يفترض أن يكون انشغال حزب الله في مواجهة الجماعات الارهابية في سوريا ولبنان، مصدر اطمئنان لإسرائيل، على المستويين الشعبي والقيادي، لكن التقارير المتوالية التي تبثها وسائل الاعلام الإسرائيلية التي تعكس جزءا من الواقع تكشف عن حالة قلق تسود لدى مستوطني الحدود الشمالية، ولدى صانع القرار في تل ابيب. الاول مرعوب من أنفاق حزب الله، والثاني ما زال يواصل استعداداته ويتخوف من رد فعل حزب الله ازاء أي خطوة يبادر اليها. وهو ما ينعكس على أداء الجيش الاسرائيلي بالقرب من الحدود، بما فيها الدوريات الروتينية.
مع ذلك، تعكس حالة التوجس التي يشعر بها المستوطنون والاداء العملاني للجنود، عدم الثقة بقدرة الجيش الاسرائيلي على ردع حزب الله، ابتداء أو رداً، بالمستوى الذي يمنح المستوطنين الشعور بالامن والثقة على حد سواء. ويؤكد ايضاً أن قادة العدو ومستوطنيه يدركون أنه برغم الحدث السوري، ما زال حزب الله يضع قضية المواجهة مع اسرائيل على رأس سلم اولوياته.
وبالرغم من مضي عام على إعلان الجيش الاسرائيلي أنه ما من انفاق من لبنان باتجاه مستوطنة زرعيت، كشف موقع «واللا» العبري أن سكان المستوطنة القريبة من الحدود ما زالوا يحذرون من هذه المخاطر. وبحسب ادعائهم، فإن حزب الله يشهد حال تزخيم لعمليات تطوير مواقعه ومنشآته وبنيته التحتية بالقرب من منازلهم في الجانب الثاني من الحدود.
وبفعل هذه الرؤية، ركز تقرير «واللا» على حالة الخوف التي يشعر بها المستوطنون في الشمال، من أعمال البناء التي تشهدها الحدود اللبنانية الاسرائيلية. وبحسب تعبير التقرير برغم أن حزب الله «غارق حتى عنقه» في «الحرب الأهلية بسوريا، يبدو أنه لم يتخل عن نشاطاته على طول الحدود اللبنانية». ونقل التقرير عن ليئت كوهين، التي يشرف منزلها في زرعيت على الحدود، قولها إنه «لم يكن يوجد شيء على التلة مقابلة، ولكن دائماً هم يبنون ويبنون، حتى بالقرب من موقع الامم المتحدة».
ووصفت حزب الله بأنه «لا يهدأ ولو لحظة، والسؤال الكبير متى ستندلع الحرب المقبلة». من جهته، أشار شلومو ازولاي، ايضاً من مستوطنة زرعيت، الى منطقة محددة بأحجار الباطون على رأس الجبل المقابل، واوضح: «هذان الموقعان أنشأهما حزب الله في السنة الاخيرة، واحجار الباطون هذه تبدو تماماً كتلك التي وضعها الجيش الاسرائيلي في نقاط مختلفة على طول الحدود»، ولم يستبعد أن يكون حزب الله اخذها من المواقع التي انسحب منها الجيش الإسرائيلي من لبنان عام 2000.
مع ذلك، حاول التقرير أن يوجه رسائل مطمئنة للمستوطنين، مشيراً الى أن الجيش يتابع بحذر ما يحصل في الطرف الثاني من الحدود ويستخلصون العبر من اخطاء الماضي. وعلى هذه الخلفية لفت التقرير الى أنه قبل سنة شُق طريق بديل جرى تشخيصه كنقطة ضعف يمكن أن يكون مقاتلو حزب الله قد استغلوها من اجل تنفيذ عملية الاسر عام 2006. واضاف التقرير أن دوريات الجيش تقلل سيرها على المفترق الذي حصلت عليه العملية، وتستخدم طريقا بديلا يبعدها عن النقطة الاشكالية. وبحسب ما ورد في التقرير فإنه يبدو أن حالة التوجس لا تقتصر فقط على سكان المستوطنات، بل ما زال هاجس حزب الله حاضرا بقوة لدى المؤسسة العسكرية ضباطا وجنودا، برغم انشغاله بالمواجهة في سوريا، الامر الذي ينعكس على ادائهم العملاني الروتيني.
وفي السياق نفسه، اضاف التقرير أنه على طول مئات الامتار يمكن ملاحظة علامات تقدم سريع في البناء، في الجانب اللبناني، ووصف عمليات البناء بأنها تبدو بريئة لطابعها المدني، ولكنها تثير الشبهة وخاصة أن على معظمها هوائيات لاستقبال البث. وفي محاولة لتبرير هذه الشكوك، نقل عن سكان المستوطنات تشخيصهم لمبان محددة تثير الشبهات لديهم.
الى ذلك، اضاف التقرير أنّه بالرغم من أن القرار 1701 يمنع حزب الله من الدخول إلى المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني، إلا أنهم في الجيش يدركون أن مقاتليه يقتربون الى حد التماس من السياج الحدودي تحت غطاء رعاة أو مزارعين، وآخرون يحاولون الإندماج بين السكان المدنيين داخل القرى في جنوب لبنان. ونتيجة ذلك، نقل التقرير عن مصادر أمنية قولها أكثر من مرة ان قوات الامم المتحدة المسؤولة عن تطبيق القرار لا تعمل كما يجب.
المصدر: صجيفة الاخبار