14)صور وأشكال التقدُّم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
إنّ التقدّم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأيّ معنى أُخذ قد يُلحظ ببعدين:
– البعد الأدبي الأخلاقي.
– البعد القانوني التشريعي.
والداعي لهذا التقسيم هو شخص النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم لأنّه تارة نلحظ الشخصية المباركة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإنّ للكلام معه، وللأكل، وللمشي ولأي حركة معه آداب لا بد من مراعاتها. وعلى كل حال الجنبة الأدبية والأخلاقية هي نوع من التقنين الأدبي في العلاقة معه صلى الله عليه وآله وسلم. فالله تعالى يريد أن يأدّب عباده بضرورة مراعاة الأدب مع رسوله، وهي بالتالي مراعاة أدب مع الله تعالى في كل ملاقاة وعلاقة معه فلمجلسه خصوصية وقدسية ولكلامه ومنامه وخلوته وكل ما يتّصل بوجوده المبارك.
وتارة نلحظ ما يصدر منه ببعده التشريعي ونحن نعلم أنّ قول وفعل وتقرير النبي صلى الله عليه وآله وسلم حجّة وكاشف عن مراد ورضا الله تعالى بلا زيادة ولا نقيصة. وفي هذا البعد التشريعي لا يجوز التقدّم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأيّ شكل من الأشكال ولو على نحو اقتراح تشريعي لأنّ أحكام وقوانين السماء تصل إلينا بطريقين:
الأول: كتاب الله تعالى: وهنا لا يحقّ لنا تغيير حرف واحد من حروف الأحكام القرآنية فضلاً عن الحكم ككل.
الثاني: السنة النبوية الشريفة: وهي قوله وفعله وتقريره. وهذه السنة تُبيّن وتشرح القرآن الكريم أيضاً ولها نفس حكم القرآن من ناحية عدم جواز تحريفها وتبديلها وما شابه ذلك.
قال تعالى في شأن نبيه صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾[1]. وفي آية أخرى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾[2]. وفي آية ثالثة: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾[3]. إلى غيرها من الآيات الشريفة.
إنّ تكليف المسلمين تجاه هذه الجنبة القانونية والتشريعية هو التسليم والانقياد المطلق لأوامر الله ورسوله ولا يحقّ لهم أيّ تدخّل على الإطلاق.
[1] سورة النجم، الآيتان 3- 4.
[2] سورة الحشر، الآية 7.
[3] سورة الأحزاب، الآية 21.