نهاية العالم على الطريقة الأمريكية
إنتقلت في القرن العشرين الصهيونية المسيحية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ولا سيما بعد إنشاء دولة إسرائيل وتُرجمت بعض الآيات الدينية بعد أن حرفت تفاسيرها الروحية ترجمةً سياسية مباشرة صبّت بقوة في دعم دولة إسرائيل. واستخدم الصهيونيون المسيحيون الأمريكيون وسائل الإعلام الجماهيرية بشكل منقطع النظير لنشر أفكارهم وأوهامهم وأحلامهم ومعتقداتهم.
فإذا أخذنا على سبيل المثال، نهاية العالم كما تتصوره الصهيونية المسيحية، وجدنا فيه بعض الملامح التي ترافق الغزو الأمريكي الحاصل حالياً على العراق، وقبل ذلك، بعض الملامح ردّ الإدارة الأميركية الحالية على أحداث 11 أيلول 2001، وذلك بشن حملة إرهاب في العالم أجمع
تصدياً على حد زعمها للإرهاب الذي طالها.
هذا وإن نهاية العالم على الطريقة الأمريكية الصهيونية تستند شكلاً على بعض أسفار العهد القديم، كسفر حزقيال وسفر دانيال، ومن العهد الجديد على سفر رؤيا يوحنا، وتستنتج أن العالم كما نعرفه قد أشرف على النهاية، وأن ألفاً من السنين سيبدأ بعد هذه النهاية، وهو يتميّز بالسلام ووفرة الخيرات والأخوة بين الناس، وسيحل السلام بين الحيوانات أيضاً. العالم آتٍ إلى نهاية – حسب زعمهم – لا بفعل جنون جنرال أو سياسي يشعل الحرب النووية، بل لآن هذا هو قصد الله. نهاية العالم ليست مدعاة للقلق بنظر “الألفيين” لأنها تمهّد لمجيء المسيح الثاني، لكن قبل هذا المجيء على بعض الأحداث أن تقع، إنها “علامات الأزمنة”، أي تبشير العالم، وعودة اليهود، وإعادة بناء دولة إسرائيل، وظهور المسيح الدجال، وموجة من الصراعات . كل هذا يتوّج بمعركة (هرمجدّون) وهي قرية مذكورة في سفر الرؤيا، وتقع في شمال القدس حيث تُزَجُّ الأمم الكبيرة في معركة بين “الحق والباطل”، وعند اقتراب إفناء العالم، يظهر المسيح. وهناك أكثر من رواية تفصيلية لهذا الحدث الانقضائي، لا مجال لذكرها هنا، لكن المهم في هذا التصور الرؤيوي أن السلاح النووي يصبح عندئذٍ أداة لتحقيق مقاصد الله، وأنّ الميل إلى تفسير أحداث السياسة الدولية بمنظور “نهاية العالم” يصبح مشروعاً، لا بل ضرورياً، علماً أن دعاة الألفيّة مجمعون على اعتبار الشرق الأوسط مسرحاً للحرب، الكارثة المذكورة أعلاه.