الرئيسية / الاسلام والحياة / ليالي بيشاور- 01 لسلطان الواعظين – مسلسل فديوا

ليالي بيشاور- 01 لسلطان الواعظين – مسلسل فديوا

المكان : بيت المحسن الوجيه الميرزا يعقوب علي خان قزل باش(1)، من الشخصيات البارزة في بيشاور .

الابتداء : أول ساعة من الليل بعد صلاة المغرب .

إفتتاحية المجلس : حضر المشايخ والعلماء وهم : الحافظ(2) محمد رشيد والشيخ عبد السلام، والسيد عبد الحي، وغيرهم من العلماء، وعدد كبير من الشخصيات والرجال من مختلف الطبقات والأصناف .

فرحبت بهم واستقبلتهم بصدر منشرح ووجه منبسط ، كما ورحب بهم صاحب البيت واستقبلهم استقبالا حارا، ثم أمر خدمه فقدموا الشاي والفواكه والحلوى لجميع من حضر .

هذا، ولكن مشايخ القوم كانوا على عكس ما كنا معهم، فقد رأينا الغضب في وجوههم، إذ أنهم واجهونا في البداية بوجوه مقطبة مكفهرة، وكأنهم جاؤونا للمعاتبة لا للتفاهم والمناظرة .

أما أنا فكنت لا أبالي بهذه الأمور، لأني لم أبتغ من وراء هذا اللقاء هدفا شخصيا، ولأم أحمل في نفسي عنادا ولا في صدري تعصبا أعمى ضد أحد، وإنما كان هدفي ان أوضح الحق وأبين الحقيقة .

ولذلك لم أتجاوز عما كان يجب علي من المعاملة الحسنة فقابلتهم بالبشر والابتسامة، والترحيب والتكريم، وطلبت منهم أن يبدؤوا بالكلام بشرط أن يكون المتكلم شخصا معينا عن الجماعة حتى لا يضيع الوقت، ولا يفوت الغرض الذي اجتمعنا من أجله .

فوافقني القوم على ذلك وعينوا من بينهم الحافظ محمد رشيد ليتكلم نيابة عنهم، وربما خاض الآخرون ـ أحيانا ـ في البحث ولكن مع إذن مسبق .

 المقطع الأول من الليلة الأولى / بعنوان: الاتفاق والنسب

بدء المناظرة:

بهذا أخذ المجلس طابعه الرسمي، وبدأت المناظرات بيني وبينهم بكل جد وموضوعية،

 فبدأ

الحافظ محمد رشيد       …     وخاطبني بلقب : (قبله صاحب)(3) قائلا :

)منذ نزولكم هذا البلد، شرفتم مسامع الناس بمحاضراتكم، وخطبكم، ولكن بدل أن تكون محاضراتكم منشأ الألفة والإخاء فقد سببت الفرقة والعداء، ونشرت الإختلاف بين أهالي البلد، وبما أنه يلزم علينا إصلاح المجتمع، ورفع الاختلاف منه، عزمت على السفر، وقطعت مسافة بعيدة مع الشيخ عبد السلام وجئنا إلى بيشاور لدفع الشبهات التي أثرتموها بين الناس .

وقد حضرت اليوم محاضرتكم في الحسينية، واستمعت لحديثكم، فوجدت في كلامكم سحر البيان وفصل الخطاب أكثر مما كنت أتوقعه، وقد اجتمعنا ـ الآن ـ بكم لننال من محضركم الشريف ما يكون مفيدا لعامة الناس إن شاء الله تعالى .

فإن كنتم موافقين على ذلك، فإنا نبدأ معكم الكلام بجدّ، ونتحدث حول المواضيع الأساسية التي تهمنا وتهمكم ؟(

 

 

01:سلطان الواعظين

 (على الرحب والسعة، قولوا ما بدا لكم، فإني أستمع لكم بلهفة، وأصغي لكلامكم بكل شوق ورغبة، ولكن أرجو من السادة الحاضرين جميعا ـ وأنا معكم ـ ان نترك التعصب والتأثّر بعادات محيطنا وتقاليد آبائنا، وأن لا تأخذنا حمية الجاهلية، فنرفض الحق بعد ما ظهر لنا، ونقول ـ لا سمح الله ـ مثل ما قاله الجاهلون : (حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا)المائدة/103 (4) أو نقول : (بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا)البقرة/170 (5).

فالرجاء هو أن ننظر نحن وأنتم إلى المواضيع والمسائل التي نناقشها نظر الإنصاف والتحقيق، حتى نسير معا على طريق واحد ونصل إلى الحق والصواب، فنكون كما أراد الله تعالى لنا : إخوانا متعاضدين ومتحابين في الله تبارك وتعالى .)

 

فأجاب الحافظ :

 (إن كلامكم مقبول على شرط أن يكون حديثكم مستندا إلى القرآن الكريم فقط .)

 

سلطان الواعظين

(قلت إن شرطكم هذا غير مقبول في عرف العلماء والعقلاء، بل يرفضه العقل والشرع معا، وذلك لأن القرآن الكريم كتاب سماويّ مقدّس ،فيه تشريع كل الأحكام بإيجاز واختصار مما يحتاج في فهمه إلى من يبينه، والسنة الشريفة هي المبينة، فلا بدّ لنا أن نرجع في فهم ذلك إلى الأخبار والأحاديث المعتبرة من السنة الشريفة ونستدل بها على الموضوع المقصود .)

 

 

الحافظ :

 (كلامكم صحيح ومتين، ولكن أرجو أن تستندوا في حديثكم إلى الأخبار الصحيحة المجمع عليها، والأحاديث المقبولة عندنا وعندكم، ولا تستندوا بكلام العوام ّ والغثّ من عقائدهم .

وأرجو أيضا أن يكون الحوار هادئا، بعيدا عن الضوضاء والتهريج حتى لا نكون موضع سخرية الآخرين ومورد استهزائهم .)

 

سلطان الواعظين

(هذا كلام مقبول، وأنا ملتزم بذلك قبل أن ترجوه منّي، فإنه لا ينبغي لرجل الدين والعالم الروحي إثارة المشاعر والتهريج في الحوار العلمي والتفاهم الديني، وبالأخص لمن كان مثلي ،إذ إن لي العزّ والفخر وشرف الانتساب إلى رسول الله (ص)، وهو صاحب الصفات الحسنة والخصال الحميدة والخلق العظيم، الذي أنزل الله تعالى فيه:(إنّك لعلى خلق عظيم)القلم/4 (6).

ومن المعلوم أني أولى بالالتزام بسنة جدي، وأحرى بأن لا أخالف أمر الله عز وجل حيث يقول : (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)النحل/125 (7).)

 

 

الحافظ :

 (ذكرت أنك منتسب إلى رسول الله (ص) ـ وهو المشهور أيضا بين الناس ـ فهل يمكنكم ان تبينوا لنا طريق انتسابكم إلى النبي الأعظم (ص)، والشجرة التي تنتهي بكم إليه ؟)

 

 

سلطان الواعظين

(نعم، إن نسبي يصل عن طريق الإمام الكاظم موسى بن جعفر عليه الصلاة والسلام إلى رسول الله (ص)، وذلك على النحو التالي : أنا محمد بن علي أكبر “أشرف الواعظين” بن قاسم” بحر العلوم” ابن حسن بن إسماعيل “المجتهد الواعظ” بن ابراهيم بن صالح بن أبي على محمد بن علي ” المعروف بالمردان” بن أبي القاسم محمد تقي بن “مقبول الدين” حسين بن أبي علي حسن بن محمد بن فتح الله بن إسحاق بن هاشم بن أبي محمد بن إبراهيم بن أبي الفتيان بن عبدالله بن الحسن بن أحمد ” أبي الطيب” ابن أبي علي حسن بن أبي جعفر محمد الحائري “نزيل كرمان” ابن إبراهيم الضرير المعروف بـ”المجاب” ابن الأمير محمد العابد بن الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي السجاد “زين العابدين” بن الإمام أبى عبدالله الحسين “السبط الشهيد” بن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (سلام الله عليهم أجمعين) .)

 

الحافظ :

( جيد، لقد انتهى نسبك ـ حسب بيانك هذا ـ إلى علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه)، وهذا الانتساب يثبت أنك من أقرباء النبي (ص) لا من أولاده، لأن الأولاد إنما هم من ذرية الإنسان ونسله، لا من ختنه وصهره، فكيف ادّعيت مع ذلك بأنك من أولاد رسول الله (ص) ؟!)

 

سلطان الواعظين

(إن انتسابنا إلى النبي الأكرم (ص) إنما يكون عن طريق فاطمة الزهراء عليها السلام بنت رسول الله (ص)، لأنها أم الإمام الحسين الشهيد عليه السلام .)

 

 

الحافظ :

( العجب كل العجب منك ومن كلامك ! إذ كيف تتفوّه بهذا الكلام وأنت من أهل العلم والأدب ؟!

ألست تعلم أن نسل الإنسان وعقبه إنما يكون عن طريق الأولاد الذكور لا الإناث ؟! ورسول الله (ص) لم يكن له عقب من أولاده الذكور !! فإذن أنتم أسباطه وأبناء بنته، لا أولاده وذريته !!)

 

 

سلطان الواعظين

(ما كنت أحسبك معاندا أو لجوجا، وإلا لما قمت مقام المجيب على سؤالكم، ولما قبلت الحوار معكم !)

 

الحافظ :

( لا يا صاحبي لا يلتبس الأمر عليك، فإنّا لا نريد المراء واللجاج وإنما نريد أن نعرف الحقيقة، فإني وكثير من العلماء نظرنا في الموضوع ما بينته لكم، فإنا نرى أن عقب الإنسان ونسله إنما هو من الأولاد الذكور لا البنات، وذلك كما يقول الشاعر في هذا المجال :

بنونا بنــــو أبـــنائنا، وبناتنا          بنوهن أبناء الرجال الأباعد

فإن كان عندكم دليل على خلافه يدلّ على أن أولاد بنت رسول الله (ص) أولاده وذريته فبينوه لنا حتى نعرفه، وربما نقتنع به فنكون لكم من الشاكرين .)

 

شاهد أيضاً

ليالي بيشاور – 19 حوارات اسلامية و بحوث هادفة

الغلاة ليسوا من الشيعة : لقد نسبت أشعار الغلاة الإيرانيين إلى الشيعة الموحدين المؤمنين، فخلطت ...