الرئيسية / الاسلام والحياة / الفكر معيار فيمة الانسان – إن العقل يحكم بوجود يوم القيامة

الفكر معيار فيمة الانسان – إن العقل يحكم بوجود يوم القيامة

بل بصرف النظر عن الوعد الإلهي فإنّ على الله بحكم العقل أنّ يدفع بالإنسان في مراحل أخرى. فلو أنه ـ على سبيل الفرض ـ لم يكن هناك أنبياء يبينون الحقائق للناس ويخبرونهم بأمر معادهم، مع ذلك فإن كل من كان ذا فطرة سليمة سيستيقن أنه لن يُعدم بعد الموت. من أين يدرك ذلك؟ إنه يستدل من موجودات هذا العالم أنّ خالقاً حكيماً أوجدها، طبعاً لا يصدر عن الحكيم ما كان عبثاً لا طائل منه.

من جهة أخرى فلو كانت حياة البشر منحصرة بعالم المادة لكان ذلك ـ قطعاً ـ عبثا ولغواً. فأن الإنسان يأكل ويشرب، وينام ويقضي شهوته، ويغضب، ويقوم بالأعمال الأخرى ثم بعد ذلك ينعدم كلياً؟ إضافة إلى ذلك هناك من هو صالح وهناك من هو طالح.. هناك من هو ظالم وهناك من هو مظلوم. فلو لم يوجد دار جزاء فهذا يعني نقصاً في نظام العالم.. يعني عبثية عالم الدنيا.

الجزاء الدنيوي ليس عاماً:

طبعاً الجزاء الدنيوي الذي سمعتم به صحيح فهو يعني أنّ الإنسان يجازى على عمله في الدنيا، لكن ذلك ليس عاماً بمعنى أنه قد يجازى عدد محدود من البشر على أعمالهم في الآخرة إضافة إلى مجازاتهم عليها في الدنيا ولكن قد يكون جزاؤهم الدنيوي عليها مختصراً جداً، وقليلاً جداً بالنسبة للجرم الذي إرتكبوه.

أساساً هناك مجموعة من البشر أشقياء إلى حدّ، بحيث لا عذاب يصلح لمجازاتهم إلاّ العذاب الأخروي. في المقابل أعمال المحسنين هي الأخرى كذلك أي أنّ مجازاتهم بالإحسان إليهم في الدنيا ليست عامّة.

وبقطع النظر عن الآيات والأحاديث، فإن فطرة الإنسان تشهد أساساً على أنه لا بد من وجود عالم آخر وأنّ سيئّات كل فرد يجب أن توزن[1][6].

الهدف هو (أنّ عليه النشأة الأولى) تعني أنّ من المحتّم على الله أنّ يوجد النشأة الأخرى. ليس ذلك مختصاً بالدليل النقلى ولا هو أيضاً من باب إنجاز الوعد فقط، بل هو بحكم العقل والفطرة واجب أيضاً. وبإختصار إن العقل يدرك بأن الله عادل فهو أعطى كل فردٍ كلّ ما هو بحاجة إليه فلو سلّمنا بعدم وجود عالم جزاء فما هو مصير كل هذا الظلم الذي إقترفته يد الإنسان وما زالت تقترفه؟

نفخ الروح بعد إتمام الخلق:

بناءً على هذا فالنشأة الأخرى ـ عالم المثال والبرزخ أو عوالم القيامة على الله. يقول (الفخر الرازي) في تفسيره عن النشأة الأخرى:

النشأة الأخرى هي عبارة عن نفخ الروح في جسد الإنسان بعد إتمام خلق الجنين في الرحم وذلك بعد أن خلق الله تعالى الإنسان من التراب ثم من النطفة ثم من العلقة ثم من المضغة، ثم وجدت العظام ثم ألصق العظام باللحم[2][7]. وبعد أن إكتمل بناء الجسد في مدة أربعة أشهر… حينئذٍ خلقه خلقاً آخر فكان روحاً إنسانياً.

وهنا يقول: إنّ الأكثر ملاءمة أنّ نعتبر النشأة الأولى منذ إنعقاد النطفة وحتى إتمام خلق الجسد في الرحم، والنشأة الأخرى خلق الروح الإنسانية، لأن الآيات السابقة تتحدث عن خلق الجسد دون أن تأتي على ذكر الروح.

 
[1][6] (فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأُولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يجحدون) (المؤمنون/104).

 

[2][7] (ثم خلقنا النطفة علقةً فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين) (المؤمنون/15).

 

شاهد أيضاً

الفكر معيار قيمة الانسان – بالتفكّر تتكامل المعرفة الفطرية

بداية الدين الإلهي وأوّل دعوات الأنبياء ومناهج المذاهب الإلهية معرفة الله تعالى. أوّل نقلة فكرية ...