الرئيسية / الاسلام والحياة / حقوق الإنسان في نهج البلاغة -تعليقات 4

حقوق الإنسان في نهج البلاغة -تعليقات 4

تعليقات الدكتور جبور

أشكر سماحة الشيخ على تعليقه الكريم على ما قلته وقد أجمل تعليقه في نقاطٍ ثلاثة:

فأما النقطة الأولى:

عن العلمانية، فلا خلاف لي معه عليها قلت العلمانية هي في المسيحية أولئك الذين لا يرتدون الثوب هناك رجال دينٍ يرتدون الثوب يدعون رجال دين “أكليروس”، وهناك من لا يرتدون الثوب وهم العلمانيون هذا هو المعنى الأصلي الأساسي للعلمانية إذاً هو أشار إلى هذا المعنى وأشار إلى معانٍ أخرى أخذتها الكلمة في أوقاتٍ لاحقة فمن العلمانيين من يفتخر بأنه متدين ومن العلمانيين من يفتخر بأنه ملحد لكن العيار الظاهري للعلماني هو أنه في المسيحية لا يرتدي الثوب الديني وحين نكون مع صاحب الغبطة “البطريرك أغناطيوس الرابع هزيم” بطريرك الروم الأرثوذوكس لبطراكية أنطاكيا وسائر المشرق نكون مجتمعين وقبل فترة كنا معه في لقاءه بفريق الحوار الإسلامي المسيحي فريق الحوار العربي الإسلامي المسيحي وهناك من الطائفة الشيعية الكريمة السيد هاني فحص يقول: نحن نجتمع الآن رجال دين وعلمانيين فإذن كلمة علمانية في المسيحية في أصل المسيحية هي دلالة على ثوبٍ معين يرتديه الإنسان وليست دلالة على مذهب فكري يذهب إليه فكر الإنسان.

النقطة الثانية:

عن الديمقراطية والعامة وكيف نجح الإمام علي بالديمقراطية أو فشل بها تلك نقطة هامة وتختص بالتاريخ الإمام علي عليه السلام إمام المستضعفين أمام الفقراء إمام الأتقياء الإمام علي عليه السلام تشعر به دائماً أنه مع الضعيف أنه مع العامة ضد الخاصة وتلك ناحيةٌ هامة في الديمقراطية أصل الديمقراطية في اللاتينية هي حكم العامة حكم الغوغاء إذا شئنا تلك اللجنة التي لم تعطِ للإمام حقه لم تمارس ديمقراطيةً حقة كانت من الخاصة التي ذمها الإمام ولم تكن ديمقراطيةً بالمعنى الذي نعرفه الآن عن الديمقراطية وبالمعنى الذي عرفه الإمام عن العلاقة بين الخاصة والعامة هو انتقد الخاصة وهي كانت من الخاصة فذلك أمرٌ ينبغي أن نهتم له هو في حماسته لرضا العامة يضع أسس الحكم الديمقراطي ذلك أمرٌ لا شك فيه وهو ظاهر في كثير بل وكثير جداً من نهج البلاغة ولا تعارض في نهج البلاغة مع هذا المذهب مذهب تفضيل العامة لكن هناك شيء وهو أنه ضد الخاصة وتلك اللجنة والظروف التي تم بها إقصائه عمّا هو حق له إنما تم بتدبير من خاصة وبطانةٍ انتقدهما هو دائماً في كلماته تلك ناحية هامة كيف نخرج الحكم على الواقع الحكم هو للديمقراطية والواقع هو أن ما تم لم يكن ديمقراطياً تلك الناحية ناحيةٌ يمكن لنا أن نتفق عليها.

الناحية الثالثة:

هي أصعب المراحل نقد النص كيف نتعامل مع النص.

أكتب الآن بحثاً فلسفياً أو أحاول أن أكتب بعنوان نقد النص
العظيم إمكانه وحدوده كيف يمكن لنا أن نتعامل مع النص العظيم ؟ لا أقول المقدس لأن بعض المذاهب والديانات ليس عندها مفهوم القدسية لكن هناك نصوصٌ عظمة كيف نتعامل مع النصوص العظمى ؟ ما هي إمكانات نقد النصوص العظمى ؟ وما هي حدود هذا النقد تلك ناحيةٌ هامة لا بد لنا إلا أن نقف عندها. النقد هو تيار حياتي أصيل إن لم ننتقد فمعنى ذلك أننا لم نبتكر أننا راضون عن كل شيء كان وفي الحقيقة فقد بينت يا فضيلة الشيخ أن للنقد حدوداً وأن النقد يمكن أن ينصب على فهمٍ معين لكلمة لكن أيضاً أريد أن أخوض معك في هذا هناك كلمة وردت في نهج البلاغة عند الشيخ محمد عبده طبعة مصر وورد غيرها في النصوص الأخرى هي كلمة المناقشة أو المثاقفة بعض النصوص تجعلها مناقشة أكثر مناقشة العلماء وبعض النصوص تجعلها مثاقفة فإذا كنا نستطيع أن ننتقد تركيب الكلمة الفيزيائي فنفضل مثاقفة على مناقشة أو مناقشة على مثاقفة نتيجة ترجيحاتٍ للنص القديم للمخطوط فمعنى هذا أننا بشكلٍ أو بآخر ننقد الرسم ثم الرسم له معنى فإذاً ننطلق في محاولة نقدنا للرسم تفضيلنا ننطلق إلى أحد المعاني على المعاني الأخرى كلمة مناقشة التي يوردها الشيخ محمد عبده لم تكن دارجة آنذاك كان دارجاً كلمة المثاقفة لعل الشيخ محمد عبده لم يعنى كثيراً بالنظرة في هل كان تاريخية كلمة المناقشة والذين كتبوا بعد الشيخ محمد عبده من أئمة الشيعة رجحوا كلمة مثاقفة على كلمة مناقشة إذا كنا نستطيع ترجيح كلمة على كلمة فمعنى ذلك أننا ندخل في مفهوم نقد النص نفسه حتى نستقر عليه أولاً لكن لا مانع عندي أن أقول أن النص
العظيم ينبغي أن يؤخذ بعظمته وينبغي أن يتوجه النقد إلى ذلك الفهم له الذي درج في فترةٍ زمنية معينة والذي لم يعد يصح أن يستمر دارجاً في فترةٍ زمنيةٍ مقبلة تلك إذاً خروجٌ من إشكاليات التعامل مع النص العظيم.

ثم أحب أن أذكر لكم حكايةً طريفة وطريفة جداً ولا أمل من ذكرها رغم أن فيها جانباً ذاتياً وتدل على قدرتي الخارقة فاسمحوا لي بشيءٍ من..”قبل عشر سنوات عام 1992 كان هناك سفير لألمانيا في المغرب وهذا السفير مسلم كان مسلماً واستمر مسلماً وعُيِّن سفيراً وهو مسلم وزوجته تركية واسمه “مراد هوفمان” ألف هذا السفير الأماني لدى المغرب كتاباً عنوانه: الإسلام كبديل يدعو به أوروبا إلى اعتناق الإسلام وأحب أن يروج لكتابه أحب الناس والمؤلف أن يروجا معاً للكتاب أرسلت له بعثةٌ تلفزيونية إلى مكتب سفير ألمانيا في المغرب أرسلت إلى المكتب أجرت معه مقابلةً في المكتب حين كان يجري المقابلة مع البعثة التلفزيونية أذن الظهر فبشكل عفوي فلنقل بشكل مفتعل لا أدري أحب سفير ألمانيا أن يمارس صلاة الظهر أمام عدسة التلفزيون فقام وصلى وسجد في مكتب سفير ألمانيا في المغرب ثم أن هذا الفيلم عرض على التلفزيون الألماني فقامت القيامة لعل منظر الصلاة في مكتب سفير ألمانيا في المسجد جعل الألماني العادي يتحسس أكثر للمذهب الديني الدين الذي يعتنقه هذا السفير فقامت المطالبات في ألمانيا تطالب بعزل السفير.

لماذا؟ هل لأنه مسلم ؟ لا.

نائبة رئيس مجلس الشعب قالت بما أنه مسلم فهو لا يستطيع أن يكون مخلصاً للدستور الألماني الدستور الألماني يساوي بين المرأة والرجل والشريعة الإسلامية لا تساوي بين المرأة والرجل
لذلك نحن لا نطلب إعفاءه من منصبه لأنه مسلم بل لأنه غير مؤمن إيماناً راسخاً بالدستور الألماني.

كان لدينا في دمشق سفيرٌ ألماني كنت معه على طاولة عشاء قلت له هل تعرف هذا الرجل ؟ قال نعم.هو صاحبي منذ الطفولة وهو منذ الطفولة لم يكن مؤمناً بالمسيحية كان يبحث عن دينٍ آخر ثم استقرَّ على الإسلام فهو ديبلوماسي ممتاز جديّ أحبه جداً لكن من المؤسف أنه سيعزل، وسيعزل قريباً قلت له تستطيع أنت أن تتسبب في عدم عزله قال أنا ! قلت له نعم بمساعدتي، قال كيف؟ قلت له ألست كاثوليكياً ؟ (وكنت أعرف أنه كاثوليكي) قال نعم قلت له ألم تتزوج أمام الكاهن؟ قال نعم، قلت له ألم يقل الكاهن لزوجتك أيتها الزوجة اخضعي لزوجك ؟ قال نعم قلت له زواجك مخالف للدستور الألماني كل الزواجات الكاثوليكية مخالفة للدستور الألماني نفس التهمة الموجهة إلى السفير.

في نهاية العشاء أتى إليّ وقال لي أنا لا أستطيع أن أقول هذا إلى “غنشر” فلماذا لا تقول أنت هذا إلى “غنشر” ؟

كنت آنذاك مستشاراً لرئيس مجلس الوزراء قلت له أنا أقولها لرئيس الوزراء “بول” ولا أقولها “لغنشر” أرسل لك رسالة وأنت تذكر ما دار بيننا وإلى آخره فأرسلت له رسالة ثم نسيت.
ذات يوم اتصل بي صباحاً باكراً وقال أسف إذ أتصل بك هذا الصباح أتصل بناءً على أوامر من حكومتي أنقل لك تحيات المستشار، وهو يقول بأن من واجبه أن يعرفك قبل غيره بأنه بعد ساعتين سيصدر بيان يثبت السفير في منصبه.

إذاً هناك قراءات للنص تختلف كانت المسيحية تميز ضد المرأة
وما تزال في أمور كثيرة واليهودية تميز ضد المرأة والآن تختلف بهذا وعلى كل حال تلك أمور أشكرك جداً إذ أثرتها فهي منعشةٌ للذهن ومشجعة للمثاقفة التي نصحنا بها الإمام علي وشكراً.

شاهد أيضاً

دراسات في نهج البلاغة

الإمام عليّ عليه السلام وإبطال قضيّة التشكيك ابن أبي الحديد المعتزليّ في شرحه للنهج حيث ...