الرئيسية / المرأة في الإسلام / أوضاع المرأة المسلمة ودورها الاجتماعي من منظور إسلامي

أوضاع المرأة المسلمة ودورها الاجتماعي من منظور إسلامي

أوضاع المرأة المسلمة ودورها الاجتماعي من منظور إسلامي / الصفحات: ٢٢١ – ٢٤٠

وأمّا الجواب على الإشكال الثاني: الذي هو عبارة عن تسوية الطبيعة بين الرجال والنساء في العدد، فهو:

أ) إنّ الرشد الفكري والجسمي للتهيّؤ للنكاح أسرع في النساء من الرجال، فالنساء (وخاصة في المناطق الحارة)، إذا جِزْنَ التسع صلحن للنكاح، أمّا الرجال فلا يتهيؤون للنكاح غالباً قبل ستة عشر سنة، وهذا هو الذي اعتبره الإسلام بلوغاً ووصولاً إلى مرحلة الرجولة(١).

ولازم هذا الأمر: لو اعتبرنا مواليد ستة عشر سنة من أيّ قوم (والمفروض تساوي عدد الذكور والاناث فيهم) كان الصالح للنكاح في هذه السنة السادسة عشر من الرجال ألفاً مثلاً، أمّا النساء الصالحات للزواج في هذه السنة منهم سبعة آلاف من النساء، ولو اعتبرنا مواليد خمسة وعشرين سنة وهي سنّ بلوغ الأشدّ من الرجال كان الصالح للزواج من الرجال هم مواليد عشرة سنين فيكون الرجال المهيؤون للنكاح عشرة آلاف رجلاً، أمّا النساء فيكون الصالح منهن للزواج مواليد خمسة عشر (أو ستة عشر سنة) أي: خمسة عشر ألف أو ستة عشر ألفاً، وإذا أخذنا النسبة الوسطى حصل لكل واحد من الرجال اثنتان من النساء حسب عمل الطبيعة.

ب) إنّ الاحصائيات المذكورة تبيّن أنّ النساء أطول عمراً من الرجال، ولازمه أن يتهيأ عدد من النساء ليس بحذائهنّ رجال. وقد ذكرت جريدة اطلاعات الإيرانية في الشهر العاشر من سنة (١٣٣٥) هجري شمسي احصائية لدائرة الاحصاء في

 

١- وهذا هو الذي عليه إجماع الأطباء تقريباً، فإنّهم يقولون: إنّ سنّ البلوغ في النساء ما بين التاسعة والحادي عشر، أو ما بين الثامنة إلى الحادي عشر.

من الانترنيت / راجع مرحلة البلوغ

www.alshamsi.net/women/blooq١.html

وراجع ركن المرأة العربية “البلوغ والمراهقة لدى البنات” للدكتورة فريال، الأُستاذ والدكتور محمد كامل فرج.

 

٢٢١

فرنسا وخلاصة ذلك: إنّه يولد في فرنسا حذاء كلّ (١٠٠) مولود من البنات (١٠٥) من البنين، ومع ذلك فإنّ الإناث يربو عددهن على عدد الذكور بما يعادل (٠٠٠/٧٦٥/١) نسمة، ونفوس المملكة (٤٠) مليوناً تقريباً والسبب فيه: أنّ البنين أضعف مقاومة من البنات قبال الأمراض، ويهلك منهم ٥% إلى سنة ١٩ من الولادة ثمّ يأخذ عدد الذكور في النقص ما بين ٢٥ ـ ٣٠ سنة حتّى إذا بلغوا سنة ٦٠ ـ ٦٥ لم يبق تجاه كلّ (٠٠٠/٥٠٠/١) من الإناث إلاّ (٠٠٠/٧٥٠) من الذكور.

ج) إنّ خاصة النسل والتوليد تدوم في الرجال أكثر من النساء، فالأغلَب في النساء أن يكون يَئْسهنّ من الحمل في سنة الخمسين، أمّا النسل في الرجال فيبقى لسنين عديدة بعد ذلك، وربما بقي إلى تمام العمر الطبيعي وهي مائة سنة، فيكون عمر صلاحية الرجل للتوليد هو ثمانون سنة تقريباً، وهو عدد يكون نصفه عند المرأة، وإذا ضمّ هذا الوجه إلى الوجه السابق أنتج أنّ الطبيعة والخلقة تبيح للرجل التعدّي من الزوجة الواحدة إلى غيرها، إذ لا معنى لتهيئة قوة التوليد والمنع من الاستيلاد، فإنّ هذا مما تأباه سنّة العِلل الطبيعية.

د) إنّ الحوادث المبيدة لأفراد المجتمع من الحروب والمقاتِل وغيرهما تُحلّ بالرجال وتفنيهم أكثر مما تحلّ بالنساء، وهذا أقوى العوامل لشيوع تعدّد الزوجات، إذ هذه الأرامل والنساء العزّل لا محيص لهن إلاّ قبول التعدّد أو الزنا (والعياذ بالله) أو خيبة القوّة المودَعة في طبائعهن وبطلانها. ومما يؤيد هذا ما وقع في المانيا الغربية (الظاهر بعد الحروب التي حلّت بها) حيث أظهرت جمعية النساء العُزّل تحرّجها من فقدان البعولة وسألت الحكومة أن يسمح لهن بسنّة تعدّد الزوجات الإسلامية حتّى يتزوج مَنْ شاء من الرجال بأزيد من واحدة وترتفع بذلك غائلة الحرمان، غير أنّ الحكومة لم تجبهن في ذلك وامتنعت الكنيسة من قبوله ورضيت بالزنا وشيوعه وفساد النسل به.

 

٢٢٢

هـ) على أنّ الاستدلال بتسوية الطبيعة النوعية بين الرجال والنساء في العدد (بغضّ النظر عمّا تقدم) إنّما يستقيم لو فرض أن يتزوج كلّ رجل في المجتمع بأكثر من واحدة إلى أربع من النساء، ولكن الطبيعة لا تسمح بإعداد جميع الرجال لذلك، نعم، تسمح الطبيعة لبعض الرجال. والإسلام لم يشرّع التعدّد على نحو الفرض والوجوب، بل أباح التعدّد لمن استطاع أن يقيم القسط بين النساء.

وأوضح دليل على عدم استلزام هذا التشريع الحرج والفساد هو سير هذه السنّة بين المسلمين وكذا بين سائر الأُمم الذين يرون ذلك ولم يستلزم حرجاً من قلة النساء واعوازهن على الرجال، بل تحريم التعدّد أوجد لنا ألوفاً من النساء قد حرمن من الأزواج والسكن العائلي وامتهنَّ الزنا.

وأمّا الجواب على الإشكال الثالث: الذي يقول: إنّ في تشريع تعدّد الزوجات ترغيباً للرجال إلى الشره والشهوة، فيتّضح ببيان أُمور:

أ) إنّ شهوة النكاح في المرأة أقل منها في الرجل، فشهوة النكاح في المتوسط من الرجال تعادل ما في أكثر من امرأة واحدة، فالشهوة موجودة في الرجال أكثر من النساء لا أنّ تشريع تعدّد الزوجات هو الموجد لها.

ب) قرر الدين الإسلامي رفع الحرمان مما يوجبه مقتضى الطبع، فاعتبر أن لا تخزن الشهوة في الرجل ولا يحرم منها بصورة صحيحة فيلتجأ إلى التعدّي والفجور والفحشاء، فأجاز للشهوة الزائدة أن تنطلق بصورة صحيحة.

ج) المرأة تعتذر من المواقعة في ثلث أوقاتها، كأيام العادة وبعض أيام الحمل والوضع والرضاع ونحو ذلك.

وبما أنّ الإسلام تربيته عقلية وليست عاطفية، فقرر أن لا يحرم الزوج من الزواج الثاني إذا كانت له شهوة إليه فينجرف إلى الزنا والفحشاء، وهو من أعظم المخاطر في المجتمع.

 

٢٢٣

على أنّ من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية تكثير نسل المسلمين لعمارة الأرض بيد مجتمع مسلم عمارة صالحة ترفع الشرك والفساد، وهذا ممّا يقتضي الدعوة إلى زيادة النسل الصالح كما أكّدت عليه الروايات.

وعلى ما تقدّم: فإنّ تشريع تعدّد الزوجات لم يكن للشره والشهوة، بل هو لمصالح طبيعية واجتماعية، وقد أنصف بعض الباحثين الغربيين حيث قال: لم يعمل في إشاعة الزنا والفحشاء بين الملل المسيحية عامل أقوى من تحريم الكنيسة تعدّد الزوجات(١).

وأمّا الجواب على الإشكال الرابع: الذي يقول: إنّ تعدّد الزوجات فيه حطّ لكرامة المرأة في المجتمع بمعادلة الأربع منهن بواحد من الرجال، فجوابه يتمثّل في أُمور:

أ) كانت المرأة مظلومة قبل الإسلام، وهذا ما أكّدته كتب التاريخ في شأن المرأة.

ب) جاء الإسلام فقرر هوية المرأة فذكر: أنّ المرأة كالرجل إنسان، وكلّ ذكر أو أُنثى يشتركان في المادّة والعنصر، ولا فضل لأحد على أحد إلاّ بالتقوى قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}(٢). وقال تعالى: {أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِل مِّنكُم مِّن ذَكَر أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْض}(٣) فصرّح أنّ السعي غير خائب والعمل غير مضيّع عند الله وعلّل ذلك بقوله تعالى: (بَعْضُكُم مِّن بَعْض) وهذا هو نتيجة قوله تعالى في الآية السابقة: (إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَر وَأُنثَى) أي إنّ الرجل والمرأة جميعاً من نوع واحد من

 

١- رسالة المستر جان ديون بورت الانجليزي في الاعتذار إلى حضرة محمّد (صلى الله عليه وآله) والقرآن. ترجمة الفاضل السعيدي، بالفارسية.

٢- الحجرات: ١٣.

٣- آل عمران: ١٩٥.

 

٢٢٤

غير فرق في الأصل والنوع. وقال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَر أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}(١) وقال تعالى: {وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَر أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَاب}(٢) وقال تعالى: {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَر أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً}(٣).

وقد ذم الله سبحانه الاستهانة بأمر البنات بأبلغ الذم إذ قال تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُون أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ}(٤)، وقد بالغ الله تعالى في التشديد على وأد البنات الذي كان سائداً قبل الإسلام لعدّهن عاراً على ابائهن وبيوتهن فقال تعالى: {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنب قُتِلَتْ}(٥).

وقد أقر الإسلام مكانتها الاجتماعية، فقد ساوى بين المرأة والرجل من حيث تدبير شؤون الحياة بارادتها وعملها، فإنّها تساوي الرجل من حيث تعلّق ارادتها بما يحتاج إليه المجتمع الإنساني في كلّ لوازم بقائه، إذ قال تعالى: {بَعْضُكُم مِّن بَعْض}(٦) فللمرأة أن تستقل بالارادة ولها أن تستقل بالعمل وتملك نتاج عملها كما كان ذلك للرجل من غير فرق فقال تعالى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}(٧)

 

١- النحل: ٩٧.

٢- المؤمن: ٤٠.

٣- النساء: ١٢٤.

٤- النحل: ٥٨ ـ ٥٩.

٥- التكوير: ٨ ـ ٩.

٦- آل عمران: ١٩٥.

٧- البقرة: ٢٨٦.

 

٢٢٥

وقال تعالى: {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}(١).

نعم قرر الإسلام اختلافها عن الرجل في نقطتين:

الأولى: إنّها بمنزلة الحرث في تكوّن النوع الإنساني ونمائه، فعليها يعتمد النوع في بقائه فتختص بأحكام بمثل ما يختص به الحرث، إذن هي تمتاز عن الرجل في هذه النقطة.

الثانية: إنّ وجود المرأة يبتني على الرقّة والرأفة واللطافة (فهي ريحانة وليست قهرمانة) فتحوّل إليها الأعمال والوظائف الاجتماعية التي تنسجم مع هذه الصفات.

ولهذا قال تعالى: {وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْض لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْ عَلِيماً}(٢). فالمرأة أفضل من الرجل في بعض أحكامها والرجل أفضل من المرأة في بعض أحكامه، وقد نهى أن يتمنى كلّ قبيل ما فضّل القبيل الآخر عليه، فالمرأة أفضل من الرجل في التربية والحضانة والرجل أفضل منها في بعض سهام الإرث.

نعم، الرجل والمرأة مشتركان في جميع الأحكام العبادية والمعاملات والحقوق الاجتماعية والسياسية وغيرها، باستثناء القضاء والقيادة للأُمّة (وهذا بحث موكول إلى الفقه ليس هنا مجال بحثه).

وكلّ هذه الأحكام قائمة على الفطرة قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}(٣).

هكذا قرر الإسلام حقّ المرأة.

 

١- البقرة: ٢٣٤.

٢- النساء: ٣٢.

٣- الروم: ٣٠.

 

٢٢٦

نعم، إنّ أقوى ما تشبّث به المخالفون لسنّة تعدّد الزوجات من علماء الغرب وزوّقوه في أعين الناظرين ما هو مشهود في بيوت بعض المسلمين، تلك البيوت المشتملة على زوجات عديدة (ضرّتان أو أكثر) فإنّ هذه البيوت لا تحتوي على حياة صالحة ولا عيشة هنيئة، ولا تلبث الضرّتان من أوّل يوم حلّتا البيت دون أن تأخذا في التحاسد، حتّى إنّهم سمّوا الحسد بداء الضرائر، وعندئذ تنقلب جميع العواطف التي جبلت عليها النساء من الحبّ ولين الجانب والرقّة والرأفة والشفقة والنصح وحفظ الزوج بالغيب والوفاء والمودّة والرحمة والإخلاص للزوج وأولاده من غيرها إلى أضدادها، فينقلب البيت الذي هو سكن للإنسان يستريح فيه من تعب الحياة اليومية وتألم الروح والجسم من مشاقّ الأعمال والجهد في كسب معركة قتال تستباح فيها النفوس والأعراض والأموال ويتكدّر صفو العيش وترتحل لذّة الحياة، ويحلّ محلها الضرب والشتم والسب واللعن والسعاية والنميمة والمكر والحيلة والمكيدة، ويختلف الأولاد ويتشاجرون وربما انجرَّ همّ الزوجة لإهلاك زوجها، ويقتل بعض الأولاد بعضاً أو يقتل الأبناء آبائهم وتتبدّل القرابة بينهم إلى ضدِّها وتورث في الأعقاب فتسفك الدماء ويهلك النسل ويفسد البيت.

وهذه الأمور التي تحدثُ في البيت تسري إلى المجتمع فيوجد الشقاق وتفسد الأخلاق وتوجد القسوة والظلم والبغي والفحشاء وينسلب الأمن، فإذا أُضيف إلى ذلك جواز الطلاق، فينشأ في المجتمع رجال ذوّاقون مترفون لا همّ لهم إلاّ إتباع الشهوات، وهذا فيه تضييع نصف المجتمع وهم قبيل النساء، وإذا فسد هذا النصف فسد النصف الآخر.

ويرد على هذا الكلام:

أ) إنّ هذا الذي ذكر ليس موجوداً في كلّ بيت فيه ضرّتان أو ضرائر، إذ إنّ كثيراً من هذه البيوت فيها الوئام والعيش الكريم على كتاب الله وسنّة الرسول (صلى الله عليه وآله)، وهذا

 

٢٢٧

يكشف عن أنّ تعدّد الزواج ليس هو العلة لهذه النتائج التي وصل إليها المستشكلون على تعدّد الزوجات، وإلاّ لكانت تلك النتائج في كلّ بيت فيه تعدّد الزوجات، وهو أمر ممنوع(١).

ب) ثمّ لو كان هذا موجوداً على نحو الموجبة الجزئية، فيمكن التخلّص منه بأن يجعل لكلّ زوجة سكناً خاصّاً كما هي عليه حياتنا الحاضرة، فتزول تلك النتائج التي توصّل إليها المستشكلون.

ج) إنّ تلك الإشكالات المحدودة في بعض بيوت الضرائر إنّما ترد على المسلمين لا على الإسلام وتعاليمه، فإنّ كثيراً من المسلمين لم يعملوا بحقيقة ما ألقته إليهم تعاليم الإسلام، وقد فقدوا الحكومة الصالحة منذ قرون وقد تربوا على غير دين الإسلام، فالمسلمون اليوم لا نجد في كثير من منازلهم اجتماعاً سعيداً حتّى بدون وجود ضرّة فيه، ولعل السبب في ذلك هو تقديم شره وشهوة الرجل على أهلهم وذويهم ومجتمعهم، وعدم الاعتناء بما يجب على الزوج من واجبات تجاه أهله وأولاده.

د) إنّ الإسلام لم يشرّع تعدّد الزوجات على سبيل الفرض والوجوب، بل شرّعه على وجه الإباحة لحفظ المجتمع الإنساني، وقيّده بعدل الرجل بين الضرائر ومن لم يثق بنفسه العدل فيقتصر على الواحدة {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}(٢).

نعم، إذا وجد الولي أنّ التعدّد في ظرف من الظروف يشكّل فساداً في المجتمع، فله الحقّ أن يمنع منه منعاً حكوميّاً لفترة معيّنة إلى أن تزول تلك المشاكل الناشئة من تعدّد الزوجات، وهذا غير رفع التشريع الذي شرّعه الإسلام والذي يجب أن

 

١- إنّ أهم بيت في الإسلام تعدّدت فيه الزوجات هو بيت النبي (صلى الله عليه وآله) ولا نجد لتلك النتائج أثراً.

٢- النساء: ٣.

 

شاهد أيضاً

قضاء حقوق المؤمنين

فما جاء من الاخبار في الحث على القيام بحقوق المؤمنين لبعضهم بعضا: 1 – قول ...