الرئيسية / القرآن الكريم / 05 أسرار الآيات وأنوار البينات

05 أسرار الآيات وأنوار البينات

( 4 ) قاعدة في نعوت القرآن وأساميه

اعلم أن القرآن في اللغة بمعنى الجمع كما أن الفرقان بمعنى الفرق والتفصيل

قال اللَّه تعالى :

« إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَه ُ وَقُرْآنَه ُ فَإِذا قَرَأْناه ُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَه ُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَه ُ » .
والأول إشارة إلى العلم الإجمالي المعروف عند العلماء بالعقل البسيط وهو العلم بجميع الموجودات على وجه بسيط إجمالي وذلك العقل هو فعال
تفاصيل العلوم النفسانية .

والثاني إشارة إلى العلم النفساني المتكثر بصور عقلية حاصلة في النفوس الفاضلة

وربما يحصل الثاني دون الأول لكن الأول لا ينفك عن الثاني فكل قرآن لا ينفك عن الفرقان دون العكس ونفس نبينا صلى اللَّه عليه وآله في مقام « قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى عقل بسيط قرآني متحد مع المعقولات كلها وهو قلم الحق الأول وكلامه بوجه وهو كلمة اللَّه التامة التي فيها جوامع الكلم كما في قوله صلَّى اللَّه عليه وآله : « أوتيت جوامع الكلم » وفي مقام آخر لوح نفساني فيه تفاصيل العلوم وصور الحقائق المرسومة فيه من قبل قلم الحق الفعال لصور العلوم وتلك الصور أو محلها هو الكتاب الفرقاني فهذا المصحف الذي بين أظهرنا قرآن بوجه وفرقان بوجه وهو كلام اللَّه بوجه وكتابه بوجه وسينكشف لك وجوه الفرق بين كلام اللَّه وكتابه وأن المنزل على سائر الأنبياء كتابه لا كلامه وأن ذلك فرقان لا قرآن .

إذا علمت هذا فاعلم أن من أسمائه نور لأنه نور عقلي ينكشف به أحوال المبدإ والمعاد يتراءى به حقائق الأشياء ويهتدى به في سلوك يوم القيامة وطريق الجنة كما قال تعالى :

« ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناه ُ نُوراً نَهْدِي بِه ِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ »

وقال :

« قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِه ِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَه ُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِه ِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ »

فقوله :

« نُورٌ » إشارة إلى مرتبة العقل القرآني البسيط . وقوله :

« الْكِتابِ » إشارة إلى مرتبة العلم التفصيلي كما قال :

« كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُه ُ » وقال :

« كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُه ُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ » وقال :

« تَفْصِيلَ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيه ِ » .

ومن أسمائه العظام الحكمة

كما في قوله :

« وَآتَيْناه ُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ »

فإن الموجودات أعني الممكنات متميزة حال عدمها الكوني في علم اللَّه الواحد ويعلم اللَّه تعالى بعلم واحد بسيط صور جميع الأشياء ويراها ويأمرها بالتكوين بأمر واحد هي كلمة كن الوجودي فما عند اللَّه إجمال بل الأمر كله في نفسه وفي علم اللَّه مفصل وإن كان كله معلوما بعلم واحد لكن معلوماته كثيرة
كثرة لا تحصى وإنما وقع الإجمال في حقنا .

فمن كوشف بالتفصيل في عين الإجمال علما أو عينا أو حقا فذلك العالم الذي أعطاه اللَّه تعالى « الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ وليس ذلك إلا الأنبياء عليهم السلام والورثة لهم من العلماء الراسخين .

وأما الفلاسفة المشهورون فليسوا من هذا المقام في شيء ولا يعلمون التفصيل في عين الإجمال كما يراه صاحب هذا المقام الذي أعطاه اللَّه الحكمة وفصل الخطاب وهذه الحكمة عناية ربانية وموهبة إلهية لا يؤتى بها إلا من قبله تعالى

كما قال

« يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً » . وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الأَلْبابِ » .

3ec2e7db-dab7-45b8-b8d7-96759a52d0c0

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...