فتأملوا معاشر شيعة المؤمنين ما قالته أئمتكم عليهم السلام وندبوا إليه وحضوا عليه. وانظروا إليه بعيون قلوبكم، واسمعوه بآذانها، وعوه بما وهبه الله لكم واحتج به عليكم من العقول السليمة والافهام الصحيحة ولا تكونوا كأنداكم (1) الذين يسمعون الحجج اللازمة والحكم البالغة صفحا وينظرون فيها تصفحا (2) ويستجيدونها قولا ويعجبون بها لفظا، فهم بالموعظة لا ينتفعون ولا فيما رغبوا يرغبون ولا عما حذروا ينزجرون، فالحجة لهم لازمة والحسرة عليهم دائمة.
بل خذوا ما ورد إليكم عمن فرض الله طاعته عليكم وتلقوا ما نقله الثقات عن السادات بالسمع والطاعة والانتهاء إليه والعمل به، وكونوا من التقصير مشفقين وبالعجز مقرين. واجتهدوا في طلب ما لم تعلموا، واعملوا بما تعلمون ليوافق قولكم فعلكم، فبعلومهم النجاة وبها الحياة، فقد أقام الله بهم الحجة وأقام (3)
بمكانهم المحجة وقطع بموضعهم العذر، فلم يدعوا لله طريقا إلى طاعته ولا سببا إلى مرضاته ولا سبيلا إلى جنته إلا وقد أمروا به وندبوا إليه ودلوا عليه وذكروه وعرفوه ظاهرا وباطنا وتعريضا وتصريحا، ولا تركوا ما يقود إلى معصية الله ويدني من سخطه ويقرب من عذابه إلا وقد حذروا منه ونهوا عنه وأشاروا إليه وخوفوا منه لئلا يكون للناس على الله حجة، فالسعيد من وفقه الله لاتبعاعهم والاخذ عنهم والقبول منهم والشقي من خالفهم واتخذ من دونهم وليجة (4)
وترك أمرهم رغبة عنه إذ كانوا العروة الوثقى وحبل الله الذي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله بالاعتصام والتمسك به، وسفينة النجاة وولاة الامر، الذين فرض الله طاعتهم فقال: ” أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم (5) ” والصادقين الذين
________________________________________
(1) النديد من الند وهو الضد والنظير – والمراد به ههنا الاول. (2) في بعض النسخ [ صفحا ]. (3) كذا والظاهر: أنار. (4) الوليجة: البطانة. (5) النساء – 58. (*)