوث هادفة

ليالي بيشاور – 46 حوارات اسلامية و بحوث هادفة

إسناد حديث المنزلة:

ولكي تعرف ويعرف الحاضرون صحة حديث المنزلة عندنا وعندكم ، فإني أذكر بعض أسانيده الحاضرة في ذهني وحافظتي بمقدار ما يسمح لي المقام ، حتى يعترف الكل أن هذا الحديث الشريف لم ينقل عن طرق واحد ، بل من طرق متعددة ، رواه كبار علمائكم ومحدثيكم ، وهو من الأحاديث المتواترة :

1ـ البخاري في الصحيح / 3 من كتاب المغازي في باب غزوة تبوك ، ومن كتاب بدء الخلق في باب مناقب علي عليه السلام .

2ـ مسلم بن الحجاج في صحيحه 2/236/237/ ط. مصر 1290 ، وفي كتاب فضل الصحابة / باب فضائل علي عليه السلام .

3ـ الإمام أحمد بن حنبل في المسند 1/98 و 118 و 119 في وجه تسمية الحسنين عليهما السلام .

فبعد ذكر هذه الأسانيد والمدارك المعتبرة من أعلام علمائكم ، وهي قليل من كثير ، هل أذعنت بصحة حديث المنزلة ؟ وهل تعترف بأنك كنت مشتبها في قولك : إنه خبر واحد لا يعتد !

الحافظ : لم يثبت التواتر بثلاثة مصادر ، بل يحتاج إلى ذكر مصادر أكثر حتى نقول وصل حد التواتر .

قلت :

أولا : كل مصدر من هذه المصادر التي ذكرتها يعادل عندكم بألف .

ثانيا : صرح بعض المحققين من علمائكم بتواتر حديث المنزلة ، مثل العلامة جلال الدين السيوطي في كتبه : ” الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة ” و ” إزالة الخفاء ” و ” قرة العينين” ففي هذه الكتب عد حديث المنزلة من الأحاديث المتواترة .

وإذا لم يزل في قلبك وتريد أن تطمئن فراجع كتاب : ” كفاية الطالب ” تأليف محمد بن يوسف الكنجي الشافعي ، وهو من أعلام علمائكم ، في الباب السبعين منه ، فإنه بعدما يروي الحديث عن عدة طرق يقول : هذا حديث متفق على صحته ، رواه الأئمة الأعلام .. إلى آخره .

فاكتفى بهذا المقدار ، وأظن أن الإبهام ارتفع والحافظ اقتنع .

الحافظ : أنا لست بلجوج ولا معاند ، ولكن أدعوك إلى مطالعة كلام العالم الفقيه أبي الحسن الآمدي ، الذي هو من المتكلمين المتبحرين ، فإنه يرد حديث المنزلة ويضعفه .

قلت أتعجب منك ! إذ أنك عالم وتدعي التحقيق والإنصاف ، ثم تعدل عن كبار علمائكم الموثقين بما فيهم أئمة أهل الحديث المجمع على صحة ما رووا كالبخاري ومسلم ، ثم تأخذ بقول الآمدي سيئ العقيدة والتارك للصلاة !!

الشيخ عبد السلام : الإنسان حر في بيان عقيدته ، فلا يجوز لأحد أن يتهم أحدا أظهر عقيدته في شيء يخالف المشهور ، ثم يُقَبح من مثلكم أن تتهجموا بسوء الكلام على فقيه ، بل يجب أن تردوه بالمنطق والدليل ، وخاصة جنابك ، حيث تجسد أخلاق أهل البيت رضي الله عنهم .

قلت :

أولا : إن كنتم تلتزمون بحرية العقيدة ، فلماذا ترمون الشيعة بالكفر والشرك وتجوزون قتلهم ونهب أموالهم ؟!

لذا فهم يخفون عقائدهم الحقة إذا عاشوا في بلادكم وبين أظهركم خشية القتل !

أم إنكم تقصدون حرية الآمدي فحسب ، وذلك في نصبه العداء ومخالفته لأهل البيت عليهم السلام ؟!!

ثانيا .. أنا لم أتهجم على الآمدي بسوء الكلام ، بل نقلت قول علمائكم الأعلام فيه .

الشيخ عبد السلام : أين ذكر علماؤنا الآمدي بسوء العقيدة وترك الصلاة ؟!
شرح أحوال الآمدي:

ذكر ابن حجر في كتاب ” لسان الميزان” : السيف الآمدي ، المتكلم علي بن أبي علي ، صاحب التصانيف ، وقد نفي من دمشق لسوء اعتقاده ، وصح أنه كان يترك الصلاة !!

وذكر الذهبي ـ وهو من أعلامكم ـ في كتاب ” ميزان الاعتدال ” نفس الترجمة للآمدي وزاد : ” أنه كان من المبتدعة ” .

وإذا نظرتم في حال الآمدي بنظر التحقيق لعرفتم أنه لو لم يكن عديم الأيمان ومبتدعا لما خالف جميع الصحابة حتى عمر بن الخطاب ـ الذي هو أحد رواة حديث المنزلة ـ ولما خالف كل المحدثين الثقات وأعلام الرواة .

وأتعجب من أنكم تطعنون في الشيعة ، لنهم لا يقبلون بعض الأحاديث المروية في الصحيحين عندكم ، وهي عندنا غير صحيحة السند !

ولكن الآمدي حينما يرد حديثا أجمع عليه علماء الفريقين ، وصححه ورواه جميع أصحاب الصحاح الستة ! كيف تقبلون كلامه وتأخذون برأيه ؟! وهو واحد خارج عن الإجماع ، وعلى الأصل الذي عندكم !

ولو لم يكن للآمدي أي عيب ونقص سوى إنه رد حديثا جاء في الصحيحين ، وبرده كذب الفاروق وكذب البخاري ومسلم وسائر أصحاب الصحاح ، لكفى في طعنه وفسقه عندكم .

الحافظ : قلتم إن أحد رواة حديث المنزلة ، الخليفة عمر بن الخطاب (رض) فهل يمكن أن تبينوا سندكم على هذا النقل ؟

قلت : روى جماعة من علمائكم ومحدثيكم حديث المنزلة عن عمر بن الخطاب ، منهم :

1ـ نصر بن محمد السمرقندي الحنفي ، في كتاب ” المجالس ” .

2ـ محمد بن عبدالرحمن الذهبي في ” الرياض النضرة ” .

3ـ المولى علي المتقي الهندي ، في ” كنز العمال ” .

4ـ العلامة ابن الصباغ المالكي ، في ” الفصول المهمة ” .

5ـ محب الدين الطبري ، في ” ذخائر العقبى ” .

6ـ الشيخ سليمان الحنفي ، في ” ينابيع المودة ” .

7ـ موفق بن أحمد الخوارزمي ، في ” المناقب ” .

هؤلاء كلهم رووا عن ابن عباس حبر الأمة ـ واللفظ للأخير ـ بسنده المتصل ـ بحذف سلسلة السند للاختصار ـ قال :

حدثني أمير المؤمنين الرشيد ، عن أبيه ، عن جده ، عن عبدالله بن عباس ، قال : سمعت عمر بن الخطاب وعنده جماعة فتذاكروا السابقين إلى الإسلام ..

فقال عمر : أما علي فسمعت رسول الله (ص) يقول فيه ثلاث خصال وددت لو أن لي واحدة منهم ، كان أحب إلي مما طلعت عليه الشمس .

كنت أنا وأبو عبيدة وأبو بكر وجماعة من الصحابة إذ ضرب النبي (ص) بيده على منكب علي فقال : يا علي ! أنت أول المؤمنين إيمانا ، وأول المسلمين إسلاما ، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى .

أخرجه ابن عساكر في تاريخه عن عمر مع تغيير يسير في اللفظ .

وأخرجه المتقي الهندي الحنفي في كنز العمال : 6/ 395 وفيه زيادة لم تكن في غيره ، وهذا نصه :

مسند عمر ، عن ابن عباس [ قال] قال عمر بن الخطاب : كفوا عن ذكر علي بن أبي طالب ! فإني سمعت رسول الله (ص) يقول في علي ثلاث خصال ، لئن يكون لي واحدة منهن أحب إلي مما طلعت عليه الشمس :

كنت أنا وأبو بكر وأبوعبيدة بن الجراح ونفر من أصحاب رسول الله (ص) والنبي متكئ على علي بن أبي طالب ، حتى ضرب بيده على منكبه ثم قال : أنت يا علي أول المؤمنين إيمانا ، وأولهم إسلاما ، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى ، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغضك .

وأخرجه الإسكافي في كتابه ” نقض الرسالة العثمانية ” للجاحظ : ص 21/ط مصر وفيه زيادات نافعة ، فليراجع .

وبعد هذا هل يجوز في مذهبكم الرد على الخليفة عمر وهو الفاروق عندكم ؟! وإذا لا يجوز ذلك فكيف تأخذون بقول الآمدي المعلوم الحال ؟!

شاهد أيضاً

ليلة القدر .. بين اصلاح الماضي و رسم المستقبل

أشار العالم الديني و استاذ الاخلاق الزاهد الفقيد الراحل سماحة آية الله مجتبي طهراني ، ...