الرئيسية / تقاريـــر / ماذا يجري في الزبداني؟ – شارل أبي نادر

ماذا يجري في الزبداني؟ – شارل أبي نادر

بعد ان فرضت نفسها وبقوة الاهمية الاستراتيجية لمدينة الزبداني ومحيطها في الحرب ضد الجيش السوري وحلفائه لجهة حماية الخاصرة الغربية للعاصمة السورية وتأمين طريق بيروت دمشق، او لجهة فصل وعزل القلمون الغربي عن الجنوب السوري، أو لجهة اقفال طرق امداد ومعابر المسلحين من لبنان، وحيث تم التطرق الى كافة هذه النقاط بشكل مفصل في مقال تحت عنوان “معركة الزبداني واهميتها الاستراتيجية” نشر سابقا في “موقع العهد الاخباري”، كان لا بد لإرهابيي تنظيم القاعدة في لبنان (النصرة واحرار الشام وجيش الاسلام ومؤخرا مجموعة من داعش والذين يسيطرون على المدينة وبعض محيطها) من إعطاء مناورة المدافعة عنها حيزا واسعا من التركيز والاهتمام حيث انه بخسارتهم لهذه السيطرة سوف يخسرون نقطة ارتكاز استراتيجية في معركتهم الهجومية، وسيفرض الجيش السوري عندها نقطة تحوُّل مفصلية في معركته الدفاعية عن الدولة والشعب.

لقد تمثل تنظيم مناورة المسلحين الدفاعية عن مدينة الزبداني ومحيطها من خلال ما يلي: 

– نشر أكبر عدد ممكن من الرماة المهرة في النقاط المشرفة والمباني المرتفعة في اغلب احياء المدينة وخصوصا في احياء المحطة والبلد والساحة والبلد والنبوءة والمزودين باحدث القناصات المتطورة التركية والفرنسية الصنع والتي تعتبر من البنادق القناصة الاساسية المعتمدة لدى الحرس الوطني السعودي مثل: التركية عيار 7,62  J N G _ 90  ملم،  وعيار12,7   الفرنسية   P G M  Hecat 2

– تفخيخ اغلب المباني المشرفة على نقاط تمركزهم، ونشر شبكة واسعة من العبوات الناسفة الموجهة والالغام المضادة للاليات على مداخل ووسط المدينة وخصوصا على شوارع السلطاني – جمال عبد الناصر والكورنيش الجنوبي للمدينة وكورنيش بردى – الزبداني وعلى مداخل المحطة والنبوءة شمال المدينة.

– تنفيذ اعمال هندسية واسعة من الخنادق والحفر الفردية المموهة ومراكز رمي الاسلحة الفردية والاجمالية وذلك تحضيرا للمعركة المتوقعة خصوصا بعد رفضهم لكافة محاولات المصالحات والتسويات مع الجيش السوري.

– استقدام عدد كبير من المسلحين لتعزيز ودعم محاور المدافعة على كامل المحيط الخارجي للمدينة مع تسليم النقاط والمحاور الرئيسة للمسلحين المحليين الذين واكبوا الانتشار المسلح منذ بدايته ولديهم فكرة واضحة عن التفاصيل الميدانية وحيث ان مدينتهم كانت من أوائل المدن السورية التي تنضم الى المعارضة الارهابية ضد الجيش السوري. 

بعد هذه المعطيات العسكرية التي ميزت مناورة الارهابيين الدفاعية وبعد التقدم الميداني للجيش ولحلفائه سابقا في مواقع الجمعيات والحارة غربا وفي قلعة الزهراء شمال غرب وفي السلطاني جنوب غرب، وأخيرا في درب الشام ودرب الكلاسة ودرب حصبة ومرج الكسارة على تخوم سهل الزبداني جنوبا، وحيث ان هذه المواقع الاخيرة تشكل معابر مهمة لامداد المسلحين بين المدينة وبين سهول الزبداني وبردى، وبعد السيطرة على تلة “بقين” جنوب شرق ، والمشرفة على مداخل المدينة الجنوبية، يقتضي اعتماد مناورة خاصة من قبل الجيش السوري وحلفائه في عملية استكمال مهاجمة المدينة واستعادة السيطرة عليها تتمثل بما يلي:

– ضرورة التروي والابتعاد عن التسرع في تنفيذ الاقتحامات المكشوفة للاحياء والشوارع الداخلية، وذلك بهدف التخفيف قدر الامكان من الاصابات البشرية في عناصر النخبة التي تتولى مهمة الاختراق خصوصا في ظل ما ذكر أعلاه لناحية الرمايات الفعالة للقناصين الارهابيين وللشبكة المعقدة من العبوات الناسفة والالغام على كامل مداخل المدينة وخصوصا الداخلية منها.

– الاعتماد اكثر على سلاح المدرعات في الجيش السوري لدعم وتعزيز الوحدات في الهجوم، خصوصا وان طبييعة المدينة ومحيطها من ناحية الهضاب الكاشفة والمداخل الواسعة والتي يمكن السيطرة عليها من اكثر من اتجاه، تشكل بقعة مثالية لقتال المدرعات وللمناورة الهجومية فيها، وذلك من خلال اشراك الدبابات السورية المتطورة مثل T (72 و80 و90) ، اذ يمكن الاستفادة مما تقدمه هذه المدرعات من مميزات تكتيكية كقوة التدريع والقدرة المرتفعة في التدمير والخرق وبكافة انواع القذائف الخارقة والمتفجرة والحارقة، وعلى دقة الاصابة من مسافات بعيدة تمتد قرابة الـ 4 او 5 كلم وحيث ان هذا المدى يبقيها بعيدة عن متوسط المدى الفعّال للصواريخ المضادة للدروع والتي تتوافر مع الارهابيين مثل تاو الاميركي الصنع( 3750 مترا)  وكونكورس الروسي بمداه الاقصى حوالي 4000 متر وميتس الروسي 2000 متر وذلك من خلال تمركزها على التلال الحاكمة والمشرفة على اغلب احياء ومداخل المدينة ومنها: كفرعامر شمالا والنمرود غربا والمرتفع 1320 شرق بقين – مضايا . 

– رفع وتيرة تنفيذ الكمائن الليلية وتشريكات العبوات الناسفة وخصوصا على الخط جنوب المدينة باتجاه سهل الزبداني ووادي بردى حيث تكثر نقاط  عبور وتسلل الارهابيين ليلا .

ان اهمية استعادة مدينة الزبداني ومحيطها وضرورة السيطرة عليها بالسرعة الممكنة لما لذلك من حاجة عسكرية وميدانية في معركة الجيش السوري و حلفائه بشكل عام، لا تستدعي باي حال من الاحوال التسرع والعجلة، بل يجب اعتماد المناورة الآمنة بالابتعاد قدر الامكان عن الاقتحامات المكشوفة والخطرة، وبتنفيذ التقدم والسيطرة على مواقع المسلحين من خلال عملية القضم التدريجي والثابت للتجمعات وللاحياء، وبتضييق الخناق عليهم من خلال سد كافة منافذ الدخول والخروج من والى بقعة العمليات لتنفيذ الحصار الكامل ومن خلال رفع مستوى الضغط الناري عن طريق زيادة وتيرة الرمي الفعال بالطيران وبالمدفعية وبالصواريخ وبالدبابات على كافة مراكز انتشارهم وتواجدهم، وهذه المناورة الآمنة وبالرغم من كونها تستهلك بعض الوقت الاضافي في التنفيذ، فقد تكون اكثر فعالية في تحقيق هدف المعركة التي يمكن ان تكون نهايتها باستسلام الارهابيين الذين سوف تضعف مع الوقت قدرتهم على المقاومة لاسباب متعددة .