بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على سيّدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعلى آله الطاهرين وصحبه المنتجبين، وبعد.
إنّ الإسلام ليس منهج اعتقاد وإيمان في القلب فحسب، بل هو منهج حياة إنسانية واجتماعية واقعية، يتجسّد فيها الاعتقاد والإيمان ممارسة عملية في جميع جوانب الحياة ومتطلّباتها الفردية والاجتماعية، وذلك على مبدأ التناصح والإحسان والتضحية والإيثار، قال الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى﴾ ، وهذا ما يلزم الناس بالكثير من الواجبات تجاه بعضهم البعض كأفراد، وتجاه المجتمع ككيان اجتماعي يحتضن الجميع، ومن أهم هذه الواجبات السعي الدائم إلى تحصين المجتمع من كل الآفات، وحمايته من كل المفاسد والمضار بقلع الأسباب وإيجاد البيئة السليمة، للتمكّن من التربية الصالحة لأفراده.
وهذا ما نجده في القرآن الكريم، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ . فالتقيّد بهذا الأمر الإلهي يعصم الإنسان عن التقصير في واجباته، وفي مراعاة حقوق المجتمع وعلى رأسها تحصينه من الآفات، وقد حثّ النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم كل مسلم ليكون مسؤولاً في بيئته الاجتماعية، من خلال الاهتمام بأمور
المسلمين ومشاركتهم في آمالهم وآلامهم، فروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “من أصبح لا يهتم بأُمور المسلمين فليس بمسلم” . وذلك لأنّ التكافل الاجتماعي جزء من عقيدة المسلم والتزامه الديني، وهو نظام أخلاقي يقوم على الحب والإيثار ويقظة الضمير ومراقبة الله عزَّ وجل، ولا يقتصر على حفظ حقوق الإنسان المادية, بل يشمل أيضاً المعنوية، و غايته التوفيق بين مصلحة المجتمع ومصلحة الفرد.
وبناءً على هذه الأسس يستمرّ مركز نون للتأليف والترجمة في إعداد وإصدار سلسلة الدروس الثقافية، التي تزخر بالعديد من المفاهيم التربوية والأخلاقية والاجتماعية…، بغية تقديم الثقافة الأصيلة في تربية الفرد وبناء المجتمع.