الدرس الرابع: صفات الوالي وشروطه (2)
2- شرط العدالة:
وما يلائمها، كالإسلام والإيمان وحمل هم الرسالة ونحو ذلك.
وقد دلت على هذا المعنى آيات من القرآن الكريم وروايات من السنة:
أما الآيات فكثيرة، نذكر هنا نماذج منها:
منها: قوله تعالى: ﴿وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾1.
فقد دلت هذه الآية على أنه لا تجوز طاعة من يتبع هواه.
ومنها: قوله تعالى: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾2.
حيث دلت على أنه لا يجوز أن يكون ولي الأمة الإسلامية من القوم الكافرين مهما كان انتماؤهم العقائدي، وهو ما أردنا استفادته من الآية الكريمة.
ومنها قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾.
1- الكهف: 28.
2- النساء:141.
حيث دلت هذه الآية المباركة على أنه لا يجوز لنا أن نتولى من يتخذ ديننا لهواً ولعباً.
والآية وإن تحدثت عن الذين أوتوا الكتاب، لكن عدم جواز اتخاذهم أولياء استند إلى كونهم من الذين اتخذوا ديننا هزواً ولعباً، فلا يجوز لنا تولي من هذه صفته، وإن انتسب إلى الإسلام أو الشيعة، ولا تسليم النفس له ليفعل بها ما يشاء كما يفعل بعض الضالة الجهلة.
وأما الروايات فكثيرة أيضا نذكر جملة منها:
الرواية الأولى: ما في نهج البلاغة: “ولكنني آسى أن يلي أمر هذه الأمة سفهاؤها وفجارها، فيتخذوا مال الله دولا وعباده حولا والصالحين حربا والفاسقين حزباً”.
الرواية الثانية: ما رواه الكليني بسنده عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تصلح الإمامة إلا لرجل فيه ثلاث خصال: ورع يحجزه عن معاصي الله، وحلم يملك به غضبه، وحسن الولاية على من يلي حتى يكون لهم كالوالد الرحيم أو “حتى يكون للرعية كالأب الرحيم”3.
3- شرط الكفاءة:
وقد وردت عدة نصوص تدل على اعتبار الكفاءة نذكر منها عدة روايات:
منها: قوله عليه السلام في نهج البلاغة: “أيها الناس إن أحق الناس بهذا الأمر أقواهم عليه، وأعلمهم بأمر الله فيه، فإن شغب شاغب استعتب، فإن أبى قوتل”.
ومعنى أقواهم عليه: أكفأهم لتولي الأمر وقيادة الأمة.
3- الكافي، ج1، كتاب الحجة باب ما يجب من حق الإمام على الرعية.
4- شروط أخرى:
منها: ما في النهج عن أمير المؤمنين عليه السلام “إن الله فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس، كيلا يتبيغ بالفقير فقره”.
وهذا الشرط ليس مختصاً بالمعصوم، بل يشمل كل من تصدى من أئمة العدل لإمامة المسلمين وقيادتهم، والتعبير بالفرض يدل على الوجوب.
ومنها: ما في نهج البلاغة أيضاً: “ولا تدخلن في مشورتك بخيلاً يعدل بك عن الفضل، ويعدك الفقر، ولا جباناً يضعفك عن الأمور، ولا حريصاً يزين لك الشره بالجور، فإن البخل والجبن والحرص غرائز شتى يجمعها سوء الظن بالله”.
ومنها: إجتناب البخل والجبن والحرص، وأن لا يصانع على حساب الحق، وأن يكون حليماً بالرعية ناصحاً لها.
وفي نهج البلاغة رواية جامعة لهذه الشروط والمواصفات وهي قوله عليه السلام:
“لا ينبغي أن يكون الوالي على الفروج والدماء والمغانم والأحكام وإمامة المسلمين البخيل، فتكون في أموالهم نهمته، ولا الجاهل فيضلهم بجهله، ولا الجافي فيقطعهم بجفائه، ولا الحائف للدول فيتخذ قوماً دون قوم، ولا المرتشي في الحكم فيذهب بالحقوق ويقف بها دون المقاطع، ولا المعطل للسنة فيهلك الأمة”.
هذا كله في الأدلة اللفظية الدالة على ثبوت الولاية للفقيه العدل الكفوء.
وأما الدليل العقلي فيأتي في الدرس التالي إن شاء الله.