الأخَوّة بين الاستبدال والإبقاء
مفاهيم محورية
– الأخ القديم: يعني عمراً من المحبة.
– الأخ القديم: تجربة حياة.
– الأخ القديم: ثروة نفسية.
– الأخ القديم: صديقٌ في وقت الضيق.
– الأخ القديم: أندر من الكبريت الأحمر.
– بين القديم والجديد.
نصٌّ الوصية:
رُوي أَنَّ داوود النبيّ على نبيّنا وآله وعليه آلاف التحية والثناء قال لابنه سليمان عليه السلام: “لَا تَسْتَبْدِلَنَّ بِأَخٍ قَدِيمٍ أَخاً مُسْتَفَاداً مَا اسْتَقَامَ لَكَ وَلَا تَسْتَقِلَّنَّ أَنْ يَكُونَ لَكَ عَدُوٌ وَاحِدٌ وَلَا تَسْتَكْثِرَنَّ أَنْ يَكُونَ لَكَ أَلْفَ صَدِيقٍ” .
تمهيد:
يُبيّن هذا الحديث الشريف حلقةً من الحلقات الذهبية التي ينبغي أَنْ تقوم عليها العلاقة النظيفة والمخلصة بين أفراد المجتمع المتديّن, حيث ركّز على قاعدة مهمّة من اللازم سلوكها وعدم الغفلة عنها، فبيّن أَنَّ: من القبيح جداً أن نستبدل بالأخ القديم، ومَن تربطنا به صداقةٌ وثيقةٌ وعلاقةٌ حميمة، أخاً جديداً، إذا كان الأخ القديمُ مستقيمَ النيّة، قائماً بما يترتّب عليه من واجبات وحقوق، لا يطعن بالظهر، ولا يؤذي إذا حضر.
وهذا الحديث من حيث المضمون موافقٌ لبعض الآيات القرآنية, حيث يقول تعالى: ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلاَّ الْإِحْسَانُ﴾ .
ونحن كلّما استنطقنا القرآن وتدبّرناه عرفنا كم تحتوي آياته من قيمٍ وقوانين لو اتبعناها وعملنا بها, لصدق علينا قوله تبارك وتعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ ، ولكنّا ـ وللأسف ـ نعمل بالمقطع الآخر من الآية: ﴿وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ .
فآية الإحسان الكريمة تشير إِلَى قاعدةٍ عامّةٍ وقانونٍ كليّ، وهو أَنَّ كلّ مَنْ يحسن إليك لا يكون جزاؤه إِلَّا مبادلته بالإحسان، والصديق القديم المحافظ على ودّه لك، لا يكون الإحسان إليه باستبداله بأخٍ جديد لم يُجرّب، بل بالتمسُّك به وردّ تحيّته بتحيّة أفضل. واللازم علينا كأفراد مسلمين متدينين أنْ نرسم سلوكنا وأخلاقنا على ضوء سلوكيّات وأخلاق القرآن الكريم، وكلّ من جسَّد تعاليمه، وهم النبيّ محمدٌ وآله الطيبين الطاهرين.
قيل لبعض أُمهات المؤمنين: أخبريني بِخُلِقِ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قالت: “كَانَ خُلُقُه القُرآن” ، كيف! وهو لا يتخطّى في أقواله وأفعاله ما يريده الله تبارك وتعالى: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ ، ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ .
ومن هنا تنبع أهمية أن يكون للقرآن الكريم حضورٌ فاعلٌ في حياتنا، بحيث إذا تحرّكنا كان القرآنُ هو المتحرّك قبلنا.
والمجتمع الإيماني بحاجةٍ ماسّة ـ خصوصاً عندما تتكالب فيه الأعداء من كلّ حدب وصوب ـ إِلَى تفعيل تلك المفردات الإيمانية، من قبيل: الصداقة، والأخوة، والتعاطف والانسجام.روي عن أمير المؤمنين: “أعجز الناس من عجز عن اكتساب