منذ انطلاقها، تركزت العمليات العسكرية الأمريكية بشكل عام، والامنية بشكل خاص ضد تنظيم «داعش» الارهابي على المسلحين الذكور. ومع ذلك فان أغنى مصدر استخباراتي وقع في أيدي الاميركيين هو امرأة.
إنها «أم سياف» أرملة أحد أكبر أعضاء «داعش». تقوم الأرملة بالكشف عن بعض التفاصيل حول الأعمال الداخلية للتنظيم، بما في ذلك وجود شبكة من النساء داخل «داعش» تتولى التجنيد، والاستبقاء، والاستخبارات في ما يسمى بالخلافة.
وكانت قوة اميركية خاصة قد القت القبض على ام سياف خلال عملية كومندوس كانت تهدف لاعتقال ابو سياف الذي كان يدير عمليات النفط والغاز لصالح «داعش» في ايار/مايو الماضي، لكن العملية انتهت بمقتل ابو سياف واعتقال زوجته، كما تم مصادرة أجهزة كمبيوتر، وهواتف محمولة، ووثائق تشرح بالتفصيل كيفية حصول داعش وصرف ما يقارب مليوني دولار يوميًا.
تعتبر أم سياف أعلى إناث داعش شأنًا في سجون الولايات المتحدة، وهي محتجزة في العراق، حيث يجري افراغ المعلومات التي تملكها ومقارنتها بالمعلومات التي وجدت على اجهزة الكومبيوتر المصادرة. وبحسب صحيفة الديلي بيست الاميركية فان أربعة من المسؤولين في وزارة الحرب الاميركية اجمعوا ان ام سياف لعبت دورًا قياديًا في تشغيل شبكات داعش من النساء المقاتلات والناشطات.
وأوضح مسؤول كبير في الوزارة كما نقلت عنه الديلي بيست: ان ام سياف «كانت مستشارة رئيسة. لديها الكثير من التفاصيل».
تتبع النساء داخل داعش لرتبة زوجها فكلما ارتفع الزوج في الهيكل التنظيمي لداعش، كلما أصبحت الزوجة تعرف أكثر عن عمليات التنظيم. وبالتالي، فإن أم سياف من بين فئة النخبة من النساء ضمن التسلسل الهرمي لتنظيم داعش الذي يهيمن عليه الذكور. وقال مسؤول كبير في الإدارة يتابع استجواب أم سياف وفقا للديلي بيست: «وراء كل رجل ناجح امرأة، وليست داعش باستثناء».
تنظيم داعش
ولكن المسؤول أضاف إن هذا لا يعني أن أم سياف كانت جزءًا من سلسلة القيادة العسكرية في داعش، أو أنها كانت تساعد في تصميم خطط التنظيم للاستيلاء على الأراضي. واختصر المسؤول توصيف ام سياف بالقول : «هل كانت مؤثرة؟ نعم. هل كان لديها دورا قياديا؟ لا».
وعلى الرغم من ذلك، كانت أم سياف تساعد في تشغيل شبكة من النساء داخل داعش، وفقًا للوثائق التي صادرتها قوات العمليات الخاصة الأمريكية من الموقع.
وليست أم سياف أول امرأة توفر معلومات عن داعش، حيث كان هناك العديد من النساء اللواتي أعلن انشقاقهن عن التنظيم. وأخبرت بعض النساء الولايات المتحدة بكيفية تجنيدهن، وبكيفية سفرهن من بلدانهن للانضمام لداعش. وقد شرحت بعضهن أيضًا كيف مولت داعش سفرهن إليها، وكيف كن قادرات على التحايل على أسئلة عوائلهن. ولكن هذه المعلومات السابقة كان مصدرها نساء أقل شأنًا في التسلسل الهرمي لداعش. ومن هنا تأتي اهمية اعترافات ام سياف.
وبحسب مسؤولين في وزارة الحرب فإنه كان لدى أم سياف وجهة نظر في كل ما يخص شؤون داعش من الأعلى إلى الأسفل. وإنها قدمت تفاصيل من قبيل أسماء نشطاء ومشغلي وسائل الاتصال.
ومن المعلوم إن دور النساء يقع في الدرجات الدنيا من داعش، حيث يقتصر في المقام الأول على الحفاظ على المنزل وانجاب الاطفال ليصبحوا فيما بعد ارهابيين، كما ان هناك عددا من النساء اللواتي يعملن في الحسبة (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، أو في لواء الخنساء، اي على ضمان التزام النساء الأخريات بالمعايير الدينية والاجتماعية التي تفرضها داعش. فيما تقوم بعض النسوة ايضا بتسهيل تجارة السبايا، وتقييم غيرهن من النساء، أو ترتيب زيجات مؤقتة ( جهاد النكاح).
ومن الواضح ان المحققين الاميركيين يبدون اهتماما كبيرا بام سياف لمحاولة الحصول على معلومات تتعلق بتفاصيل اختطاف عاملة الإغاثة الأمريكية، كايلا مولر، التي توفيت أثناء احتجازها من قبل داعش.
كما ان الاهتمام ينصب على الرهائن الآخرين ، فيما لا يزال من غير الواضح ما قالته أم سياف حول مولر والرهائن. ولكن مسؤولين بوزارة الرحب الأمريكية قالوا إنها قد كشفت عن عمليات داعش، وقامت بإعطاء تفاصيل عن المنظمة، والرجال الذين يديرونها، بطرق لم يكن من الممكن فهمها من خلال التصريحات العلنية لداعش أو حملاتها على تويتر. وقالوا أيضًا إنها أوضحت اعتماد داعش على النساء في الحفاظ على المسلحين وإدارة الدولة.
ويساهم استجواب أم سياف في تحديد الدور الذي تلعبه النساء في تجنيد الرجال لداعش. ويتمثل هذا الدور في كثير من الأحيان بالوعد بعروس ترعى الرجل بينما يقوم بالقتال على الخطوط الأمامية. وتنقل الديلي بيست عن مجند اميركي التحق بداعش وألقي القبض عليه مؤخرًا، إنه يستطيع الحصول على أربع زوجات، وفقًا لمكتب التحقيقات الاتحادي.
ووفقًا لتقرير صادر عن معهد الحوار الاستراتيجي فان دور المرأة في المقام الأول هو خدمة احتياجات الرجل، والحفاظ على الرجال على خطوط القتال والاقامة في «ارض الخلافة». فبعد التحاق الفتاة بالتنظيم يتم إرسالها إلى نزل تشرف عليه نساء أخريات ومن ثم، يتم تزويجهن. ويحدث هذا أحيانًا في مكاتب داعش للزواج، والتي تقع في أماكن مثل الرقة.
وتنضم العديد من النساء إلى داعش على أمل أن يصبحن مقاتلات أيضًا.
وقال مسؤول رفيع للديلي بيست على دراية بعمليات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الاميركية، إنه ليس على علم بأي ضربة جوية استهدفت النساء تحديدًا. ولا توجد أرقام رسمية لعدد النساء مع داعش. ولكن هناك ما يقرب من 500 امرأة على تويتر يدعين أنهن من سكان «الدولة الإسلامية»، وهن غالبًا من وجوه الحرب الدعائية لداعش، ويطلبن من النساء الأخريات أن يقمن بالانضمام إلى الخلافة.
ويفترض بعض الخبراء أن نسبة النساء مقارنة مع الرجال هي واحد من عشرة، ولأن تقديرات قوة داعش تبدأ عند 50.000 مقاتل، فإن ذلك يعني أن في صفوف داعش ما لا يقل عن 5000 امرأة.
ومهما كانت النسبة، تعد أم سياف الاعلى قيمة من النساء التي حصل عليها الاميركيون، لدرجة أن المحققين لا يزالون يتعلمون منها بعد أسابيع من استجوابها، ولم يقرروا حتى الآن ما يجب أن يحدث لها لاحقًا. وقال مسؤول في الإدارة إن المحققين لم يحددوا بعد ما إذا كان أم سياف مذنبة حتى تخضع للمقاضاة أمام محكمة أمريكية، وإذا ما كان الأمر كذلك، فستسعى الولايات المتحدة لتسلمها من العراق. وأما إذا لم يكن هناك أدلة كافية لمحاكمتها في الولايات المتحدة، فإنها قد تسلم إلى السلطات العراقية.
نقلاً عن موقع العهد