رسالة جديدة من الرئيس الامريكي الى قائد الثورة الاسلامية” هذا ما اعلنه قبل ايام مصدر برلماني ايراني لكن المتحدث باسم الحكومة الايرانية محمد باقر نوبخت قد نفى وجود مثل تلك الرسالة فيما بعد، كما نفى مسؤول امريكي كبير ايضا وبشكل ضمني وجود تلك الرسالة، وسواء كانت الرسالة موجودة أم لا فإن هذه الحقيقة قد ثبتت لقادة البيت الابيض بأن ايران هي البلد المستقر الذي يدعم الاستقرار في المنطقة وان الامريكيين ليس امامهم طريق سوى الرضوخ لاقتدار ايران والاذعان لمكانتها الدولية اذا ارادوا عدم التورط أكثر في مستنقع هذه المنطقة.
ان ارسال الرسائل الامريكية الى ايران قد بدأت عندما تورط الامريكيون في العراق بعد احتلاله وحينها ارسلوا رسالة الى الايرانيين يطلبون منهم التعاون والعون لحل الأزمة في العراق وعندها قرر الايرانيون عقد جلسات بين سفيرهم في العراق والسفير الامريكي في هذا البلد ليطلعوا الامريكيين على سبل اعادة الاستقرار الى العراق، وقد تكرر هذا الامر عندما هاجم تنظيم داعش الإرهابي العراق واحتل اجزاء كبيرة منه وقد طلب الامريكيون انضمام ايران الى تحالفهم المعلن ضد داعش لكن الايرانيين رفضوا الانضمام قائلين ان الامريكيين والغربيين ليسوا محل ثقة وهم غير جادين في حربهم المعلنة ضد داعش واختار الايرانيون حينها طرقا أخرى لدعم العراقيين في مواجهة داعش وسجلوا انجازات هامة في هذا المجال بشهادة الجميع.
وتدل هذه الرسائل الامريكية الموجهة الى قائد الثورة الاسلامية على ان الامريكيين يدركون جيدا مدى تأثير كلام قائد الثورة الاسلامية في المعادلات الاقليمية والعالمية ولذلك نرى بأن الامريكيين قاموا بارسال رسالة الى سماحته بعدما انتهت جولات المفاوضات النووية بين ايران والغرب دون نتيجة وطلبوا من القيادة الايرانية مرة اخرى اجراء جولة جديدة من المفاوضات لحل المسألة النووية مع ايران.
ان قيام الرئيس الامريكي بارسال عدد من الرسائل خلال اعوام فترته الرئاسية الى القيادة الايرانية يكشف عن الموقع الاستراتيجي الذي تحظى به ايران في المنطقة والعالم حيث اجبر هذا الموقع والمكانة الاستراتيجية لايران الامريكيين على طلب التحدث مع الايرانيين بشكل مباشر عدة مرات لكن يقظة القيادة الايرانية كانت دائما في المرصاد لأية محاولات امريكية للعب على الوترين وارسال رسائل ايجابية من جهة واتخاذ مواقف عدائية ضد ايران من جهة أخرى في القضية النووية والقضايا الامنية والسياسية والاقتصادية في المنطقة.
ولم يتجاوب المسؤولون الايرانيون مع طلب الامريكيين للتعاون في عدة مجالات امنية وسياسية وعسكرية وما شابه ذلك على وقع التهديدات الامريكية العسكرية المستمرة لايران واقوال المسؤولين الامريكيين دوما بأن كل الخيارات مطروحة على الطاولة للتعامل مع ايران كما ان الجميع يعلم الآن بأن هناك ضغوطاً اقتصادية تمارس على ايران في اطار العقوبات الدولية التي فرضت على طهران على خلفية برنامجها النووي ولذلك يمكن القول ان هذه الازدواجية الامريكية في التعامل هي سبب عدم ثقة ايران بامريكا وباقوال ورسائل واشارات المسؤولين الامريكيين.
وهنا يمكن القول ايضا بأن المسؤولين الامريكيين يهدفون من خلال ارسال الرسائل هذه الى القيادة الايرانية اظهار انفسهم امام الرأي العام العالمي بأنهم دعاة حوار وحل القضايا عبر الطرق السلمية وانهم يسعون الى الحفاظ على السلام العالمي لكن من يراقب سلوك الامريكيين بعيدا عن اقوالهم يدرك بأن هؤلاء لا يتوانون عن استخدام جميع ادوات الضغط عندما يريدون تحقيق هدف سياسي او اقتصادي او أمني ضمن نطاق استراتيجياتهم للتعامل مع القضايا العالمية سواء فيما يخص ايران او باقي دول العالم الكبيرة أو الصغيرة.
وفيما لا تنحصر خلافات ايران مع الامريكيين حول القضية النووية فقط فإن السياسة الايرانية المتبعة في التعامل مع الرسائل الامريكية هي عدم تجاهلها بل التعامل والرد عليها كما يجب لأن ايران تدرك بأن القضية النووية هي فقط واجهة للمواجهة الامريكية الشاملة مع ايران فكيف يمكن لايران ان تتعامل بود مع رسائل قادة البيت الابيض في حين تعاني شعوب هذه المنطقة ومن بينها الشعب الايراني نتائج السياسات الامريكية الداعمة لأعداء الامة الاسلامية في هذه المنطقة وعلى رأسهم الكيان الاسرائيلي ؟ ان الرسائل الودية لباراك اوباما لم تستطع تجميل صورة سياسات الادارة الامريكية التي ادخلت منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في اتون حروب لوأد الصحوة الاسلامية التي انطلقت في هذه المنطقة قبل ٤ اعوام وان الايرانيين قد اثبتوا بانهم يجيدون كيفية التعامل مع الامريكيين وغيرهم ممن يضمر السوء للمسلمين.