لقد اهتمّ الإسلام العزيز بالمرأة أيّما اهتمام، إلى الحدّ الّذي أنزلت سورة طويلة مسمّاة باسم “النساء” في القرآن الكريم. وهذا يدلّ على خطورة وأهمّية العنصر النسائي في المجتمع الإنساني، وعلى اهتمام الإسلام بهذا العنصر، إلّا أنّ التاريخ والحاضر قد ظلمها، ولم يلتفت إلى خطورة دورها، فأنقص حقوقها وهدرها. ونحن ذاكرون بعض حقوق المرأة العامّة في الإسلام، عسى أن يكون ذلك دافعاً لردّ بعض الشبهات الّتي قد تعتري بعض الناس حول وضع المرأة في الإسلام.
قوّاميّة الرجل على المرأة
يقول تعالى في كتابه المجيد: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ الله بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ …﴾3.
ولا بدّ لتوضيح هذه العبارة من الالتفات إلى أنّ العائلة وحدة اجتماعيّة صغيرة، وهي كالاجتماع الكبير لا بدّ لها من قائد وقائم بأمورها، وترتكز قوّاميّة الرجل على ركيزتين:
1- ﴿… بِمَا فَضَّلَ الله بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ..﴾ وهذا التفضيل ليس تفضيلاً بالقيمة المعنويّة وإنّما المقصود أنّ هناك ميزة عمليّة يمتاز بها الرجل تجعله مؤهّلاً لموضوع القوّاميّة، وهذا له علاقة بالصفات الموجودة عادة عند الرجل والأخرى الموجودة عند المرأة، فالمرأة تكون عادة كثيرة الانفعال نتيجة العاطفة الجيّاشة الموجودة عندها بخلاف الرجل.
2- ﴿… وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ..﴾. فنفقة البيت واجبة على الرجل لا على المرأة، ومن الطبيعيّ أنّ من يتحمّل وجوب الإنفاق على أيّ مشروع يكون الأحقّ بالإشراف عليه.
الإرث:
يقول تعالى في كتابه العزيز: ﴿لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا.﴾4.
لقد شرّع الإسلام الإرث للمرأة كما شرّعه للرجل، وجعل لكلٍّ منهما نصيباً، ولكن هناك ميزة في إرث الأولاد، هي أنّهم لا يرثون بالتساوي، فالذكر يأخذ ضعف ما تأخذه الأنثى، يقول تعالى:﴿يُوصِيكُمُ الله فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ …﴾5.
فلماذا هذا التفاوت بينهما؟
السبب في هذا التفاوت يظهر من خلال ملاحظة أمرين:
1- الرجل مكلّف بالصرف على العائلة وتأمين حاجيّاتها الماديّة، والمرأة ليست مكلّفة بذلك، بل تأمين حاجيّاتها الشخصيّة على عاتق الرجل أيضاً سواء كان أباً أو زوجاً.
ويقول تعالى:﴿لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا …﴾6.
فما دام الرجل مكلّفاً بالصرف على العائلة فمن الطبيعيّ أن يلاحظ ذلك في تقسيم الموارد، حتّى يكون التقسيم متلائماً مع المسؤوليّات الملقاة على عاتق كلّ منهما، فليس غريباً أن يرث الرجل ضعف ما ترثه المرأة.
2- الرجل هو الذي يدفع المهر في عقد الزواج لمصلحة المرأة، وهذا أيضاً يؤيّد في مقابله وجود مميّزات في الموارد ليتحقّق الانسجام بين الموارد والمصاريف.فإنّ ما ورثه سيعود الكثير منه للمرأة كإبنة، أو زوجة واجبة النفقة، فيما يبقى المال الذي ورثته المرأة خالصاً لها من دون أن يشاركها فيه أحد. فعندما نقرأ مسألة الإرث كمورد من الموارد الماليّة، علينا أن نقرأه ضمن منظومة الموارد والمصاريف في النظام الإسلاميّ ليتحقّق نوع من التكافؤ بينهما.
*مكانة المرأة ودورها,نشر جمعية المعارف الاسلامية الثقافية,ط2, 2010م-1431هـ, ص22-32
1- راجع نظام حقوق المرأة في الإسلام للشهيد مرتضى مطهري صفحة 159 وما بعدها.
2- النساء: 3.
3- النساء: 34.
4- النساء: 7.
5- النساء: 11
6- البقرة: 286.