آمال العارفين – في شرح دعاء كميل

– ذكر الله تعالى وطاعته دواء وشفاء وغنى:
إنّ المرض والفقر اللذان يتحدّث عنهما الناس ويريدون بهما -غالباً- المرض
________________________________________
4- الكليني، الكافي، ج8، كتاب الروضة، ح8، ص44.
5- الطوسي، الأمالي، م.س، المجلس24، ح16، ص585.
6- الكليني، الكافي، ج2، كتاب الدعاء، باب البكاء، ح5، ص480-481.

في الأبدان والفقر في المال، يختلفان عمّا هو متداول في التعاليم الإسلامية التي تؤكّد على وجود أمراض أخرى؛ هي أمراض معنوية، وتطلق عليها أمراض القلوب، حيث وصف الله عزّ وجلّ المنافقين في كتابه بأنّهم مرضى القلوب: ﴿فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾7. كما تُطلق على نقص الإيمان والعمل الصالح؛ أنّه فقر.
عن الإمام الباقر عليه السلام: “ما من شيء أفسد للقلب من خطيئة؛ إنّ القلب ليواقع الخطيئة، فما تزال به؛ حتى تغلب عليه، فيصير أعلاه أسفله”8.
وكما أنّ لمعالجة أمراض الأبدان دواؤها المُوجِب للشفاء منها؛ فكذلك أمراض القلوب وعلاجها بذِكْر الله عزّ وجلّ؛ ففي قراءة القرآن، والأدعية التي وردت عن المعصومين عليهم السلام تُزال أنواع الشكوك والشبهات المعترضة للحقائق والمعارف الحقيقية؛ لِمَا في القرآن من المواعظ الكافية الشافية، والقصص، والعبر، والأمثال، والوعد، والوعيد، والإنذار، والتبشير، وما تنتهي إليه نتائج العلوم الصحيحة، والأحكام الحقّة؛ بما يدفع أمراض القلوب، حيث صرّح القرآن بنفسه عن ذلك، فقال:﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا﴾9، وقال -أيضاً-: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء﴾. نعم، مَنْ استعصى به مرض القلب لا يعود قابلاً للشفاء؛ لأنّه لا يتقبّل الدواء؛ ولذا قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ﴾10.
وعن الإمام علي عليه السلام: “إنّ تقوى الله؛ دواء داء قلوبكم، وبصر عمى أفئدتكم،
________________________________________
7- البقرة: 10.
8- الكليني، الكافي، م.س، ج2، كتاب الإيمان والكفر، باب الذنوب، ح1، ص268.
9- الإسراء: 82.
10- فصلت: 44.