الوقت- كما في كلّ عام، و بالتزامن مع أداء ضيوف الرحمن شعائر الحج للعام الهجري 1438 وجّه قائد الثورة الإسلامية آية الله السيد علي خامنئي نداءً لمسلمي العالم حمل مضامين عدّة تتعلّق بأوضاع المسلمين في المنطقة والعالم.
نداء قائد الثورة وفي حين تطرّق إلى المعاني المعنويّة والفرديّة للحج، ركّز على الجوانب السياسيّة والاجتماعيّة التي تدغدغ مشاعر المسلمين، وتشكّل اليوم أبرز هواجسهم وتطلّعاتهم.
النداء كان تحذيرياً من هجمات الأعداء، توعوياً ووحدوياً بامتياز، ويمكن الإشارة إلى رسائل النداء في جملة من النقاط:
أوّلاً:إن دعوة قائد الثورة لقادة العالم الإسلامي والنخب السياسية والدينية إلى تحمل واجباتهم الجسيمة، تأتي في ظل استغلال أطراف أخرى لهذا الفراغ الأمر الذي أنتج نزعة تكفيرية لدى البعض، وإلحاديّة لدى البعض الآخر. وبالتالي، تقع هذه المهمّة على عاتق هؤلاء بغية ملء هذا الفراغ والحؤول دون أي واقع يؤدي إلى نتائج كارثيّة على الأمّة الإسلاميّة.
ثانياً: وفي إطار المصاديق التي نتجت عن الفراغ في تحمّل الواجبات الجسيمة أشار قائد الثورة إلى أنّه یعملُ سحرُ النزعة المادیة علی الإفساد والإغراء باستخدامه الوسائلَ المتطورة من جهة، ومن جهة ثانیة تنشط سیاسات نظام الهیمنة لاختلاق الفتن وتأجیج نیران النزاعات بین المسلمین، وتحویل البلدان الإسلامیة إلی جحیم من الخلافات وانعدام الأمن. ليخلص قائد الثورة إلى أهميّة الحج في العلاج من هذین الابتلائین العظیمین الذَین تعاني منهما الأمة الإسلامیة، كساحة تُفتح العیون فيها على واقعیات العالم الإسلامي المُرّة، ویُرسّخ العزائم لمواجهتها، ویُعزّز الخطوات، ویجعل الأیدي والأذهان مجنّدة للعمل.
ثالثاً: لخّص قائد الثورة السبب الرئيس للواقع الإسلامي بالغفلة عن هجمات الأعداء الشرسة، قائلاً: نحن لم نعمل بواجبنا الدیني والعقلي مقابل هجوم العدو اللئیم. لقد نسینا (أشداء على الکفار) ونسینا أیضاً (رحماء بینهم). هذه النقط شكّلت مدخلاً رئيسياً لنداء قائد الثورة نحو القضية الأولى للمسلمين في العالم القضية الفلسطينية.
رابعاً: اعتبر قائد الثورة أن العالم الإسلامي غافلٌ عن واجبه الحتمي المتمثل في إنقاذ فلسطين، داعياً للدفاع عن فلسطين والتعاون والتضامن من دون قيد وشرط مع شعب يكافح منذ 70 عاما من أجل وطنه. تأتي هذه الدعوة في ظل الهجمة الشرسة التي تتعرّض لها القضيّة الفلسطينية ومحاولة تصفيتها عبر مشروع أمريكي جديد يقوده صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالوكالة، وقد لاقى أصوات عربية إسلامية مؤيّد لهذا المشروع بغية تحقيق جملة من المآرب السياسيّة الضيّقة على حساب قضيّة فلسطين الكبرى للمسلمين والعرب.
خامساً: كانت لمعاناة الشعب اليمني حصّتها من نداء قائد الثورة باعتبار أنّه الشعب الأكثر مظلوميّة في العالم كونه يرزح تحت يران العدوان السعودي منذ عامين دون أي قرار دولي بوقف الحرب، داعياً إلى وقف هذا الحدث الكارثي الذي سبّبت صوره الشنيعة اليوم، الحزن والاعتراض في كل أرجاء العالم.
سادساً: ركّز قائد الثورة على الأحداث الداخلية التي يصطنعا الأعداء بغية تمزيق المسلمين الذين نراهم موحّدين في شعيرة الحج، إلا أنّهم على العكس في أبعاد هذه الشعيرة. هذا ما يحصل اليوم في اليمن وسوريا والعراق وليبيا.
قد يكون مفيداً إعادة الواجبات الجسيمة المُلقاة على عاتق النخب السياسية والثقافية التي تحدّث عنها قائد الثورة: واجب تحقيق الوحدة وتحذير الجميع من النزاعات القومية والطائفية؛ وواجب توعية الشعوب بأساليب العدو ومكائد الاستكبار والصهيونية؛ وواجب تعبئة الجميع لمواجهة العدو في شتّی ساحات الحروب الناعمة والصلبة؛ وواجب الإيقاف الفوري للأحداث الكارثية بين البلدان الإسلامية من قبيل أحداث اليمن التي سبّبت صورها الشنيعة اليوم، الحزن والاعتراض في كل أرجاء العالم؛ وواجب الدفاع الحاسم عن الأقليات المسلمة المضطهدة كمظلومي بورما وغيرهم؛ والأهمّ من كل ذلك واجب الدفاع عن فلسطين والتعاون والتضامن، من دون قيد وشرط، مع شعب يكافح منذ نحو سبعين عاماً من أجل وطنه المغتصب.
لعل الرسالة الأبرز في نداء قائد الثورة هي إعادة البوصلة نحو هدفها الصحیح وهي القضیة الأولى فلسطین، التي قال عنها سابقاً “قدّر الله أن فلسطين سوف تتحرر”. وفي حال تحقّق هذه الرسائل سنتبعد عن أي خلافات داخلية، وسنكون مصداقاً لقوله تعالى: “أشدّاء على الكفّار رحماء بينهم”. هذه الرسالة وغيرها من الرسائل، اعتبرها قائد الثورة الإسلاميّة من الواجبات الإسلاميّة ومن جوانب الحج التي يجب العمل .
الولاية الاخبارية