بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة والسلام على أشرف الخلق وأعز المرسلين سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين. نرحب بالسادة الحضور الكرام مهنئين إياهم بحلول هذا الشهر الشريف المبارك شهر الرحمة والمغفرة والرضوان.
للجهاد في الإسلام معنى وإطار يتسع ليشمل حركة الإنسان في حياته كلها على مستوى الفردٌ والمجتمع في مقاومة كل عناصر الشر وكل موانع الخير في هذه الحياة، وهو تعبير عن بذل أقصى جهد في سبيل الله، وليس القتال إلا أحد صور الجهاد، وهو وفق تعبير الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله ليس إلا الجهاد الأصغر، ثم جهاد النفس هو الجهاد الأكبر، لكن اعتاد المسلمون على استخدام تعبير الجهاد في التعبير عن فريضة الدفاع عن الإسلام ومقاومة العدوان بالقوة والسلاح، ومفهوم القتال في الإسلام مفهوم دفاعي ردعي وظيفته ردع العدوان وحفظ بيضة الإسلام، وهو مقرونٌ بشروط شرعية لا بد منها وبالتالي فليس هو عملا عشوائياً أو ابتدائياً عدوانياً.
وهنا المفارقة، المفارقة أن يتجاهل الغرب كل عنفه وكل عدوانه وكل إرهابه ـ وهو إرهاب دولٍ منظم و مسلح بكل أنواع الأسلحة الفتاكة ـ ويكبر الصورة عن عنف مجموعة من الأفراد هنا أو هناك ضاق بهم المجال عن المقاومة إلا باستخدام أنفسهم وأجسامهم
كسلاح، طبعاً لا يعني ذلك أن نغفل نحن كمسلمين عن توضيح معنى الجهاد الحقيقي وشروطه الحقيقية، وهو ليس مجرد رد فعلٍ عشوائي تلقائي نستدرج إليه دون تدبر وتفكير، الأمر الذي قد يضيع الصورة الناصعة للجهاد ويجعله أقرب لثقافة الموت والقهر كيفما كان وأينما كان، فلا بد من ترشيد هذه الفريضة المقدسة، وإيضاح بعدها القرآني الحقيقي، وهذا ما نستمع إليه مع فضيلة الشيخ مصطفى قصير تحت عنوان: “اطروحة الجهاد على ضوء القرآن الكريم”.
أما طبيعة النظرة القرآنية الإسلامية للأديان الأخرى، وماهية موقف الإسلام بصراحة، ربما تكون هذه النظرة يشوبها شيء من عدم الوضوح التام، الأمر الذي يحتاج لتبيانها وإيضاحها بشكل واضحٍ وصريح، إلى أي مدى يقبل الإسلام الآخر غير المسلم ويسمح له بحياة تراعي حقوقه وواجباته بعدالة وإنسانية؟
هذا الأمر طالما كان مثار تساؤل أو استنكار غير المسلمين، باعتبار أن أحكام أهل الذمة لا تراعي المساواة من وجهة نظرهم في الحقوق والواجبات الإنسانية، وكانت قد لفتتني مقالةً في صحيفة إنكليزية قبل عدة أشهر يقول فيها صاحبها إذا كان المسلمون يعتبرون أن أحكام أهل الذمة ممتازة وعادلة وإنسانية فلنطبق أحكام أهل الذمة على المسلمين في الغرب، ثم إذا كان الإسلام اعترف بأهل الكتاب من المسيحيين واليهود، فما هو حال الأديان الأخرى وهي تمثل تقريباً نصف سكان الأرض؟ ما حكم هؤلاء في الإسلام وفي دولة الإسلام وفقاً للأحكام الموجودة؟ فهل صحيح أن لا مكان لهؤلاء في دولة الإسلام وفي كيان الإسلام أو
في التعاطي مع غير المسلمين بطريقة تحترم إنسانيتهم؟ ما هو رأي الإسلام في الأديان الأخرى؟
هذا ما سنستمع إليه من فضيلة الشيخ مصطفى ملص تحت عنوان: “نظرة القرآن الكريم للأديان الأخرى”.
الحاج محمد شري