الرئيسية / القرآن الكريم / القرآن الكريم والصراع على الإسلام

القرآن الكريم والصراع على الإسلام

أطروحة الجهاد على ضوء القرآن الكريم – الشيخ مصطفى قصير1

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطاهرين.

“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ”(الصف/10-11).

تساؤلات واستفهامات

هناك إشكالية يطرحها الكثيرون على تشريع الجهاد تارة عن حسن نية وأخرى عن سوء نية:

لماذا شرَّع الله الجهاد في الإسلام؟

ألم يكن بالإمكان التخلي عن هذا التشريع؟

ألم يكن بالإمكان جعل الإسلام دين سلام ومحبة بدلاً من دين الحرب والقتال؟

ألم يكن بالإمكان نشر تعاليم الدين الإسلامي وإقناع الناس بها دون اللجوء إلى السيف؟

________________________________________
1- مدير عام المؤسسة الاسلامية للتربية والتعليم

وأمثال ذلك من الأسئلة التي تفترض معالجة موضوع الجهاد وفق الآيات القرآنية التي وردت في هذا الشأن.

مقدمات لا بد منها

وفي البداية، لا بد من الإشارة إلى الخدعة الكبرى التي يلجأ إليها الطواغيت، خاصة في العصر الحاضر، فإن أكبر دعاة الحرب وأكثرهم عدوانية وظلماً في العالم المعاصر يلبسون إعلامياً لبوس السلام، ويزعمون أن حروبهم العدوانية والتوسعية إنما هي من أجل السلام وفي خدمته، بينما نجدهم ينعتون المدافعين عن حقوقهم المشروعة والمقاومين لمشاريعهم العدوانية والتوسعية بالإرهاب والعدوان.

وقبل الدخول في عرض الآيات القرآنية لابد من تلخيص جملة مقدمات في نقاط:

أولاً: الأديان السماوية والأعراف البشرية في مختلف الأزمنة والأمكنة تعترف بحق الأفراد والجماعات والأقوام والأمم بالدفاع عن الأنفس والأموال إذا تعرضت للاعتداء والظلم، بل الدفاع عن الحقوق المعنوية كالحرية الفكرية والاستقلال والشرف والكرامة، وهم يبذلون في سبيل حمايتها الكثير من الغالي والنفيس.

والحرب الدفاعية الهادفة إلى دفع الظلم والعدوان واسترجاع الحقوق، وحفظ الاستقلال وحماية الأموال والأنفس، وصيانة الشرف، هي حرب مقدسة في نظر الدين والإنسان بشكل عام.

“فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ”(البقرة/191).

“أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ”(الحج/39).
ثانياً: العدوان مستقبح والظلم مرفوض، وقد جاءت الأديان الإلهية ومنها الإسلام لترفض ذلك وتحرر الإنسان من الظلم ولترسي دعائم العدالة الاجتماعية، وهذا أيضاً من المسلّمات.

“وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ”(البقرة/190).

ثالثاً: امتلاك القوة والسلاح والاستعداد لمواجهة الظلم المفترض والمحتمل من شأنه أن يحدث منعة وحصانة يحول في كثير من الأحيان دون تحقيق الظالم لأطماعه، بل ربما ردعته عن التفكير بالإقدام على العدوان، وعليه، فإن الإعداد والاستعداد إذا لم يدفع إلى العدوانية أمر مستحسن وضروري جداً.

“وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ…”(اأنفال/60).

رابعاً: عندما بُعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مكة المكرمة قضى ثلاثة عشر عاماً يدعو الناس إلى الإسلام وإلى عبادة الله ونبذ عبادة الحجر والبشر، وتعرض هو والذين آمنوا معه لأشد أنواع الاضطهاد والأذى حتى اضطر إلى الهجرة عن مكة دون أن يؤذن له بالقتال.
خامساً: إن أول آية شرعت الجهاد وقتال المشركين جاءت صريحة بأنها حرب دفاعية لمواجهة الظلم.

فقد قيل أن أول إذن بالجهاد كان في قوله تعالى:

“أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ..” (الحج/39-40).

وقيل أن أول آية في القتال هي قوله تعالى:

“وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ
يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ..”. (البقرة/ 190-191).

في الآية الأولى علّل الإذن بدفع الظلم، وجاء بعد أن أُخرِجوا من ديارهم واعتدي على أهم حق من حقوقهم وهو عبادة ربهم.

أما الثانية، فقد حصرت الأمر بالذين يقاتلونهم، الأمر الذي يجعل الحرب دفاعية بالكامل، وقد منعت من الاعتداء الذي هو قتال من لم يقاتل، وجاءت الآية التالية لتشير إلى أن القتال إنما هو لدفع الظلم واستعادة الحقوق.

 

– تتمة

شاهد أيضاً

القرآن الكريم والصراع على الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة والسلام على أشرف الخلق وأعز المرسلين سيدنا ونبينا محمد وآله ...