طال الحديث كثيرا عن ماسُمي “معركة الجنوب”، وعن تسخين المنطقة الجنوبية لجعلها “دويلة مصغرة” أو “جيب آمن” للميليشيات تنطلق منها بعمليات عسكرية لاستنزاف الحكومة السورية تمهيدا للوصول إلى العاصمة دمشق.
بدأت دفعات السلاح تصل إلى العاصمة الأردنية عمان من ممالك الخليج العربي ودول التآمر الغربي، كما بدأ الخبراء العسكريون الأجانب والأردنيون بفتح معسكرات تدريب في مراكز للقوات المسلحة الأردنية. تغيرت هيكلة ميليشيا الحر فتمت إزاحة رئيس الأركان سليم ادريس وعُين عبد الإله بشير النعيمي بدلا عنه .
وفعلا بدأت تحركات الميليشيات جنوبا بدءً من معركة “فجر الربيع”، تبعها تحركات على جبهة الجولان من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي التي وضعت نفسها في خدمة الميليشيات ونقلت جرحاهم إلى مشافيها وكانت زيارة نتنياهو لجرحى المسلحين إشارة قوية تنذر بالأكثر.
كما شنت الميليشيات هجوما بأعدادا كبيرة على سجن درعا المركزي وأطلقت سراح مئات السجناء والمحكومين، أعقبه ضربة جوية اسرائيلية لثلاثة مواقع للجيش العربي السوري.
كان هذا التحرك لجس نبض الجيش السوري الذي بدا متماسكا لا بل كانت “الجبهة الجنوبية” الأقل اهتماما بالنسبة له، على اعتبار أن أنظاره كانت متجهة نحو مناطق أخرى في “يبرود” و “الزارة” و “الحصن”، والتي حقق بها انتصارات ساحقة ومباغتة أذهلت الميليشيات وداعميها. وكونها جبهة “عسكرية” أساساً لقربها من العدو الإسرائيلي.
واعترف قادة المسلحين بهزائمهم بالمنطقة الجنوبية من خلال رسالة وجهها قائد “المجلس العسكري الثوري في درعا” العقيد الفار أحمد فهد النعيمي إلى رئاسة أركان ميليشيا الحر يشكو فيها انهيار معنويات المقاتلين، طالباً دعماً مالياً وعتاد عسكري لتحسين الحالة النفسية للميليشيات.
و أكد النعيمي في رسالته على استعدادات الجيش السوري في “الجبهة الجنوبية” حيث ذكر النعيمي في رسالته “بأن الجيش اتبع مؤخرا خطط عمل جديدة في حفر الانفاق وتأمين الطرقات وجمع المعلومات الاستطلاعية” مؤكدا ” أن الجيش لم يفاجىء بأي هجوم للميليشيات” معتبرا أن “هذا دليلاً على أن الجيش على علم مسبق بما يخطط له”.
ثقة الجيش السوري اربكت العدو، في “الجبهة الجنوبية”. بدا متمكناً منها باعتراف النعيمي نفسه و بدليل أنه حسم معارك في مناطق أخرى، في يبرود والحصن والزارة حيث انهار المسلحون أسرع مما كان متوقعا، كل هذا حدا بـ”الخط المعادي” لتغيير الخطة.
فما يحدث بالجبهة الشمالية الآن ما هو إلا عبارة عن محاولة لتغطية خسائرهم في القلمون وحمص، وتجاهل القيادة العسكرية لما أسموه “جبهة الجنوب”، فكان لابد من تسخين جبهة أخرى على مايبدو أنها سخّنت عليهم وليس لصالحهم هي “جبهة كسب”.