عن الإمام الصادق عليه السلام قال : « يسمّى في اليوم السابع ، ويعقّ عنه ، ويحلق رأسه ، ويتصدّق بوزن شعره فضة ، ويبعث إلى القابلة بالرجل مع الورك ، ويطعم منه ويتصدّق » (1).
وفي رواية عنه عليه السلام : « … واحلق رأسه يوم السابع ، وتصدّق بوزن شعره ذهباً أو فضة » (2).
ولهذه المستحبات دور كبير في تعميق الأواصر الاجتماعية بالتصدق على الفقراء واطعام المحتاجين والمساكين ، ولها آثار نفسية حسنة للطفل حينما يترعرع ، ويفهم اعتناء الوالدين به في ولادته ، إضافة إلى الذكرى الحسنة عند من وصلته تلك الصدقة وتلك العقيقة ، حيث يكون عندهم محل احترام وتقدير .
ومن الأذكار المأثورة عند ذبح العقيقة ما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام : « وجهت وجهي للّذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين ، إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له ، اللهمّ منك ولك اللهمّ هذا عن فلان بن فلان » (3).
وفي السيرة عقّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الحسن عليه السلام بيده وقال : « بسم الله عقيقة عن الحسن ، اللهمّ عظمها بعظمه ، ولحمها بلحمه ، ودمها بدمه ، وشعرها بشعره ، اللهمّ اجعلها وقاءً لمحمّد وآله » (4).
____________
1) الكافي 6 : 29 .
2) الكافي 6 : 28 .
3) الكافي 6 : 31 .
4) الكافي 6 : 32 ـ 33 .
——————————————————————————–
( 51 )
وفي استحباب ثقب الأُذن والختان قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام : « إنّ ثقب أُذن الغلام من السُنّة ، وختانه لسبعة أيام من السُنّة » (1).
وللختان في اليوم السابع آثار صحية على الوليد ، قال الإمام الصادق عليه السلام : « اختنوا أولادكم لسبعة أيام ، فإنّه أطهر وأسرع لنبات اللّحم ، وإنّ الأرض لتكره بول الأغلف » (2).
والختان في هذا اليوم يؤدي إلى سرعة الشفاء مع قلة الألم .
أحكام النفاس :
أقل مدة للطهر من دم النفاس عشرة أيام (3).
وحكم النفساء حكم الحائض في جميع المحرّمات والمكروهات (4).
فيحرم عليها : قراءة سور العزائم ، ومسّ كتابة القرآن وأسماء الله تعالى ، ودخول المساجد ووضع شيء فيها .
ويجب عليها منع زوجها من وطئها في الفرج .
ويبطل صومها ، ويجب عليها قضاء الصوم دون الصلاة ، ولا يصحّ للزوج طلاقها .
____________
1) الكافي 6 : 35 .
2) الكافي 6 : 34 .
3) الكافي في الفقه : 315 . والمسائل الاتفاقية : 115 ـ 116 .
4) جامع المقاصد 1 : 349 . والمسائل الاتفاقية : 118 . والوسيلة إلى نيل الفضيلة : 61 .
——————————————————————————–
( 52 )
حكم تبني الوليد :
إذا ولدت امرأة على فراش الرجل لأكثر من ستة أشهر فصاعداً لزمه قبوله ، ويحرم عليه نفيه منه ، وإن ولدت لأقلّ من ذلك وليداً حيّاً سوياً ينبغي نفيه منه ، فإن أقرّ به قُبل منه ، ولم يسعه بعد ذلك الانتفاء منه(1).
الرضاع :
حليب الاُم هو الغذاء الأمثل للطفل ، فهو (أوفق بمزاجه وأنسب بطبعه) (2) ، وأفضل من يمنحه الحنان ، فيكون الطفل أقل توتراً وأهنأ بالاً وأسعد حالاً ، فيستحب ارضاع الطفل من حليب أُمّه ، قال الإمام عليه عليه السلام : « ما من لبن يرضع به الصبي أعظم بركة عليه من لبن أُمّه » (3).
وهذا ما يؤكده العلم الحديث وهو يكشف مناسبة حليب الاُم لحاجة الرضيع من حيث مكوناته ، ومن حيث درجة حرارته أيضاً ، فإن مكوناته وحرارته تتغير مع نحو الطفل ، وبحسب ما يتطلبه النمو السليم .
وعلى الرغم من استحباب إرضاع الطفل من حليب أُمّه إلاّ أنّه لايتوجب عليها إرضاعه (4) ، سُئل الإمام الصادق عليه السلام عن الرضاع فقال : « لاتجبر الحرّة على رضاع الولد ، وتجبر أُمّ الولد » (5).
____________
1) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 317 . وجواهر الكلام 31 : 224 . ومنهاج الصالحين ـ المعاملات : 112 ـ 113 .
2) الحدائق الناضرة 25 : 71 .
3) الكافي 6 : 40 .
4) الحدائق الناضرة 25 : 71 . وجواهر الكلام 31 : 272 . والصراط القويم : 214 .
5) الكافي 6 : 41 .
——————————————————————————–
( 53 )
وعدم الوجوب مشروط بوجود الأب وقدرته على دفع الاُجرة ، أو عدم تبرع الاُمّ ، أو وجود مال للولد ، ووجود مرضعة أُخرى ، وفي حالة عدم توفر هذه الشروط ، يجب على الاُمّ إرضاعه ، كما يجب عليها الانفاق عليه إذا كان الأب معسراً أو مفقوداً (1).
وفي الظروف الاستثنائية التي تقف حائلاً دون ارضاع الاُمّ لطفلها بسبب قلّة الحليب ، أو مرض الاُمّ ، أو موتها ، أو رفضها للرضاعة مجاناً ، يستحبّ اختيار المرضعة المناسبة والملائمة ضمن مواصفات معينة ، قال أمير المؤمنين عليه السلام : « اُنظروا من ترضع أولادكم ، فإنّ الولد يشبُّ عليه » (2)
ويستحب اختيار المرأة المرضعة التي تتوفر فيها أربع خصال : العاقلة ، المسلمة ، العفيفة ، الوضيئة (3).
قال الإمام محمد الباقر عليه السلام : « استرضع لولدك بلبن الحسان ، وإياك والقباح فإنّ اللبن قد يعدي » (4).
وقال عليه السلام : « عليكم بالوضاء من الظؤرة ، فإنّ اللبن يعدي » (5).
ويكره استرضاع الحمقاء ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « لا تسترضعوا الحمقاء ، فإن الولد يشبُّ عليه » (6).
____________
1) الحدائق الناضرة 25 : 72 . وجواهر الكلام 31 : 272 .
2) الكافي 6 : 44 . وجواهر الكلام 29 : 307 .
3) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 316 . وجامع المقاصد 12 : 208 . وجواهر الكلام 29 : 306 .
4) الكافي 6 : 44 . وجواهر الكلام 29 : 306 .
5) الكافي 6 : 44 .
6) مكارم الاخلاق : 237 . وجواهر الكلام 29 : 306 .
——————————————————————————–
( 54 )
وكذا البغيّة والمجنونة ، قال صلى الله عليه وآله وسلم : « توقّوا على أولادكم من لبن البغيّة والمجنونة ، فإنّ اللبن يعدي » (1).
ويجوز استرضاع الكتابيات على كراهية ، وفي حال عدم وجود مرضعة مسلمة ، وترتفع الكراهة في حال منعهنَّ من شرب الخمر ، قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام : « إذا أرضعن لكم ، فامنعوهنَّ من شرب الخمر »(2) .
وكراهية استرضاع تلك الأصناف ناجمة من تأثير اللبن على الطفل ، ففي حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « … فإنّ اللبن يعدي ، وإنّ الغلام ينزع إلى اللبن » (3) .
ومن أجل تحسين حليب الطفل ، يستحبُّ اطعام النساء في نفاسهنَّ التمر ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « ليكن أول ما تأكل النفساء الرطب » (4).
ويفضّل اطعام نوع خاص من التمر وهو البرني ، قال الإمام الصادق عليه السلام : « أطعموا البرني نساءكم في نفاسهنَّ ، تحلم أولادكم » (5).
وللاُم حق الارضاع لطفلها إن رضي الأب بغير أُجرة ، ولها حق الامتناع من الرضاعة ، إمّا إذا كانت مطلقة ، فهي أولى برضاعه سواء رضي الأب أم لم يرض ، ولها أُجرة المثل ، فإن طلبت أُجرة زائدة على ما يرضى به
____________
1) مكارم الاخلاق : 223 . وجواهر الكلام 29 : 306 ، 308 .
2) الكافي 6 : 42 . وجواهر الكلام 29 : 307 .
3) الكافي 6 : 43 .
4) الكافي 6 : 22 .
5) الكافي 6 : 22 .
——————————————————————————–
( 55 )
غيرها ، كان للأب حقّ انتزاعه من يدها (1).
ولا يجوز للأب أن يسلم الطفل إلى مرضعة تذهب به إلى منزلها إلاّ برضى الاُمّ (2) .
ومدة الرضاع هي سنتان ، وأقلّه واحد وعشرون شهراً ، ويجوز الزيادة على السنتين مقدار شهرين ، والزيادة لا أُجرة فيها (3).
ويستحسن في مرحلة الرضاع مناغاة الطفل ، لأنّها تؤثر على سرعة النطق ، ونموّه اللغوي والعاطفي في المستقبل ، حيث يشعر من خلال المناغاة بوجود الأمن والطمأنينية والهدوء ، ولنا في سُنّة أهل البيت عليهم السلام خير منار واقتداء ، فكانت سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام تناغي الحسن عليه السلام في هذه المرحلة وتقول :
أشبه أباك يا حسن * واخلع عن الحق الرّسنْ
واعبد إلهاً ذا مننْ * ولا توالِ ذا الإحَـــنْ
وكانت تناغي الحسين عليه السلام :
أنت شبيه بأبي * لست شبيهاً بعـــليّ (4)
الفطام :
حددت الشريعة الإسلامية مدة الارضاع التامة بأربع وعشرين شهراً
____________
1) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 315 ـ 316 .
2) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 315 ـ 316 . ومنهاج الصالحين ، المعاملات : 120 .
3) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 315 ـ 316 . والصراط القويم : 214 .
4) بحار الأنوار 43 : 286 .
——————————————————————————–
( 56 )
كما جاء في قوله تعالى : ( والوالِداتُ يُرضِعنَ أولادَهُنَّ حَولَينِ كامِلينَ لِمن أرادَ أن يُتمَّ الرَّضَاعةَ… ) (1).
واقل الرضاع ـ كما تقدّم ـ واحد وعشرون شهراً ، وينبغي على الوالدين ان أرادا فطام الصبي في هذه المدة أن يتشاورا فيما بينهما ، قال تعالى : (… فإن أرادَا فِصَالاً عن تراضٍ مِّنهما وتَشاورٍ فلا جُناحَ عَليهِما.. ) (2).
ويجوز تأخير الرضاع إلى شهر أو شهرين بعد مدة التمام وهي أربع وعشرون شهراً ، ويحرم الرضاع بعد ذلك ، لأنّ لبن المرأة يصير من الخبائث ومن فضلات مالا يُؤكل لحمه ، فيحرم على المكلف شربه ، وكل ما حرّم على المكلف شربه يحرم إعطاؤه لغير المكلف (3).
فيجب على الاُم أو الأب المستأجر لمرضعة مراعاة وقت الرضاع ووقت الفطام ، بلا افراط ولا تفريط ، فيحسن ارضاع الولد واحداً وعشرين شهراً ولا ينبغي ارضاعه أقل من ذلك (4) ، قال الامام الصادق عليه السلام : « الرضاع واحد وعشرون شهراً ، فما نقص فهو جور على الصبي » (5) ، ذلك لأنّ الطفل بحاجة إلى اللبن في هذه المدة ، وبحاجة إلى الدفء العاطفي والحنان على حدٍّ سواء .
____________
1) سورة البقرة : 2 | 233 .
2) سورة البقرة : 2 | 233 .
3) مهذب الاحكام 25 : 275 .
4) منهاج الصالحين ، المعاملات : 120 .
5) الكافي 6 : 40 .