مواعظ شافية

و﴿لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾5. وفي بعض الآيات هناك أمر بالشكر:﴿وَاشْكُرُواْ لِلّهِ﴾6 وَ﴿وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ﴾7. وقد مدح تعالى بعضَ أنبيائه بالاسم كإبراهيم عليه السلام ونوح عليه السلام من خلال صفة الشكر. كما ندّد بالعباد الّذين لا يشكرون في قوله: ﴿أَفَلَا يَشْكُرُونَ﴾8، وقوله: ﴿وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾9. أمّا السبب في الحضّ على الشكر فلأنّه “بالشكر تدوم النِّعَم”، بل تنمو وتتكاثر. قال تعالى: ﴿لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ﴾10. ونحن لدينا أدعية الشاكرين، ومناجاة الشاكرين. أن نقول: “الشكر لله”، فهذا من الشكر.

رابعاً: أن نُحدِّثَ بالنعمة؛ فإنّ الشعور بالنعمة ومعرفتها ونسبتها إلى الله تعالى، هذا كلّه شيء داخليّ ويبقى الانطلاق للإظهار. يقول تعالى: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾11. فإذا كان الإنسان غنيّاً وراح يتذمَّر ويُنكر، فهذا خلاف شكر النّعَم. جاء في بعض الروايات أنّ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: “إنَّ الله يحبّ أن يرى أثر نعمته على عبده”12.

والتحدُّث عن النعمة لا يعني أن نُخبر الناس بها، بل أن نُظهرها في حياتنا ليرى الله أثر نعمته علينا. وهنا لا بدّ من التوسّع قليلا لأجل تصويب بعض من المفاهيم الخاطئة والشائعة بين الناس.

إنَّ إظهار النعمة والتحدُّث بها يجب أن يكون ضمن ضوابط الاعتدال، أي بدون بَطَر وإسراف وتضييع. في سُنن أبي داود، عن أبي الأحوص عن أبيه أنّه أتى النبيَّ

________________________________________
5- سورة إبراهيم، الآية: 37.
6- سورة البقرة، الآية 172.
7- سورة الأعراف، الآية 144.
8- سورة يس، الآية: 35.
9- سورة النمل، الآية: 40.
10- سورة إبراهيم، الآية: 7.
11- سورة الضحى، الآية: 11.
12- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج70، ص207.

شاهد أيضاً

مواعظ شافية

قالوا إنّ فتى من بني إسرائيل كان بارّاً بأبيه، وإنّه اشترى بيعا، فجاؤوا إلى أبيه ...