الرئيسية / شخصيات أسلامية / أنساب الأشراف 25

أنساب الأشراف 25

235 – وحدثني محمد بن سعد والوليد بن صالح ، عن محمد بن عمر الواقدي ، عن ابن أبي سبرة ، عن عمر
ابن عبد الله ، عن جعفر بن عبد الله بن أبي الحكم قال :
لما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم « وأنذر عشيرتك الأقربين [ 1 ] ، اشتدّ ذلك عليه وضاق به ذرعا . فمكث شهرا أو نحوه جالسا في بيته ، حتى ظنّ عماته أنه شاك ، فدخلن عليه عائدات ، فقال : ما اشتكيت شيئا ، ولكن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين ، فأردت جمع بنى عبد المطلب لأدعوهم إلى الله . قلن : فادعوهم ، ولا تجعل عبد العزى فيهم – يعنين أبا لهب – فإنه غير مجيبك إلى ما تدعوه إليه . وخرجن من عنده ، وهن يقلن : إنما نحن نساء .
فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بعث إلى بنى عبد المطلب . فحضروا ومعهم عدّة من بنى عبد مناف ، وجميعهم خمسة وأربعون رجلا . وسارع إليه أبو لهب ، وهو يظنّ أنه يريد أن ينزع عما يكرهون إلى ما يحبون . فلما اجتمعوا ، قال أبو لهب : « هؤلاء عمومتك وبنو عمك ، فتكلم لما تريد ، ودع الصلاة ، واعلم أنه ليست لقومك بالعرب قاطبة طاقة . وأنّ أحق من أخذك فحبسك أسرتك وبنو أبيك إن أقمت على أمرك ، فهو أيسر عليهم من أن يثب بك بطون قريش وتمدّها العرب فما رأيت ، يا بن أخي ، أحدا قط جاء بنى أبيه بشرّ مما جئتهم به » . وأسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يتكلم في ذلك المجلس ، ومكث أياما . وكبر عليه كلام أبى لهب . فنزل جبريل ، فأمره بإمضاء ما أمره الله به ، وشجعه عليه . فجمعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثانية ، فقال : « الحمد للَّه أحمده ، واستعينه وأومن به وأتوكل عليه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له » . ثم قال : « : إنّ الرائد لا يكذب أهله .
والله لو كذبت الناس جميعا ، ما كذبتكم . ولو غررت الناس ، ما غررتكم
والله الذي لا إله إلا هو ، إني لرسول الله إليكم خاصة وإلى الناس كافة .
والله ، لتموتن كما تنامون ، ولتبعثنّ كما تستيقظون ، ولتحاسبن بما تعملون ، ولتجزون بالإحسان إحسانا وبالسوء سواء . وإنها للجنة أبدا ، والنار أبدا . وأنتم لأول من أنذر » . فقال أبو طالب : « ما أحب إلينا معاونتك ومرافدتك ، وأقبلنا [ 1 ] لنصيحتك ، وأشد تصديقنا لحديثك . وهؤلاء بنو أبيك مجتمعون .
وإنما أنا أحدهم ، غير أنى والله أسرعهم إلى ما تحب . فامض لما أمرت به .
فوالله ، لا أزال أحوطك وأمنعك ، غير أنى لا أجد نفسي تطوع لي فراق دين عبد المطلب حتى أموت على ما مات عليه . » وتكلم القوم كلاما لينا ، غير أبى لهب فإنه قال : « يا بنى عبد المطلب ، هذه والله السوءة ، خذوا على يديه قبل أن يأخذ على يده غيركم . فإن اسلمتوه حينئذ ، ذللتم . وإن منعتموه قتلتم . » فقال أبو طالب : « والله ، لنمنعه ما بقينا » .
236 – وروى الواقدي ، عن ابن أبي سبرة ، عن موسى بن ميسرة ، عن هند بنت الحارث :
أن صفية بنت عبد المطلب قالت لأبى لهب : « أي أخيّ ، أحسن بك خذلان ابن أخيك وإسلامه . فوالله ما زال العلماء يخبرون أنه يخرج من ضئضئ عبد المطلب نبي . فهو هو » . فقال : هذا والله الباطل ، والأماني ، وكلام / 54 / النساء في الحجال . إذا قامت بطون قريش كلها ، وقامت معها العرب ، فما قوتنا بهم . والله ، ما نحن عندهم إلا أكلة رأس » .
237 – حدثني عباس بن هشام ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس قال :
لما أمر الله نبيه أن ينذر عشيرته الأقربين ، جلس على الصفا فقال : « يا آل
فهر » . فجاءه من سمع كلامه ممن كان بمكة من بنى فهر . فقال له أبو لهب : هذه فهر عندك . فقال : « يا آل غالب » . فرجع بنو محارب والحارث ابنا فهر . فقال : « يا آل لؤي بن غالب » . فرجع بنو تيم بن غالب ، وهو الأدرم [ 2 ] .
فقال : « يا آل كعب » ، فرجع بنو عامر بن لؤي . فقال : « يا آل مرّة بن كعب » ، فرجع بنو عدى وسهم وجمح . فقال : « يا آل كلاب » ، فرجعت بنو مخزوم وبنو تيم بن مرّة . فقال : « يا آل قصيّ » ، فرجعت بنو زهرة .
فقال : « يا آل عبد مناف » فرجع بنو عبد الدار وبنو أسد بن عبد العزى .
فقال له أبو لهب : هذه عبد مناف . فقال صلى الله عليه وسلم :
أدعوكم إلى أن تشهدوا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأنى عبده ورسوله ، أضمن لكم الجنة » . فقال أبو لهب : « ألهذا دعوتنا ؟ تبّا لك » . فأنزل الله عز وجل : « تبّت يدا أبى لهب وتبّ ، [ 1 ] » السورة .
238 – وحدثني محمد بن سعد ، [ 2 ] عن الواقدي ، عن ابن أبي حبيبة ، عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال :
لما نزلت « وأنذر عشيرتك الأقربين » [ 3 ] ، صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصفا ، فنادى : « يا معشر قريش » . فقالت قريش : محمد على الصفا يهتف . فأقبلوا واجتمعوا ، فقالوا : ما لك يا محمد ؟ قال : « أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا أسفح هذا الجبل ، أكنتم تصدّقونني ؟ » قالوا : « نعم ، أنت عندنا غير متهم ، وما جرينا عليك كذبا قط » . قال : « فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد [ 4 ] . يا بنى عبد المطلب ، يا بنى عبد مناف ، يا بنى زهرة ، – حتى عدّ الأفخاذ من قريش – إنّ الله أمرني أن أنذر عشيرتك الأقربين .
وأنى لا أملك لكم من الدنيا منفعة ، ولا من الآخرة نصيبا إلا أن تقولوا لا إله إلا الله » . قال أبو لهب : « تبّا لك ، سائر اليوم ، ألهذا جمعتنا ؟ » فأنزل الله عز وجل فيه : « تبت يدا أبى لهب [ 5 ] » .
239 – حدثنا محمد بن حاتم بن ميمون المروزي وعمرو بن محمد الناقد ، قالا ثنا أبو معاوية ، ثنا الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال :
صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم الصفا ، فقال : يا صباحاه .
فاجتمعت إليه قريش ، فقالوا : ما لك ؟ فقال : أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم ، أما كنتم تصدّقونني ؟ قالوا : بلى . قال : وإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد . فقال أبو لهب : تبّا لك ، ألهذا جمعتنا ؟ فأنزل الله عز وجلّ : « تبت يدا أبى لهب » إلى آخرها .
240 – وقد روى أن أبا طالب لما مات ، اجتمع بنات عبد المطلب إلى أبى لهب ، فقلن له : محمد ابن أخيك ، فلو عضدته ومنعته ، كنت أولى [ 1 ] الناس بذلك .
فلقى النبي صلى الله عليه وسلم وهو عازم على معاضدته . فسأله عن عبد المطلب وغيره من آبائه ، فقال : إنهم كانوا على غير هدى ولا دين . فقال : تبّا لك .
فنزلت : « تبت يدا [ 2 ] « أبى لهب » .
241 – وروى أن أفلح بن النصر السلمى كان سادن العزى . فدخل عليه أبو لهب يعوده وقد احتضر . فقال له : يا با عتبة [ 3 ] ، أظنّ العزّى ستضيع بعدي .
فقال أبو لهب : كلَّا ، أنا أقوم عليها ، فإن يظهر محمد ولن يظهر [ 4 ] ، فهو ابن أخي ، وان تظهر العزّى ، فهي [ 5 ] الظاهرة ، ليت قد اتخذت عندها يدا . فنزلت : « تبت يدا أبى لهب وتبّ » . وقال الكلبي : اسم سادن العزى :
دبيّة بن حرمي السلمى .
242 – وروى أن أبا لهب قال : يعدنا محمد عدان [ 6 ] بعد الموت ، ليس في أيدينا منها شيء فنزلت : « تبت / 55 / يدا أبى لهب » .
243 – قالوا : ولما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا ، فرّد عليه أبو لهب قوله وأباه ، لقى هند بنت عتبة بن ربيعة ، فقال لها : « لقد باينت محمدا ، يا بنت عتبة ، وأبيت ما جاء به ، ونصرت اللات والعزى ، وغضبت لهما » . فقالت : جزيت خيرا يا با عتبة .
244 – وقال بعض المفسرين : « تبت » ، خسرت . والعرب تقول : تبت ، ضعفت . والبعير التاب ، الضعيف . وقالوا في قوله « وما كسب [ 1 ] » ، يعنى ولده .
وحدثني محمد بن سعد ، عن محمد بن عمر الواقدي ، عن معاذ بن محمد ، عن عمران بن أبي أنس قال :
كانت أم جميل بنت حرب بن أمية تحمل أغصان العضاه والشوك ، فتطرحها على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وروى عن أبي ورق الهمداني ، عن الضحاك ، عن ابن عباس مثل ذلك . وكان مجاهد يقول : « حمالة » [ 2 ] ، النميمة ، تحطب بذلك على ظهرها ، والممسود ، المفتول الموّثق ، و « الجيد » [ 3 ] ، العنق . وقال بعضهم ، حبل من « مسد » [ 4 ] ، من ليف . وقال آخرون : عنى أنّ في جيدها

شاهد أيضاً

 كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد وآخر التطورات والمستجدات

 كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد وآخر التطورات والمستجدات 13 جمادى ...