الرئيسية / القرآن الكريم / أسوار الأمان في صيانة المجتمع من الإنحراف على ضوء سورة الحجرات

أسوار الأمان في صيانة المجتمع من الإنحراف على ضوء سورة الحجرات

18)

تأمّلات حول الآية

 

رعاية الأدب مع القيادة:

الآية تُبيّن أنّ الذي يتقدّم الله ورسوله يوجد الخلل والاضطراب في المجتمع. وأنّ الأمن والأمان في المجتمع يكون في ظلّ الطاعة والانقياد المطلق للقيادة الإلهية. لأنّ في علم الإدارة يُقال, إنّ مسألة المديرية لا تتم بدون رعاية الانضباط، وإذا أُريد للناس العمل تحت مديرية وقيادة – حسب رغبتهم، فإنّ اتساق الأعمال سينعدم عندئذ وإن كان المديرون والقادة جديرين. وكثير من الأحداث والنواقص التي نلاحظها تحدث عن هذا الطريق، فكم من هزيمة أصابت جيشاً قوياً أو نقصاً حدث في أمر يهمّ جماعة وما إلى ذلك كان سببه ما ذكرناه آنفاً… ولقد ذاق المسلمون أيضاً مرارة مخالفة هذه التعاليم مراراً في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو بعده، ومن أوضح الأمور قصة هزيمة المسلمين في معركة أحد لعدم الانضباط من قبل جماعة قليلة من المقاتلين.

 

والقرآن يثير هذه المسألة المهمة في عبارة موجزة في الآية الآنفة وبأسلوب جامع طريف إذ يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾[1].

 

فالقيادة لها خصوصياتها فلا بد من رعاية تلك الخصوصيات والتأدُّب معها بما يتناسب مع موقع تلك القيادة فـإنّ مسؤولية انضباط السائرين إزاء القادة وخاصة إزاء القادة الإلهيين تقتضي ألّا يتقدّموا عليهم في أي عمل وقول ولا يعجل أحد عندهم.

 

وبالطبع فإنّ هذا الكلام لا يعني بأنّه لا يجوز لهم أن يتشاوروا مع النّبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا كان لديهم شي‏ء يجدر بيانه، بل المراد منه ألّا يعجلوا ويبادروا بالتصميم قبل أن يوافق النّبي على ذلك! حتى أنّه لا ينبغي أن تُثار أسئلة ومناقشات أكثر ممّا يلزم في شأن المسائل، بل ينبغي أن يترك الأمر للقائد نفسه أن يُبيّن المسائل في حينها، لا سيما إذا كان القائد معصوماً الذي لا يغفل عن أي شي‏ء! كما أنّه لو سئل المعصوم

 

 

أيضاً، لا يحقّ للآخرين أن يجيبوا السائل قبل أن يردّ عليه المعصوم، وفي الحقيقة إنّ الآية جمعت كلّ هذه المعاني في طيّها.

 

[1] الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ناصر مكارم الشيرازي، ج16، ص 521.

شاهد أيضاً

يا فاطمة اشفعي لي في الجنة – بمناسبة وفاة السيدة كريمة أهل البيت

تنبيه قد تقدّم أن الإمام الكاظم (عليه السلام) هو الذي اشترى السيدة تكتم حيث بعث ...