زعم جيش الاحتلال الاسرائيلي إن قواته البحرية الخاصة تمكنت من الاستيلاء على سفينة إيرانية كانت تقوم بنقل اسلحة صاروخية سورية متطورة من إيران الى قطاع غزة. وقال المتحدث باسم الجيش إنه تم رصد حركة السفينة التي تحركت من سوريا ثم الى ميناء ام قصر العراقي ومنه الى ايران وفي طريق العودة الى ميناء بورسودان تم اعتراضها في المياه الدولية اعالي البحر الاحمر ومصادرة كميات من الاسلحة على متنها، من بينها صواريخ متطورة وذات مواصفات فعالة من صنع سورية.
سفينة الشحن “كلوس سي” كانت ترفع علم بنما ومحملة بكميات من الذخيرة وعشرات الصواريخ أرض أرض المتطورة من طراز “أم 302″ التي يبلغ مداها مائتي كيلومتر، حسب ادعاء جيش العدو، الذي أشار الى ان هذه الصواريخ المتطورة مصنوعة في سوريا، وهي في طريقها من إيران إلى قطاع غزة. وحسب المزاعم الإسرائيلية، كان من المفترض أن تُسلّم حمولة السفينة الى الفصيلين المقاومين في قطاع عزة: حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحركة الجهاد الاسلامي، وعرض العدو صوراً قال إنها لهذه الاعتدة والصواريخ المكدسة في عنابر السفينة.
هي ليست المرة الاولى التي تحصل فيها ضجة من هذا النوع على خلفية قيام إيران وسوريا أو حزب الله بإرسال أسلحة الى الفصائل المقاومة في فلسطين، وبالتأكيد لن تكون الوحيدة، ولـ”كلوسي سي” رفيقات أوصلت حملولات رست في قبضات المقاومين ومنها ما قرصن، ويبقى “الله وحده يعلم كم البواخر والشحنات المرسلة التي نجحت بالوصول إلى مقاومي فلسطين”.
قد تكون هذه الحمولة المقدّمة كـ”قربان” لا تعدو مجرد تمويه وعملية إشغالٍ للمخابرات الاسرائيلية من أجل افتداء شحناتٍ أخرى كانت ستُرسلُ في الوقت عينه، ورسالةٌ مفادها أن في غزة ترسانةٌ كبيرةٌ من هذه الصورايخ السورية، وإفهام العدو بشكل ملموسٍ وحسِّي أن نوعية الردع والقوة النارية التي بحوزة المقاومة الفلسطينية، والتي كانت شاهدةً على مجريات الحرب الاخيرة في غزة حصلت بالصواريخ السورية والتقنيات الايرانية المسلّمة للمقاومة هناك.
لم تنكر هاتين الدولتين يوماً، اي سوريا وإيران، دعم المقاومة في لبنان وفلسطين بل هو في سلم اولوياتهما رغم ما سبَّب ويسبب لهما هذا الدعم من إحراج بينهما وبين الدول التي يمرّ عبرها السلاح، وكذلك من عقوبات وضغوطات على المستوى الغربي وأحياناً العربي. وبغض النظر عن النفي الايراني الأخير لمزاعم العدو، يرى بعض المحللين انه جاء لرفع المسؤولية الدولية في ظل حديث بعض المؤسسات الأوروبية عن نيتها القيام برحلاتٍ بحرية إلى قطاع غزة لفكّ الحصار المفروض عليه.
ولكن لنسلم بأن مزاعم العدو صحيحة، فهذا يؤكد انه رغم كل التغييرات التي حصلت مؤخراً من “تقارب” ايراني امريكي، ومن علاقات متوترة بين دمشق وحركة حماس على خلفية موقف الحركة الداعم للجماعات التي تحارب الدولة والجيش السوري، لم يتزحزح إلتزام دمشق وطهران بدعم القضية الفلسطينية بالسلاح والسياسة، فهذا الدعم ليس مجرد كلام أو شعارات بل هو عند الايرانيين ثابتٌ وراسخ، وكذلك هو الأمر عند السوريين.
و”صحة” الشحنة تثبت انه رغم ما تعانيه القوات السورية من مصاريف حربية ومن ضغط هائل لمواجهة الازمة الداخلية عدا عن الجهد المخصص لمواجهة أي حربٍ اسرائيلية، نجد أنه على جدول اعمالها أيضاً صناعة صواريخٍ وإرسالها الى المقاومة الفلسطينية، وأنها في ظل هذه الظروف تقوم بهذا الفعل اللوجستي الصعب والمعقد، فكيف بها قبل بداية الأزمة والضغوط المفروضة عليها؟ ربما كانت الاسلحة والصواريخ تُرسل بشكل أكثر وبوتيرة أسرع.
مهما بلغ حجم الضغوطات التي تتعرض لها سوريا ومن خلفها إيران، يبقى هذا الامر مستمراً وناشطاً لأن الاولويات لا تتغير ولا تتأثر بشيء، والحرب المستمرة على سوريا منذ ثلاث سنوات والتي من أبرز أهدافها غير المعلنة منعُها من القيام بهذه الأفعال، لم تفلح في إرباك أو ثني دمشق عن دعم المقاومة، فكل الأمور حُسب حسابها مسبقاً: سنبقى نرسل الصواريخ للمقاومة التي تدافع عن أهلها في فلسطين وهدفها الأساس التحرير من البحر الى النهر.
ولكن المصيبة ان صح فعلا ما قالته “إسرائيل” فهل يسأل العرب أنفسهم لماذا إيران وحدها ومعها سوريا من تدعم مقاومةَ الشعب الفلسطيني، وأين هم من هذا الدعم، ولماذا تذهب أسلحةُ العرب وأموالهم وتكفيريوهم الى سوريا وليس الى فلسطين المحتلة؟. سؤال بالتأكيد لن يجد جوابا في اروقة ممتهني العار ومعتادي الخزي!!