الرئيسية / القرآن الكريم / مواعظ قرآنية -السرّ في أهميّة الأسوة

مواعظ قرآنية -السرّ في أهميّة الأسوة

قد يسأل سائل ما الحاجة للأسوة والقدوة؟ فنقول:

فضلاً عمّا ذكرنا آنفاً من كون التأسّي أمراً مرتكزاً في أعماق النفس الإنسانية فإنّه يوجد حاجة ملحّة لوجود الأسوة وللتأسّي بها، وذلك للدور الكبير الّذي تلعبه في طريق الوصول إلى الكمال المنشود للنفس الإنسانية وتزكيتها وتهذيبها، وهذه بعض الأمور المهمّة الّتي يُساهم فيها التأسّي:

 

1- الأسوة توفّر على طالب الحقّ عناء البحث والتمحيص والمرور بمرحلة الشكّ ووضع الاحتمالات والموازنة فيما بينها، ثمّ الاجتهاد والتعب والبحث عمّا يقوّي احتمالاً على آخر، فتُسهّل فرص الوصول إلى المبتغى من التهذيب والتكامل لأنّها تختزل من الأوّل الخيارات في خيار واحد متعيّن لا ثاني له وهو خيار الأسوة العملية الحسنة.

 

2- الأسوة تضمن النتيجة السديدة وعدم الخطأ في الاحتمال الصائب، بينما على فرض البحث الشخصيّ فإنّ احتمال الخطأ والاشتباه يبقى متأتياً وماثلاً.

 

3- الأسوة تُسرِّع الوصول إلى الغاية والهدف المراد، وهذا مترتّب على ما ذكرنا، حيث تُطوى تلك المقدّمات الّتي يحتاجها الباحث للوصول إلى الحقّ.

 

4- الأسوة تقوّي مقتضى الصلاح في الأفراد، فإنّ وجود الأسوة العملية المرئية يقوّي الإذعان بإمكان تجسُّد القيم النظرية في أشخاص واقعية، وهذا يُبعد تصوّر أنّ المبادئ والقيم تبقى مخطوطة بالمداد على القرطاس مع تعذُّر تجسيدها في الواقع.

 

أهميّة الأسوة في حياة كلّ إنسان، واختيار الأسوة الحسنة، ونبذ الأسوة السيئة:

 

 

لا بُدّ من التأسّي، ولكن كما ألمحنا سابقاً فإنّ الأسوة قد تكون حسنة وقد تكون سيّئة.

 

فميل الإنسان بفطرته إلى التأسّي يدفعه إلى أن يتّخذ أسوة، فإن لم تكن حسنة فإنها ستكون سيّئة، وإن لم تكن صالحة فستكون فاسدة، فإذاً عملية التأسّي ستكون مفروغاً منها إجمالاً، إلا أنّ المهمّ هو اختيار الأسوة الحسنة بعد تمييزها عن السيّئة، وعند حصول الاشتباه بين الحسنة والسيّئة هناك تقع الكارثة.

 

ولا بُدّ من بيان نظرة الشريعة المقدّسة للأمور الّتي تُصبح رموزاً يُعرف بها الكفّار، فإنّها تنهى عن تعاطيها وتُبالغ في النهي حتّى ولو كانت كلمة تُقال.

 

فمثلاً كلمة “راعنا” وهي تتضمّن معنى ليس فيه عيب ولا قبح إلا أنّ اليهود قد جعلوا لها معنى آخر فصارت تتضمّن معنى الاستهزاء بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فنهى الله تعالى المسلمين عن التلفّظ بها وأمر باستبدالها بكلمة “انظرنا”. فحتّى كلمة لم يرض الله تعالى باستعمالها من قِبَل المسلمين لمّا تحوّلت إلى لفظ متعارف عليه لدى الكفّار فيه نيل من الحرمات، فكيف بالأعمال والمنتجات المروَّجة وكيف بالقناعات والاعتقادات والأعراف والسلوكيات، وكيف بالتقليد الأعمى لكلّ ما يقوم به الغرب الكافر؟

 

فإنّه من الأولى أن يكون الإسلام ناهياً المؤمنين عن التشبُّه بالكفّار في مواردها.

 

قال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا ٌ﴾ 17.

 

ويقول تعالى:﴿مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ 18.

 

 

17- سورة البقرة، الآية: 104.

18- سورة النساء، الآية: 46.

شاهد أيضاً

مسابقة هادفة لتوسيع معلومات المؤمنين والمؤمنات

بسم الله الرحمن الرحيم كتاب قيم للعلامة اية الله الشيخ اليوسفي دام ظله العالي يحمل ...