تشهد آيات الذكر الحكيم على أنّ النبيّ الأكرم جاء ـ وبالإضافة إلى المعجزة الخالدة: القرآن الكريم ـ بعدد من المعاجز والأفعال الخارقة للعادة ولم يكتفِ لهداية الناس وإرشادهم بالقرآن فقط، بل كلّما اقتضت الحاجة ودعت الضرورة جاء وبإذن الله بالمعجزة اللازمة.
المعجزة الرابعة: النبي الأعظم وبيّناته
تفيد الآية التالية أنّ النبيّ الأعظم جاء إلى الناس بالكثير من البيّنات، وهي المعجزات حيث قال سبحانه: {كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَ شَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَ جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ…} [سورة آل عمران: 86]
والشاهد في الآية جملة {وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ} و(البيّنات) جمع (البيّنة) بمعنى المبيّن لحقيقة الأمر.
ومن الممكن القول ـ ابتداءً ـ : إنّ المراد من البيّنات في الآية هو القرآن الكريم، أو يُراد البشائر الواردة في الكتب السماوية النازلة قبل القرآن حول النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ولكن ملاحظة الآيات الأُخر التي استعملت فيها هذه الكلمة وأُريد منها المعاجز والأعمال الخارقة للعادة توجب القول:
إنّ المراد من البيّنات إمّا خصوص المعاجز والأُمور الخارقة للعادة، أو الأعمّ منها ومن غيرها الذي يشمل المعجزات أيضاً، ولا دليل على حصر مفاد الآية في القرآن الكريم أو البشائر الواردة في الكتب السماوية. إذا عرفنا ذلك نشير إلى طائفة من الآيات:
- {…وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ…} [سورة البقرة: 87]
- {…ثُمَّ اتَّخَذُوا العِجْلَ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ…} [سورة النساء: 53]
- {…إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ…} [سورة المائدة: 110]
- {…وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ…} [سورة الأعراف: 101]. (1)