بشارة النبي الأكرم ببقية الله الأعظم
١ ـ حديث الشيخ الصدوق بسنده الى ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
« لمّا عُرج بي الى ربي جلّ جلاله اتاني النداء : يا محمد!
قلت : لبيك رب العظمة لبيك.
فقال : يا محمّد ، هلاّ اتّخذت من الآدمين وزيراً وأخاً ووصيّاً من بعدك ؟
فقلت : إلهي ، ومن أتّخذ ؟ تخيّر لي أنت يا إلهي.
فأوحى اللّه إليَّ : يا محمّد ، قد اخترت لك من الآدميّين عليَّ بن أبي طالب.
فقلت : إلهي ، ابن عمّي ؟
فأوحى الله إليَّ : يا محمّد ، إنَّ عليّاً وارثك ووارث العلم من بعدك وصاحب لوائك لواء الحمد يوم القيامة وصاحب حوضك ، يسقي من ورد عليه من مؤمني اُمّتك.
ثمَّ أوحى الله عزَّ وجلَّ إليَّ : يا محمّد ، إنّي قد أقسمت على نفسي قسماً حقّاً ، لا يشرب من ذلك الحوض مبغضٌ لك ولأهل بيتك وذرّيّتك الطيّبين الطاهرين.
حقّاً أقول يا محمّد : لأدخلنّ جميع امّتك الجنّة إلاّ من أبى من خلقي.
فقلت : إلهي ، هل واحد يأبي من دخول الجنّة ؟
فأوحى اللّه عزّ وجلّ إليَّ : بلى.
فقلت : وكيف يأبى ؟
فأوحى الله إليَّ : يا محمّد ، اخترتك من خلقي ، واخترت لك وصيّاً من بعدك ، وجعلته منك بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيَّ بعدك ، وألقيت محبّته في قلبك وجعلته أباً لولدك. فحقّه بعدك على أمّتك كحقّك عليهم في حياتك ؛ فمن جحد حقّه فقد جحد حقّك ، ومن أبي أن يواليه فقد أبي أن يواليك ، ومن أبي ان يواليك فقد أبي أن يدخل الجنّة.
فخررت لله عزّ وجلَّ ساجداً ، شكراً لما أنعم عليَّ. فإذا منادياً ينادي : ارفع يا محمّد رأسك وسلني أعطك.
فقلت : إلهي ، إجمع امّتي من بعدي على ولاية عليّ بن أبي طالب ليردوا جميعاً عليَّ حوضي يوم القيامة.
فأوحى الله تعالى إليَّ : يا محمّد ، إنّي قد قضيت في عبادي قبل أن أخلقهم ، وقضائي ماض فيهم. لأهلك به من اشاء وأهدي به من أشاء ، وقد آتيته علمك من بعدك ، وجعلته وزيرك وخليفتك من بعدك على أهلك وامّتك.
عزيمةً منّي [ لاُدخل الجنّه من أحبّه و ] لا اُدخل الجنّه من أبغضه وعاداه وأنكر ولايته بعدك.
فمن ابغضه أبغضك ، ومن ابغضك أبغضني ؛ ومن عاداه فقد عاداك ، ومن عاداك فقد عاداني ؛ ومن أحبّه فقد أحبّك ، ومن أحبّك فقد أحبّني. وقد جعلت له هذه الفضيلة ، وأعطيتك أن أخرج من صلبه أحد عشر مهديّاً ، كلّهم من ذرّيّتك من البكر البتول ؛ وآخر رجل منهم يصلّي خلفه عيسى بن مريم ، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت منهم ظلماً وجوراً. اُنجي به من الهلكة ، وأهدي به من الضلالة ، واُبرئ به من العمى ، واشفى به المريض … » (١).
٢ ـ وفي حديث المعراج الآخر ، بسنده الى المفضل ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام ، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال :
« قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لمّا اُسري بي إلى السماء ، أوحى إليَّ ربّي جلَّ جلاله فقال :
يا محمّد ، إنّي أطلعت على الأرض إطاعة فاخترتك منها ، فجعلتك نبيّاً وشققت لك من اسمي إسماً ، فأنا المحمود وأنت محمّد.
ثمَّ أطلعت الثانية فاخترت منها عليّاً وجعلته وصيّك وخليفتك وزوج ابنتك وأبا ذرّيّتك ، وشققت له اسماً من أسمائي ، فأنا العليُّ الأعلى وهو عليُّ. وخلقت فاطمة والحسن والحسين من نوركما.
ثمَّ عرضت ولايتهم على الملائكة ، فمن قبلها كان عندي من المقرَّبين.
يا محمّد ، لو أنَّ عبداً عبدني حتّى ينقطع ويصير كالشنِّ البالي ، ثمَّ أتاني جاحداً لولايتهم فما أسكنته جنّتي ولا أظللته تحت عرشي.
يا محمّد ، تحبُّ أن تراهم ؟
قلت : نعم يا ربّ.
فقال عزّ وجلّ : ارفع رأسك.
فرفعت رأسي وإذا أنا بأنوار عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، وجعفر بن محمد ، وموسى بن جعفر ، وعلي بن موسى ، ومحمد بن علي ، وعلي بن محمد ، والحسين بن علي ، وم ح م د بن الحسن ، القائم في وسطهم كأنّه كوكب دريٌّ.
قلت : يا ربّ ومن هؤلاء ؟
قال : هؤلاء الأئمّة وهذا القائم الذي يحلّل حلالي ويحرّم حرامي ، وبه أنتقم من أعدائي ، وهو راحة لأوليائي ، وهو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين » (2).
٣ ـ وفي حديثة الثالث في المعراج أيضاً ، عن عبدالسلام بن صالح الهروي ، عن الامام الرضا ، عن آبائه عليهم السلام ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قال :
« فنظرت ـ وأنا بين يدي ربّي ـ إلى ساق العرش ، فرأيت اثني عشر نوراً ، في كلّ نور سطر أخضر ، مكتوبٌ عليه اسم كلّ وصيّ من أوصيائي. أوّلهم عليُّ بن ابي طالب وآخرهم مهديُّ اُمّتي.
فقلت : يا ربّ ، أهؤلاء أوصيائي من بعدي ؟
فنوديت : يا محمّد ، هؤلاء أوليائي وأحبّائي وأصفيائي وحججي بعدك على بريّتي ، وهم أوصياؤك وخلفاؤك وخير خلقي بعدك.
وعزّتي وجلالي لأظهرنَّ بهم ديني ، ولأعلينَّ بهم كلمتي ، ولاُطهّرنَّ الأرض بآخرهم من أعدائي.
ولاُملّكنّه مشارق الأرض ومغاربها ، ولاُسخّرنَّ له الرياح ، ولأذلّلنَّ له الرقاب الصعاب ، ولاُرقينّه في الأسباب ، ولأنصرنّه بجندي ، ولأمدَّنَّه بملائكتي حتّى يعلن دعوتي ويجمع الخلق على توحيدي.
ثمّ لاُديمنَّ مُلكه ولاُداولنَّ الأيّام بين أوليائي الى يوم القيامة » (3).
٤ ـ وبالسند المتصل الى ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « إنَّ الله تبارك وتعالى أطلع الى الأرض إطلاعة ، فاختارني منها فجعلني نبيّاً. ثمَّ أطلع اثانية ، فاختار منها عليّاً فجعله إماماً. ثمَّ أمرني أن أتّخذه أخاً ووليّاً و وصيّاً وخليفةً ووزيراً. فعليُّ منّي وأنا من عليٍّ وهو زوج ابنتي وأبو سبطيَّ الحسن والحسين.
ألا وإنَّ اللّه تبارك وتعالى جعلني وإيّاهم حججاً على عباده ، وجعل من صلب الحسين أئمّة يقومون بأمري ، ويحفظون وصيّتي. التاسع منهم قائم أهل بيتي ومهديُّ اُمّتي. أشبه الناس بي في شمائله وأقواله وأفعاله. يظهر بعد غيبة طويلة وحيرة مضلة ، فيعلن أمر الله ، ويظهر دين الله عزّ وجلّ ؛ يُؤيّد بنصر الله وبنصر الملائكة فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً » (4).
٥ ـ وفي حديث علي بن عاصم ، عن الامام الجواد ، عن آبائه عليهم السلام ، عن الامام الحسين عليه السلام ، أنّه قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بن كعب :
« إنَّ الله عزّ وجلّ ركّب في صلب الحسن ( أي العسكري ) نطفة مباركة زكيّة طيّبة طاهرة مطهّرة ، يرضى بها كلُّ مؤمن ممّن أخذ اللّه عزّ وجلّ ميثاقه في الولاية ، يكفر بها كلُّ جاحد.
فهو إمام تقيٌّ نقيٌّ بارٌّ مرضيٌّ هاد مهديٌّ ، أوَّل العدل وآخره ؛ يصدّق اللّه عزّ وجلّ ويصدّقه اللّه في قوله. يخرج من تهامة حتّى تظهر الدلائل والعلامات ، وله بالطالقان كنوز لا ذهبٌ ولا فضّةٌ إلاّ خيولٌ مطهّمة ورجال مسوّمة. يجمع الله عزّ وجلّ له من أقاصي البلاد على عدد أهل بدر ، ثلاثمائه وثلاثة عشر رجلاً. معه صحيفة مختومة فيها عدد أصحابه بأسمائهم وأنسابهم وبلدانهم وصنائعهم وكلامهم وكناهم ؛ كرّارون مجدّون في طاعته.
فقال له اُبيٌّ : وما دلائله وعلاماته يا رسول الله ؟
قال : له عَلَمٌ إذا حان وقت خروجه ، انتشر ذلك العَلم من نفسه ، وأنطقه الله تبارك وتعالى ، فناداه العَلم : اُخرج يا وليَّ الله فاقتل أعداء الله.
وله رايتان وعلامتان ، وله سيف مغمد ، فإذا حان وقت خروجه اقتلع ذلك السيف من غِمده ، وأنطقه الله عزّ وجلّ فناداه السيف : اُخرج يا وليَّ الله.
فلا يحلُّ لك أن تقعد عن أعداء الله.
فيخرج ويقتل أعداء الله حيث ثقفهم ، ويقيم حدود الله ويحكم بحكم الله. يخرج وجبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره وشعيب وصالح على مقدّمه ، فَسَوف تذكرون ما أقول لكم ، واُفوّض أمري إلى الله عزّ وجلّ ولو بعد حين.
يا اُبيُّ ، طوبى لمن لقيه ، وطوبى لمن أحبّه ، وطوبى لمن قال به. ينجيهم الله من الهلكة بالاقرار به وبرسول الله وبجميع الأئمّة ؛ يفتح لهم الجنّة. مثلهم في الأرض كمثل المسك يسطع ريحه فلا يتغيّر أبداً ، ومثلهم في السماء كمثل القمر المنير الذي لا يطفئ نوره أبداً » (5).
٦ ـ خطبة الغدير المباركة ، المروية باسناد عديدة ، منها : سند الشيخ الطبرسي ، عن علقمة بن محمد الحضرمي ، عن الامام الباقر عليه السلام ، جاء فيها قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
« معاشر الناس ، النور من الله عزّ وجلّ فيَّ مسلوك ، ثم في علي ، ثم في النسل منه الى القائم المهدي الذي يأخذ بحق الله وبكل حقّ هو لنا.
لأنّ الله عزّ وجلّ قد جعلنا حجّة على المقصرين والمعاندين والمخالفين والخائنين والآثمين والظالمين من جميع العالمين » (6).
٧ ـ ما تظافر نقله من طريق الفريقين في الحديث المسند عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انه قال :
« المهدي من ولدي ؛ إسمه إسمي وكنيته كنيتي ؛ أشبه الناس بي خَلقاً وخُلقاً. تكون له غيبة وحيرة حتى تضلّ الخلق عن أديانهم.
فعند ذلك يقبل كالشهاب الثاقب فيملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً (7).
الهوامش